2024-11-25 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

من يدير صهينة الأردن ؟

زينة أبو عناب
جو 24 : ظهرت في الآونة الأخيرة عدة أخبار عن ملفات تطبيع تهدد السيادة الأردنية وتجعل من الأردن وحياة الشعب الأردني رهينة أكبر المشاريع الاستعمارية في المنطقة: الكيان الصهيوني.

أبز هذه الملفات تتعلق بصفقات استيراد الغاز و”تبادل” الماء مع الكيان الصهيوني. كالعادة، في البداية نجد الموقف الرسمي خجولاً ومتخبطاً في إعلان مواقفه، فيلجأ إلى التمويه إلى أن “تستوي الطبخة”، ليطل علينا –نحن الشعب- بصفقات محسومة تضعنا تحت الأمر الواقع، شئنا أم أبينا.

ففي ملف استيراد الغاز الطبيعي من الكيان الصهيوني تحديداً، استجابت الحكومة الأردنية للأخبار المتداولة بهذا الشأن قبل قرابة ستة أشهر بالنفي وتوجيه إصبع الاتهام لشركة البوتاس العربية. توارى بعد ذلك موضوع استيراد الغاز على الساحة الرسمية الأردنية بينما استمر بين الصهاينة ليظهر قبل أيام ودون أية مقدمات، الإعلان في إحدى الصحف الأردنية عن أن عطاء استيراد الغاز استقر على “رجل أعمال أردني مرموق”! بتاريخ 18/8/2013.

لماذا يطالعنا المسؤولون في كل فرصة “للنفي” وعندما يصبح الأمر واقعاً لا نسمع منهم أية ضجة؟ ألا يستحق الأردنيون والأردنيات أكثر من سطر واحد في “الزواريب” لتوضيح حيثيات هذا الموضوع؟

إذا كانت الحكومة الأردنية تنفي نيتها استيراد الغاز من الكيان الصهيوني، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة البوتاس العربية، فمن الذي طرح العطاء الذي أرسي على هذا الأردني المرموق؟ من الذي طرح العطاء ولِمن طُرح وكيف؟ وهل كان هناك عطاء حقا أم أن رجل الأعمال المذكور لعب دور “الوسيط” لحين إتمام الصفقة بعيداً عن الأضواء.

الأردن يضع ترابه تحت تصرف شركة أجنبية

فبعد أن كانت ملكية شركة البوتاس العربية عربية بالكامل وكان الأردن يمتلك أكبر حصة أسهم فيها، أصبحت أكبر حصة من الأسهم مملوكة لشركة كندية عقب خصخصة جزء من حصة الحكومة في الشركة في عام 2003 (بنسبة تقارب ال28% للشركة الكندية مقابل ما يقارب ال27% للحكومة الأردنية). الإتفاقية الموقعة بين شركة البوتاس العربية والشريك الكندي أعطت الشريك الكندي حق ترشيح شخصيات لشغل أعلى أربعة مناصب في الشركة، بالإضافة إلى تسمية ثلاثة أشخاص لمجلس إدارة الشركة (من أصل ثلاثة عشر) .

إن صفقة استيراد الغاز من الكيان الصهيوني إنما هي استمرارية لنهج الخصخصة وسياسات السوق المفتوح التي أدت إلى بيع جميع مقدرات الوطن، وها هي تضعنا في “حضن” العدو الصهيوني. من السذاجة بمكان الاعتقاد بأن المسألة تبدأ وتقف عند هذه الصفقة بالتحديد، فهذه الصفقة بالضرورة تشكل خطوة مهمة في دفع الأردن إلى المزيد من التبعية، وهي خطوة سياسية بامتياز، الأمر الذي أكده السفير السابق للكيان الصهيوني في الأردن عندما قال أن فشل “اسرائيل” في تزويد الأردن بالغاز هو جزء من الفشل الأوسع لصانعي القرار في استغلال مصادر الطاقة لغايات سياسية واستراتيجية… “فما الثمن الذي يمكن أن نضعه للقيمة الاستراتيجية لتزويد الأردن بالغاز والماء؟”

ثم إن هذا المنزلق سيفتح حتماً أبواباً أخرى للتطبيع وللاعتماد على الكيان الصهيوني، وقد بدأت البوادر بالظهور بالفعل حيث ظهرت أخبار -غير رسمية- تؤشر إلى أن الأردن يبحث في استيراد الغاز من الكيان الصهيوني لاستخدامه في توليد الكهرباء. أي أن الأردن سيضع كهرباء أبنائه وبناته تحت رحمة الكيان الصهيوني! وهل من وقت أفضل من الوقت الحالي للاعلان عن هكذا مخطط! في ظل شبح رفع الأسعار الذي بات يلاحق كل مواطن ومواطنة جرّاء إملاءات صندوق النقد الدولي، يخرج صانع القرار –بوقاحة- ليعلم الشعب بأن الحكومة الحريصة على مصلحة المواطن/ة قد وجدت الحل، ويصبح الكيان الصهيوني هو المنقذ الأعظم!

فما هي استراتيجية الطاقة في الأردن (2007-2020) والتي لو تحققت كانت قد تصون مصالح البلد وسيادته؟ الاستراتيجية تطرح عدة بدائل، ومن ضمنها إنتاج الغاز من منطقة “حقل الريشة الغازي” شمال شرق المملكة، والتي تم الإعلان عن توقيع اتفاقية لاستخراجه مع شركة British Petroleum (صفقة أخرى حظيت بانتقادات جمة)، والتي من المفترض أن تعلن نتائج مرحلة “الاستكشاف والتقييم” نهاية هذا العام. فأين هي هذه النتائج؟ وما الداعي للاستعجال في صفقة استيراد الغاز من الكيان الصهيوني إذا كانت هذه النتائج قيد الإنجاز؟!

وأخيراً وليس آخراً، إن ملفات مثل ملف الغاز تفتح الباب أمام دول عربية أخرى للانخراط في مثل هذه المشاريع التطبيعية وبالتالي الانجرار بدورها للتبعية، بقيادة الشركات الأجنبية والعابرة للقارات، بدليل تصريح السفير السابق للكيان الصهيوني في الأردن: “لقد تم إيجاد توازن حرج في المصالح. إذا كان كل من الفلسطينيين واللبنانيين يمتلكون الغاز (حذو الشاطئ)، هل من المعقول أن يتم إنشاء ثلاثة أنابيب تصل للشاطئ؟ لقد تم فرض حالة يمكن من خلالها إيجاد بنية تحتية مشتركة حتى دون الخوض في أي محادثات بين الدول. يمكن لشركة أجنبية أن تتوجه للدول الثلاث المعنية وأن تخبرهم بأنها تريد أن توصل الغاز عبر أنبوب مشترك”.

تحالف السلطة مع رأس المال في إنتاج التطبيع المرفوض شعبياً

لقد ظهرت عدة أحداث تؤشر إلى الرفض الشعبي للتطبيع مع العدو الصهيوني، نذكر منها البيان الذي أصدرته عشيرة العبيدات عندما عيّن أحد أبنائها سفيراً لدى الكيان الصيهوني ، والبيان الذي صدر عن شباب عشائر الطيبة في إربد مؤخراً عقب نشر أخبار عن زيارة وفد صهيوني للقرية وإنشاء مدرسة فيها ممولة من مؤسسة “اسرائيلية” بالشراكة مع جمعية محلية . إنما هو التحالف بين السلطة وأصحاب المصلحة الاقتصادية الذي يفرض التطبيع مع الكيان الصهيوني والتبعية لحلفائه. إن اتفاقية وادي عربة وضعت حجر الأساس لتغوّل التطبيع في الأردن، لكنه التواطؤ بين السلطة في فرضها للسياسات النيوليبرالية، وبين أصحاب المنفعة الاقتصادية، الذي يترجم الاتفاقية على الأرض. فاستيراد الخضرة والفاكهة من الكيان الصهيوني مثالا واضحاً، المستفيد الأول والوحيد ليس المزارع الأردني ولا تاجر التجزئة “الخضرجي” ولا المستهلك، بل الشركة المستورِدة صاحبة الاستثمار، وبالتالي تجر الجميع إلى التطبيع.

عودة إلى “رجل الأعمال الأردني المرموق” الذي استقر عليه عطاء استيراد الغاز، لنلق نظرة سريعة على سيرته الذاتية: لقد سبق وأن شغل منصب سفير الأردن في الولايات المتحدة الأمريكية، ويشغل حالياً عدة مناصب في مجالس أمناء مبادرات ملكية ومؤسسات غير ربحية مرتبطة بالملكة، وهو عضو بعدد من الهيئات المنبثقة عن منتدى دافوس الاقتصادي الخ الخ… إلى جانب نشاطه في قطاع الأعمال طبعاً.

المشهد يتكرر. التحالف بين السلطة وأصحاب رأس المال تحت غطاء سياسات الخصخصة والسوق المفتوح لتغذية النهج الرأسمالي العالمي. التطبيع مع الكيان الصهيوني لا يمكن إلا أن يكون جزءا من هذه المعادلة.

(مجلة راديكال)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير