هل ثمّة ما يمنع من زيادة مقطوعة لمتقاعدي الضمان..؟!
جو 24 :
كتب موسى الصبيحي - نصّت المادة رقم (90) من قانون الضمان الاجتماعي بفقراتها الأربع على موضوع ربط رواتب التقاعد ورواتب الاعتلال بالتضخم أو بمعدل النمو السنوي لمتوسط الأجور أيهما أقل. وأن يبدأ هذا الربط عند إكمال صاحب الراتب سن الستين للذكر وسن الخامسة والخمسين للأنثى باستثناء راتب اعتلال العجز الكلي الطبيعي الدائم، وراتب اعتلال العجز الجزئي الطبيعي الدائم، وراتب اعتلال العجز الكلي الإصابي الدائم، وراتب تقاعد الوفاة الطبيعية، وراتب تقاعد الوفاة الناشئة عن إصابة العمل, فهذه الرواتب المذكورة يتم ربطها بالتضخم أو بمعدل النمو في الأجور عند استحقاقها، وبصرف النظر عن سن صاحب أي من هذه الرواتب.
معنى ذلك أن زيادة التضخم لا تشمل صاحب راتب التقاعد المبكر وصاحب راتب اعتلال العجز الجزئي الإصابي إلا عند إكمال صاحبيهما سن الستين للذكور وسن الخامسة والخمسين للإناث..!
إلى هنا والأمور واضحة وجليّة تماماً.. لكني أطرح سؤالاً من شقين:
الشق الأول: هل النص على ربط رواتب التقاعد بالتضخم يمنع أي زيادة أخرى مقطوعة للرواتب المستثناة من الربط وهي راتب التقاعد المبكر وراتب اعتلال العجز الجزئي الإصابي اللذين لم يكمل صاحبيهما سن الستين للذكر أو سن الخامسة والخمسين للأنثى..؟
الشق الثاني: هل تضمّن قانون الضمان ما يمنع من أي زيادة مقطوعة وغير منتظمة للرواتب التقاعدية..؟
في اجتهادي القانوني، وللإجابة على شقّي السؤال المطروح، أرى أن ربط الراتب التقاعدي بالتضخم المشروط بإكمال السن المذكورة (سن الشيخوخة) لصاحب راتب المبكر وصاحب راتب اعتلال العجز الجزئي الإصابي، لا يحول دون أي زيادة مقطوعة لهذين الراتبين أو لأي منهما سواء أكانت سنوية منتظمة تُقدّر بوقتها وظروفها، أو طارئة وغير منتظمة عند الضرورة وبما تقتضيه المصلحة العامة، ومن باب الإنصاف الذي يمكن تقديره بمعايير واضحة مثل أن تشمل الزيادة المقطوعة أو المنتظمة صاحب راتب المبكر أو العجز الجزئي الإصابي الذي لم يعد إلى سوق العمل من جديد. وأن يتم تصميمها بطريقة لا تكون محفّزة على عدم العودة إلى العمل.
أما ما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، فإن قانون الضمان الاجتماعي لم يتضمن أي نص يمنع زيادة رواتب متقاعدي الضمان زيادة مقطوعة في أي وقت، بحيث تُمنح وتُحدّد قيمتها بحسب المصلحة والهدف منها، وقد لا تكون هذه الزيادة موحّدة ومتساوية، وقد لا تشمل كافة رواتب التقاعد والاعتلال، كما قد تستهدف رواتب تقاعدية بسقف معين فقط، والحديث هنا عن زيادة مقطوعة كما قلت وغير منتظمة أو سنوية.
أما القول بأن المادة (90) من القانون التي نصّت على ربط رواتب التقاعد بالتضخم هي الصورة والآلية القانونية الوحيدة لزيادة رواتب متقاعدي الضمان، فلا أظنه يستقيم مع المنطق والعدل والمصلحة، لأن المادة المشار إليها نصّت على موضوع الربط السنوي بالتضخم، أي أنّ ما يُستفاد من النص هو إلزامية الزيادة السنوية المنتظمة والمشروطة بنسب التضخم أو معدل النمو بالأجور أيهما أقل وهذا النص يُفهم في سياقه الصحيح من ناحية الإلزامية أولاً ثم من ناحية انتظام الزيادة وسنويتها فقط، وقد تُحجب كما حصل في بعض السنوات السابقة لوجود نسبة تضخم بالسالب، وهذا في رأينا لا يمنع من أي زيادة مقطوعة، وغير منتظمة للرواتب التقاعدية، وينبغي أن يُفهم النص القانوني المذكور في سياقه الصحيح كما أشرت.
وفي اعتقادي فإنه إذا دعت الضرورة والمصلحة إلى زيادة رواتب متقاعدي الضمان أو شريحة معينة مستهدفة منهم زيادة مقطوعة طارئة مختلفة عن موضوع الربط بالتضخم، فلا يوجد أي مانع قانوني لذلك، ويستطيع مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي بصفته صاحب الولاية العامة في إدارة المؤسسة وبموجب صلاحياته المنصوص عليها في المادة (11) من القانون أن يضع ويُقرّ سياسة عامة تأمينية بهذا الخصوص.
بقي أن أشير إلى أن المؤسسة اتخذت قراراً في عام 2011 بزيادة كافة متقاعدي الضمان دون استثناء زيادة مقطوعة بقيمة (20) ديناراً شملت الجميع. وذلك بقرار من مجلس إدارة المؤسسة، وتم تغطيته بموافقة مجلس الوزراء، بالرغم من أن الربط بالتضخم كان معمولاً به بموجب القانون منذ عام 2010. علماً بأنني قدّمت مقترحاً بهذا الخصوص أكثر من مرة قبل عدة سنوات وأثناء عملي بمؤسسة الضمان إلا أن زملائي القانونيين كان لهم رأي مخالف..!
وعلى مجلس إدارة الضمان أن يقرر ويقدّر الزيادة المقطوعة التي يرى أنها تحقق العدالة ولا سيما لذوي الرواتب المتدنية والمحرومة من زيادة التضخم السنوية.