الحكومة وازدواجية المعايير
د. محمد تركي بني سلامة
جو 24 :
أعلنت الحكومة عن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا، وهذا سيكون مقدمة لرفع الأسعار محليا، علما ان الحكومة لا تبيع النفط وفق الأسعار العالمية، لا بل أعلى بكثير، والأمر من ذلك انه عندما ترتفع الأسعار في السوق العالمي، ترتفع الأسعار بشكل جنوني لدينا وخصوصا ان رفع اسعار المشتقات النفطية ينعكس على كافة السلع والخدمات في القطاع الاقتصادي ، ولكن عند انخفاظ اسعار النفط عالميا لاتنخفض اسعارها في السوق المحلي الا تعريفة او فلسات محدودة، اما بقية السلع التي ارتفع سعرها فنادرا ما تنخفض حتى لو انخفظ سعرها في السوق العالمي، ويبقى ملف الطاقة من أكبر الملفات التي تحاط بالغموض والسرية، وهذا موضوع لا يحتاج لمزيد من الشرح والتفسير، ويعلمه الجميع في الأردن ونعيشه حقيقة واقعة.
لكن بدورنا نود ان نذكر الحكومة انه من باب الشئ بالشئ، انه بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط عالميا، فقد ارتفعت مؤشرات ومعايير احترام حقوق الإنسان والمبادئ الأخلاقية التي تعد نموذجًا للسلوك البشري، وقذ تناقص عدد الانظمة الاستبدادية في العالم،. الانظمة التي عاندت ارادة التاريخ الإنساني ووقفت ضد مطالب شعوبها المنادية بالحرية والديمقراطية والحكم الرشيد ،وزاد عدد الدول الديمقراطية ، وانعكس ذلك عالميا على حقوق الإنسان وحرياته وكرامته ورفاهيته، واصبحت الغالبية الساحقة من سكان العالم، بإستثناء المنطقة العربية طبعا، تعيش في مجتمعات تسودها قيم الحرية والكرامة الإنسانية والمواطنة والعدالة والنزاهة والشفافية وتكافؤالفرص ورفض العنف والتميز، حتى ان مجتمعات في بعض الدول الأفريقية كانت قبل سنوات قليلة غارقة في التخلف والحروب والفقر والمجاعات حققت تقدم هائل في مؤشرات حقوق الإنسان وتقدمت على معظم الدول العربية منها رواندا على سبيل المثال.
وبناء على ماسبق، فإننا نطلب من الحكومةبمثل ما تعاملنا وفق معادلة الأسعار النفطية في السوق العالمية، ان تعاملنا وفق المعايير العالمية لحقوق الإنسان ، إذ من غير المنطق ان تتعامل الحكومة معنا بانتقائية وبمعايير مزدوجة، فنحن نعيش في عالم واحد، ونحن نعلم ان الحكومة تولي حقوق الإنسان اهتمام كبير وتعدها من اولوياتها وخصوصا انها عينت مؤخرا ناشطة في مجال حقوق الإنسان ومدافعة شرسة عن الحريات العامة ممثل للاردن في المرصد العربي لحقوق الإنسان ،كما أن الزيادة الحادة في انتهاكات حقوق الإنسان والاعتقالات التي شهدتها البلاد بالأمس بطريقة حضارية جدا ، ادلة دامغة على نهج الحكومة في تعزيز احترام حقوق الإنسان، و انسجام الحكومة مع المعايير العالمية.
ارتفاع أسعار المشتقات النفطية استجابة لأسعار السوق العالمي، و ازدراء وانخفاظ مؤشرات ومعايير حقوق الإنسان في البلاد باتجاه معاكس للتوجهات العالمية، معادلة ظالمة وغير مفهومة، ولكنها حتما وصفة مناسبة من أجل مزيد من التوتر والاحتقان والاحباط والكوارث ضد الضمير الإنساني والمواطن الأردني.