عطوان: وصول الخلايا الانتحارية الى مصر: التوقيت والاهداف والرسائل
عبد الباري عطوان
جو 24 : تواترت بيانات الادانة للعملية الانتحارية التي استهدفت اغتيال اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية المصري ونجا منها بأعجوبة من مختلف الاحزاب داخل مصر بما في ذلك حركة الاخوان المسلمين والجماعة الاسلامية المسلحة، ولكن هذا لا ينفي مطلقا خطورة هذه العملية على مصر وامنها واستقرارها ومستقبلها.
وصول العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة فأل سيىء بالنسبة الى النظام الحاكم، وظاهرة خطيرة ومرعبة في الوقت نفسه للشعب المصري ايضا، فمصر ومنذ التسعينات ظلت بمنأى عن اعمال العنف الدموي هذه، بعد المراجعات التي اجرتها حركات اسلامية متشددة مثل الجماعة الاسلامية والجهاد الاسلامي عبرت فيها عن ندمها على استخدام العنف، ومهاجمة السياح الاجانب، واهداف حكومية.
لم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن تنفيذ هذه العملية الدموية التي وقعت في قلب العاصمة المصرية، واستهدفت رجلا اشرف شخصيا، بحكم وظيفته، على تنفيذ خطة اقتحام البلدوزارات والعربات المصفحة لميداني رابعة العدوية والنهضة، لانهاء اعتصام مئات الالآف من انصار الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي اطاح به الانقلاب العسكري، وزج به خلف القضبان مع العشرات من قيادات حركة الاخوان المسلمين، وهو الاقتحام الذي انتهى بمجزرة سقط فيها اكثر من الف قتيل وثلاثة آلاف جريح.
توقيت هذا الهجوم لافتا للنظر لا يمكن تجاهله، او التقليل من اهميته، فقد تزامن مع قناعة بدأت تتبلور بأن الاوضاع الامنية والسياسية بدأت تستقر في مصر، وان احتجاجات حركة الاخوان المسلمين وانصارها تم احتواؤها من خلال استخدام القبضة الحديدية وفرض الاحكام العرفية وحظر التجول. وكأن من اقدموا عليه، او الذين يقفون خلفه ارادوا ان يوجهوا رسالة واضحة مفادها ان هذه الاجراءات اعطت نتائج عكسية تماما، بل اكثر خطورة.
الاستخدام المفرط للقوة ليس ضمانة للسيطرة على الاوضاع الامنية، وكسر شوكة المعارضة السلمية او غير السلمية، ولدينا الكثير من الامثلة في هذا الصدد في سورية والعراق وفلسطين المحتلة واليمن، وربما كانت الجزائر هي الاستثناء الوحيد، ولكنه استثناء كلف البلاد مئتي مليون قتيل وعشر سنوات من العنف الدموي، ولا نعتقد ان مصر التي لا يوجد فيها نفط او غاز، وانما عجوزات ضخمة في الميزانية السنوية تزيد 24 مليار دولار ودخل سياحي يعتمد كليا على الاستقرار.
الذين لجأوا الى الحلول الامنية لمواجهة الاعتصامات السلمية في مصر نسوا عاملي التاريخ والجغرافيا في مصر وجوارها، وان الحل الاقل تكلفة، والاكثر نجاعة هو الحل السياسي القائم على الحوار، فحركة الاخوان المسلمين التي تقبع معظم قيادات صفها الاول والثاني خلف القضبان تمتد جذورها في التربة السياسية والاجتماعية المصرية لاكثر من ثمانين عاما. ولعل وجود دول شبه فاشلة داخل مصر (سيناء) وجوارها الجغرافي مثل ليبيا وبدرجة اقل السودان (دافور)، وقطاع غزة، هو احد العوامل الرئيسية لزعزة الاستقرار.
نحن هنا لا نبرر هذه العملية الدموية المدانة والمستهجنة، ولكننا نشرح الاخطار التي تحيط بمصر ويمكن ان تعصف بامنها، ونطرح كيفية مواجهة الاخطار، والمخارج الاكثر امانا منها.
في ليبيا التي تسيطر على مساحات كبيرة منها جماعات اسلامية جهادية توجد ملايين قطع الاسلحة من كافة الانواع والاحجام تركها نظام العقيد معمر القذافي في مخازن مفتوحة للجميع بعد سقوطه، حتى ان البندقية الآلية الروسية (كلاشينكوف) تباع باقل من عشرين دولارا، علاوة على قاذفات (ار بي جي)، هذه الاسلحة جرى تهريبها الى مصر وسيناء وحتى قطاع غزة، كما ان طرق تهريب السلاح عبر الحدود السودانية المصرية سالكة ونشطة هذه الايام.
مصر تحتاج الى نهج مختلف، ونهج الحوار واتباع اقصى درجات الحكمة والتعقل، وعندما نقول الحوار فاننا نقصد الحوار مع الاسلاميين، وحركة الاخوان المسلمين على وجه التحديد، فاذا كان خصومها وفي التيار الليبرالي والمؤسسة العسكرية المصرية يتهمونها والرئيس مرسي باقصاء الآخرين بعد الفوز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ويعتبرون هذا الاقصاء من اسباب فشل حكمها، فان النظام المصري الحالي المدعوم من العسكر يرتكب الخطيئة نفسها، بل ويعززها باساليب القمع باشكالها كافة لمعارضيه السياسيين من الاسلاميين.
الشعب المصري شعب مسالم لا يميل الى العنف ويرفضه، ولكن هناك من يدفعون ببعض جماعاته التي تشعر بالظلم والقهر، وعودة النظام الديكتاتوري السابق من بوابة الانقلاب العسكري وحكومته وليس من نافذته فقط، الى اليأس والتهميش، باللجوء الى العنف بعد ان جرى استخدام العنف نفسه لفض معارضتهم السلمية.
وصول السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية الى مصر يجب ان تحدث حالة من الصحوة في اوساط النظام الحاكم من اجل اعادة حساباته، واجراء مراجعة جدية لبعض سياساته وممارساته، لكي تستخلص العبر والنتائج، ويتجنب مصير الانظمة والبدان الاخرى التي تغولت في استخدام الحلول الامنية ولم تجن من جراء ذلك الا قيادة البلاد الى اتون الحروب الاهلية.
وصول العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة فأل سيىء بالنسبة الى النظام الحاكم، وظاهرة خطيرة ومرعبة في الوقت نفسه للشعب المصري ايضا، فمصر ومنذ التسعينات ظلت بمنأى عن اعمال العنف الدموي هذه، بعد المراجعات التي اجرتها حركات اسلامية متشددة مثل الجماعة الاسلامية والجهاد الاسلامي عبرت فيها عن ندمها على استخدام العنف، ومهاجمة السياح الاجانب، واهداف حكومية.
لم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن تنفيذ هذه العملية الدموية التي وقعت في قلب العاصمة المصرية، واستهدفت رجلا اشرف شخصيا، بحكم وظيفته، على تنفيذ خطة اقتحام البلدوزارات والعربات المصفحة لميداني رابعة العدوية والنهضة، لانهاء اعتصام مئات الالآف من انصار الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي اطاح به الانقلاب العسكري، وزج به خلف القضبان مع العشرات من قيادات حركة الاخوان المسلمين، وهو الاقتحام الذي انتهى بمجزرة سقط فيها اكثر من الف قتيل وثلاثة آلاف جريح.
توقيت هذا الهجوم لافتا للنظر لا يمكن تجاهله، او التقليل من اهميته، فقد تزامن مع قناعة بدأت تتبلور بأن الاوضاع الامنية والسياسية بدأت تستقر في مصر، وان احتجاجات حركة الاخوان المسلمين وانصارها تم احتواؤها من خلال استخدام القبضة الحديدية وفرض الاحكام العرفية وحظر التجول. وكأن من اقدموا عليه، او الذين يقفون خلفه ارادوا ان يوجهوا رسالة واضحة مفادها ان هذه الاجراءات اعطت نتائج عكسية تماما، بل اكثر خطورة.
الاستخدام المفرط للقوة ليس ضمانة للسيطرة على الاوضاع الامنية، وكسر شوكة المعارضة السلمية او غير السلمية، ولدينا الكثير من الامثلة في هذا الصدد في سورية والعراق وفلسطين المحتلة واليمن، وربما كانت الجزائر هي الاستثناء الوحيد، ولكنه استثناء كلف البلاد مئتي مليون قتيل وعشر سنوات من العنف الدموي، ولا نعتقد ان مصر التي لا يوجد فيها نفط او غاز، وانما عجوزات ضخمة في الميزانية السنوية تزيد 24 مليار دولار ودخل سياحي يعتمد كليا على الاستقرار.
الذين لجأوا الى الحلول الامنية لمواجهة الاعتصامات السلمية في مصر نسوا عاملي التاريخ والجغرافيا في مصر وجوارها، وان الحل الاقل تكلفة، والاكثر نجاعة هو الحل السياسي القائم على الحوار، فحركة الاخوان المسلمين التي تقبع معظم قيادات صفها الاول والثاني خلف القضبان تمتد جذورها في التربة السياسية والاجتماعية المصرية لاكثر من ثمانين عاما. ولعل وجود دول شبه فاشلة داخل مصر (سيناء) وجوارها الجغرافي مثل ليبيا وبدرجة اقل السودان (دافور)، وقطاع غزة، هو احد العوامل الرئيسية لزعزة الاستقرار.
نحن هنا لا نبرر هذه العملية الدموية المدانة والمستهجنة، ولكننا نشرح الاخطار التي تحيط بمصر ويمكن ان تعصف بامنها، ونطرح كيفية مواجهة الاخطار، والمخارج الاكثر امانا منها.
في ليبيا التي تسيطر على مساحات كبيرة منها جماعات اسلامية جهادية توجد ملايين قطع الاسلحة من كافة الانواع والاحجام تركها نظام العقيد معمر القذافي في مخازن مفتوحة للجميع بعد سقوطه، حتى ان البندقية الآلية الروسية (كلاشينكوف) تباع باقل من عشرين دولارا، علاوة على قاذفات (ار بي جي)، هذه الاسلحة جرى تهريبها الى مصر وسيناء وحتى قطاع غزة، كما ان طرق تهريب السلاح عبر الحدود السودانية المصرية سالكة ونشطة هذه الايام.
مصر تحتاج الى نهج مختلف، ونهج الحوار واتباع اقصى درجات الحكمة والتعقل، وعندما نقول الحوار فاننا نقصد الحوار مع الاسلاميين، وحركة الاخوان المسلمين على وجه التحديد، فاذا كان خصومها وفي التيار الليبرالي والمؤسسة العسكرية المصرية يتهمونها والرئيس مرسي باقصاء الآخرين بعد الفوز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ويعتبرون هذا الاقصاء من اسباب فشل حكمها، فان النظام المصري الحالي المدعوم من العسكر يرتكب الخطيئة نفسها، بل ويعززها باساليب القمع باشكالها كافة لمعارضيه السياسيين من الاسلاميين.
الشعب المصري شعب مسالم لا يميل الى العنف ويرفضه، ولكن هناك من يدفعون ببعض جماعاته التي تشعر بالظلم والقهر، وعودة النظام الديكتاتوري السابق من بوابة الانقلاب العسكري وحكومته وليس من نافذته فقط، الى اليأس والتهميش، باللجوء الى العنف بعد ان جرى استخدام العنف نفسه لفض معارضتهم السلمية.
وصول السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية الى مصر يجب ان تحدث حالة من الصحوة في اوساط النظام الحاكم من اجل اعادة حساباته، واجراء مراجعة جدية لبعض سياساته وممارساته، لكي تستخلص العبر والنتائج، ويتجنب مصير الانظمة والبدان الاخرى التي تغولت في استخدام الحلول الامنية ولم تجن من جراء ذلك الا قيادة البلاد الى اتون الحروب الاهلية.