هل يكرر الاحتلال عملية "السور الواقي" بالتزامن مع ذكرى معركة "مخيم جنين"؟
جو 24 :
قال الخبير في الشأن العبري، عصمت منصور، إن مخيم جنين، (شمال الضفة الغربية)، "تحول إلى بؤرة جذب لكل المقاومين والمسلحين من كافة الفصائل، واكتسب رمزية وقوة مثال ونموذج يغري بالمحاكاة، والأهم أنه يظهر ضعف السلطة، وفقدانها للسيطرة".
وأضاف منصور لـ"قدس برس"، أن "نموذج مخيم جنين، وحالته هذه، وتصديه لكل اقتحام، تجعله يشكل معضلة أمنية ومعنوية، بحيث يصعب السكوت عليها والظهور بمظهر العاجز أمامها، كما أنها لا تعطي مسوغاً كافياً لشن حرب ضده، وكل هذه الأسباب تدفع بعض العسكريين والسياسيين الصهاينة إلى الدعوة لشن حملة (سور واقي 2) تستهدف مخيم جنين".
ويشير منصور إلى حالة الضعف التي تمر بها الحكومة الإسرائيلية، وفقدان رئيسها للقوة الحزبية (خمسة مقاعد في الكنيست) والسياسية لاتخاذ قرارات بحجم الدخول في مواجهة أو عملية سياسية، وعدم تجانس ائتلافه، وانعدام الخبرة السياسية لديه، وانقسام المجتمع على نفسه (شارون وحّد وحشد الشارع والتحركات والإعلام حوله قبل شن السور الواقي)، لمثل هكذا سيناريو.
ويلفت منصور الانتباه إلى العامل الأخير الذي يعتبره الأهم، وهو عدم وجود برنامج أو مشروع سياسي أو استراتيجي، يمكن للاجتياح أن يخدمها، وأراد شارون من خلال السور الواقي إعادة صياغة الواقع وإنهاء أوسلو على الأرض، وإنهاء السلطة بالطريقة التي كان يقودها (الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات) أبو عمار، وإعادة إنتاجها بصورتها الحالية.
حويل: حكومة الاحتلال تبحث عن أصوات الناخبين بدمنا
بدوره لا يستبعد القيادي في حركة "فتح"، جمال حويل، أن يعيد الاحتلال ما فعله سابقاً قبل عشرين عاماً، وخاصة أمام حكومة إسرائيلية مفلسة، تبحث عن شراء أصوات الناخبين، عبر دماء أبناء شعبنا في مخيم جنين.
وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح لـ"قدس برس"، إن على الاحتلال أن يفهم طالما استمرت معاناة أبناء شعبنا، فإن المقاومة ستستمر، وما دام الأفق السياسي مغلقاً والأوضاع الاقتصادية سيئة، فإنهم مستمرون بحمل البندقية حتى العودة لأرضنا".
وأضاف أن "الاحتلال يمارس إرهابه من العام 1948 وحتى الآن، وفي كل مكان في بلدنا يستمر هذا الإجرام، وأهل مخيم جنين يقولون ليس لدينا لا بترول ولا مال ولا ثروات طبيعية، لكن لدينا العزة والكرامة وسنقف مع كل مظلوم وجريح ليس في فلسطين وحدها، بل في كل العالم".
ويرى حويل أن الاحتلال على مدار 30 عاماً من مشروع التسوية، "قدم الخداع والوهم للشعب الفلسطيني، وأن مشروع أوسلو (اتفاقات التسوية بين منظمة التحرير والاحتلال عام 1993) أثبت فشله، ولم يقدم لنا إلا نهب المزيد من الأرض، وارتكاب المزيد من المجازر واعتقال عدد أكبر من الأسرى، والاحتلال يماطل من أجل كسب الوقت وبناء كيانه المسخ".
العقاد: التنسيق الأمني يمهد للاحتلال ما يقوم به
من جهته، يقول المحلل السياسي، عبد الله العقاد، إن الاحتلال مستمر في عملياته العسكرية ضد مخيم جنين، ولم يتوقف عنها منذ اجتياح المخيم قبل عشرين عاماً وحتى اللحظة، وربما الأبرز الآن هو التنسيق الأمني الذي يمهد للاحتلال ما يقوم به ويسهل له مهماته.
ويضيف العقاد لـ"قدس برس"، أن إجرام الاحتلال لا يترك خياراً أمام الشعب الفلسطيني إلا مقاومة هذا الاحتلال، وعملية السور الواقي لم تنتج له أي شيء وخلال هذا الاجتياح عام 2002، حصلت عمليات عسكرية كبيرة، ولكن ما أنتجته فعلياً هذه العملية، هو خلق واقع جديد يخدم أهداف الاحتلال وهو منظومة التنسيق الأمني.
ويتوقع أنه "بسبب قوة العنفوان الثوري، وإصرار المقاومين على حمل السلاح والتصدي للاحتلال، فشلت منظومة التنسيق الأمني في القضاء على مخيم جنين، كما فشل شارون سابقاً، ولهذا عاد الحديث والتحريض بشكل كبير على هذا المخيم".
ويشير العقاد إلى أن ما يقلق الاحتلال أكثر هو "حساسية العلاقة بين شقي الوطن الفلسطيني، ويخشى استباحة مخيم جنين كما فعل سابقاً بسبب غزة ومقاومتها، التي هددت على لسان الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، بعدم ترك المخيم وحيداً في معركته مع الاحتلال، وهذا ما تشير إليه التصريحات الحالية لكل قوى المقاومة في القطاع".
يذكر أنه توافق في هذه الأيام الذكرى العشرين لعملية اجتياح مخيم جنين، والتي بدأت من 1 نيسان/ أبريل، أطلق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرئيل شارون، اسم عملية "السور الواقي"، والتي استمرت عشرة أيام، واستشهد فيها 58 فلسطينياً وقتل 14 جندياً إسرائيلياً، واعتقلت قوات الاحتلال العشرات وهدمت أعداداً كبيرة من المنازل.