ماذا يعني "ذبح القرابين" في المسجد الأقصى؟
منذ بداية شهر رمضان المبارك، تكثفت دعوات واستعدادات "جماعات الهيكل" المزعوم وحاخاماتها لتقديم ما يسمى "قربان الفصح" داخل المسجد الأقصى المبارك مساء يوم الجمعة المقبل الموافق 14 رمضان، ورصد مكافآت مالية لمن يتمكن من إدخاله من المتطرفين.
وتصر الجماعات المتطرفة على إحياء طقوس "القربان"، كونها تشكل إحياءً لـ"الهيكل" المزعوم، فماذا يعني "ذبح القرابين" في المسجد الأقصى؟، وما أهمية مثل هذه الخطوة بالنسبة لتلك الجماعات؟.
ومنذ عام ٢٠١٤، و"جماعات الهيكل" المتطرفة تعمل على الإحياء العملي لطقوس "القربان" داخل المسجد الأقصى، وتجري تدريبات عملية لتحقيق ذلك.
ووفق تعاليم هذه الجماعات، فإن" القربان يجب أن يذبح عشية عيد الفصح في الرابع عشر من نيسان/أبريل العبري الذي يوافق مساء يوم الجمعة الرابع عشر من شهر رمضان، وأن ينثر دمه عند قبة السلسلة التي يزعم المتطرفون الصهاينة أنها بنيت لإخفاء آثار المذبح التوراتي".
إحياء معنوي للهيكل
وبحسب المختص في شؤون القدس زياد إبحيص فإن" القربان هو الطقس اليهودي المركزي الأهم، الذي اندثر باندثار الهيكل، بحسب الزعم التوراتي، وحينما اندثر الهيكل، اندثرت معه تقديم القرابين، وخسرت اليهودية هذا الشكل من العبادة القربانية".
ويضيف أن" إحياء طقس القربان يشكلّ إحياءً معنويًا للهيكل بالتعامل مع الأقصى، باعتباره قد بات هيكلًا حتى وإن كانت أبنيته ومعالمه ما تزال إسلامية".
وخلال سنوات ماضية، قدمت تلك الجماعات طلبًا عبر محاكم الاحتلال لإحياء "طقوس القربان" في المسجد الأقصى، فتتلقى رفضًا لذلك، خشية من انفجار الأوضاع.
لكن اليوم بات معظم حاخاماتها ونشطائها مقتنعين بأن" الوقت قد حان لتقديم القربان في المسجد الأقصى بعد المسيرة الطويلة من المحاولة عبر المحكمة منذ عام 2010، والإحياء العملي لطقوس القربان في عدة أماكن حول الأقصى منذ 2014."
وتعمل مجموعة "السنهدرين الجديد" على تقديم "القربان"، وإعادة إحياء سلطة الحاخامات القيادية بإحياء "مجلس القضاة" المسمى "السنهدرين" بحسب الوصف الديني.
وأكد حاخامات "السنهدرين الجديد" أن وقت أداء "قربان الفصح" في المسجد الأقصى قد حان، ولم يعد يحول دونه شيء.
ويعد زعيم حركة "العودة إلى جبل المعبد" المتطرف رفائيل موريس من "صقور جماعات المعبد"، ويتزعم التيار المنادي بفرض كامل الطقوس بالمسجد الأقصى، وهو يحاول مع جماعته تهريب سخل (صغير الماعز) إلى المسجد في كل عام لذبح "القربان" فيه.
وضمن جهود تلك الجماعات لتعبئة أعضاءها وجمهورها لتقديم "قربان الفصح"، أدى مستوطنون من مدرسة "جبل الهيكل" التوراتية الخميس الماضي ولأول مرة طقوس "بركات الكهنة" بشكل جماعي وعلني مقابل البائكة الشرقية داخل الأقصى.
مرحلة التنفيذ
المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي يقول لوكالة "صفا" إن إدخال "قرابين الفصح" للمسجد الأقصى يمثل بالنسبة للجماعات المتطرفة آخر مرحلة من مراحل التهيئة المعنوية لبناء "الهيكل" المزعوم فوق أنقاض المسجد، وبعدها تأتي عملية التنفيذ الفعلي.
ويوضح أن إدخال "القربان" يعني انتقال الجماعات المتطرفة من المرحلة النظرية إلى العملية، وهذا ما يشكل خطورة واعتداءً كبيرًا على المسجد الأقصى.
ويضيف "شهدنا خلال السنوات الأخيرة عدة محاولات من المتطرفين اليهود لإدخال القرابين للأقصى أو اقترابها من بواباته، لكن كلها فشلت أمام يقظة أهل القدس وحراس الأقصى".
ويشير إلى أن الاحتلال يعي تمامًا أن مجرد الاقتحام والاعتداء على الأقصى يشكل مساسًا واعتداءً على المسلمين وعقديتهم ومقدساتنا.
وبحسب الهدمي، فإن تطوير الجماعات المتطرفة اعتداءاتها على المسجد المبارك أمر خطير يُهدد أمن القدس والأقصى، فهي تحاول تحويله إلى "مقدس يهودي"، وفرض وقائع جديدة فيه.
محاكاة سابقة
وخلال العام 2014، قُدمت "جماعات الهيكل" القربان في قرية لفتا المقدسية المهجّرة، وفي عام 2015، جرى تقديمه في مستوطنة "شيلو" شمال شرقي رام الله.
وفي عام 2006، قُدمت القرابين في منطقة جبل الزيتون شرقي القدس.
وأما في 2017، فقُدمت عند ما يُسمى "كنيس الخراب" في حارة المغاربة بالبلدة القديمة.
وفي عام 2018 عند القصور الأموية الملاصقة للسور الجنوبي للمسجد الأقصى.
وفي العام 2019، قُدّمت في البلدة القديمة بالقرب من سوق اللحامين المطل على الأقصى، فيما قُدمت بعام 2021 في أحد الكُنس القريبة من حائط البراق.
والاثنين الماضي، نفذت "جماعات الهيكل" محاكاة لـ"تقديم القربان" في منطقة القصور الأموية الملاصقة للأقصى.
وفي تصريح سابق لوكالة "صفا"، قال المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب إن "خطورة إدخال قربان الفصح إلى داخل الأقصى تعني إعادة بناء الهيكل معنويًا في أذهان اليهود المتطرفين، ولو كان بشكل غير رسمي".
وأضاف أن "الجماعات المتطرفة بعدما بدأت بالاقتحامات وأداء صلوات علنية وتقديم بعض الطقوس التلمودية داخل الأقصى، تسعى اليوم إدخال القرابين، تمهيدًا لبناء الهيكل المزعوم تدريجيًا في المسجد، لتطويع الفلسطينيين والأمة وكأنه أصبح شيئًا عاديًا".