ملفات أردنية ثقيلة بالتزامن مع عيد الاستقلال..
حسين البنا
جو 24 :
كتب د. حسين البناء *
يواجه الأردن اليوم أربعة تحديات حقيقية ليس من السهل تجاوز آثارها السلبية، الأمر الذي يُلزم الجميع بتوحيد الموقف والرؤية بما ينسجم مع المصلحة الوطنية، والترفّع عن الصغائر والشعبويات، وهي:
1- درعا والجنوب السوري وإحلال (مجموعات إيرانية وميليشيات موالية وفرق عسكرية شبه نظامية) في مكان القوات الروسية المنسحبة لحرب أوكرانيا: هذا يشكل اضطرابًا أمنيًا لمسه الجميع بالاشتباكات الأخيرة مع المهربين على الحدود.
المدخل للتعامل مع هذه الإشكالية يتمثل بمخاطبة الأشقاء في دمشق مباشرةً وبقلب محب منفتح، لعرض المخاوف الأردنية وآلية ضبطها بالتعاون مع السلطات السورية، ضمن صياغة رؤية جديدة لأطر التعاون والانفتاح والانضباط بين البلدين وتجاوز الأحداث والتجاذبات منذ 2011.
2- إسرائيل وتهربها من الحل النهائي ضمن رؤية حل الدولتين وتحميل الأردن مسؤولية التصعيد في القدس، كمدخل لتسويق حل الدولة الثالثة، أي الأردن، وترحيل عبء حل القضية على الأردن كمهرب لطروحات حل الدولة الواحدة التي تجعل تل أبيب تحت رحمة الديموغرافيا العربية هناك.
لا يبدو أن هيكل السلطات وإفراز الديمقراطية الإسرائيلية قادر على تقديم نموذج رسمي يمتلك القدرة والجرأة على التعامل مع التزامات الحل النهائي ومقاومة الضغط الشعبي واليميني الذي لا تَظهر جديته في تداول أطر الحل، بمقدار ما يهتم بإلقاء العبء على الأردن كطرف ثالث، الأمر الذي يهدد الأردن ومصالحه.
قد يكون مفيدًا الانفتاح على الراعي الأمريكي وطرح هذه المخاوف عليه، ولكن في حالة الاستعصاء والتعنت وعدم تقدير الموقف من منظور مصالح جميع الأطراف فإن الذهاب بعيدًا لإشراك الأتراك والإيرانيين والصينيين والروس بات طرحًا بديلًا.
3- ارتفاع كلفة النفط ومشتقاته والقمح بعد تبعات الحرب الروسية في أوكرانيا، الأمر الذي سيفاقم فاتورة المستوردات بالدولار، وسيحمّل المستهلك كلف إضافية لتدبير معيشته البائسة أصلًا.
قد يكون إطلاق مشروع وطني لزراعة المناطق شبه الجافة بالحبوب مدخلًا عمليًا لمواجهة أزمة القمح. كما أن التوسع في توليد الطاقة الكهربائية من الخلايا الكهروضوئية واعتماد السيارات الكهربائية كبديل كامل للسيارة التقليدية لهو طرح مؤثر وجاد.
4- الوضع الاقتصادي الحرج والمتمثل بالمديونية المتعاظمة، البطالة المرتفعة، واهتراء البنى التحتية، وتردّي خدمات الصحة والتعليم العامين، وتعاظم الفساد وسوء الإدارة.
لا بد من تعزيز المشاركة الشعبية الحقيقية، لتجعل الناس يتحملون تبعات قراراتهم والالتزام بها، ولتحقيق قيمة المواطنة والتمكين ينبغي وضع الجميع وبشفافية أمام الحقائق والتحديات، واعتبار أن الديمقراطية هي المدخل الفاعل للإصلاح الاقتصادي، ولا بد من إعادة هيكلة الإنفاق العام بما يخدم صيانة البنية التحتية والفوقية، ويخدم الصحة والتعليم.
توجيه البوصلة الوطنية اليوم بات ضرورة في ظل هذه التحديات التي يجب تجاوز أثرها الوجودي والحيوي على الدولة، وهنا ينبغي تجاوز المصالح الفردية الضيقة والشعبويات والجهويات الأنانية.
* أكاديمي وكاتب بالاقتصاد السياسي