عملية رأس الاخطبوط ، توريط للاردن ودول عربية في حرب لا ناقة لهم بها ولا جمل
باسل العكور
جو 24 :
"رأس الاخطبوط" عملية عسكرية تطلقها الولايات المتحدة لخدمة ربيبتها اسرائيل في هذا الجزء المبتلى من العالم ،هذه العملية العسكرية ليست عملية تقوم بها الولايات المتحدة و حلفاؤها فقط ، ليست عملية لحلف الناتو فقط ، ليست عملية يشارك بها الداخلون في التحالف مع الناتو فقط ،ليست عملية تشارك بها دول عربية استخباراتيا او جزئيا ، هي عملية ستنفذها دول عربية مع اسرائيل بغطاء امريكي ضد ايران ..
الاردن - كما نشرت وسائل اعلام غربية- سيكون طرفا اساسيا في هذا الحلف الجديد الذي يضم اسرائيل او تقوده اسرائيل ،ونحن نعلم انها -اي اسرائيل- كانت وراء المذكرة التي وقعها اعضاء من مجلس الشيوخ الامريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لبدء الاستعدادات لحرب ايران من خلال توظيف دول المنطقة لتكون قواتها وشعوبها وارضيها وقودا لهذا الصراع الذي لا يخدم الا اسرائيل ومصالح الغرب في المنطقة ، اعضاء مجلس الشيوخ ماضون في وضع " قانون الدفاع ضد ايران" ، وهذا القانون يحدد كل ما يتعلق بهذا التكتل الجديد ، وادوار كل طرف ..
مصر والعراق وبعض دول الخليج العربي الى جانب الاردن ، سيدخلون حربا لا ناقة لهم بها ولا جمل ، حربٌ الهدف منها القضاء على اخر قوة اقليمية قادرة على مواجهة اسرائيل او للدقة مضايقة اسرائيل ، بعد تحييد مصر و الاجهاز على قوة العراق وسوريا واخراجهما من اللعبة بشكل نهائي ، وبعد ايران طبعا سيأتي دور تركيا ، وبذلك يصبح الكيان المحتل هو القوة الاكبر والابرز ، وعندها فقط تنعدم فرص مواجهة شذوذهم وجنونهم ووحشيتهم و مشروعهم الاحلالي الاستعماري الكولنيالي.
اسرائيل تريد كل شيء، تريد ان تهيمن على المنطقة ، ان تفكك فرص نهوض هذه الامة قبل ان يتبرعم الامل وينمو ويكبر ليشكل خطرا على وجودهم الطارئ غير الشرعي على ارض فلسطين ، لا سيما انهم يعرفون في قرارة انفسهم انهم كيان مأزوم ، لن يكون جزءا اصيلا من المنطقة ، هو كيان لديه ازمة اخلاقية عميقة ، وعقدة نقص قاهرة ، تدفعه للاستخدام المفرط و الوحشي للقوة في مواجهة الاسئلة الاخلاقية التي يطلقها طفل صغير، او سياسي اوروبي كبير قد تحرر من قيود يفرضها عليه المجتمع ،واظهر استعدادا لدفع الكلفة الباهظة لهذا الموقف الانساني النبيل . هو كيان طفيلي مأزوم يعتمد على امريكا لحل مشاكله المستعصية ، وضمان امنه واستقراره ، ويبدو ان هذا المشروع وهذه الرؤية - عملية رأس الاخطبوط - تصب في هذا السياق ايضا ..
قادة الكيان المحتل ، وضحوا الغاية من هذه العملية ، حيث اكدوا ان ضرب اذرع ايران في المنطقة لم يعد مجديا ، وعلى العالم ضرب رأس الاخطبوط الذي يمد هذه الاذرع بالقوة ..وهي ذات الرؤية التي انطلق منها اعضاء مجلس الشيوخ ، وها هم يفرضون هذا المشروع على الادارة الامريكية التي ستعقد عدة لقاءات في المنطقة منتصف الشهر القادم للمضي قدما في هذا المشروع الكارثة .
صحيح ، لدينا مشكلة مع ايران ، فلقد باتت قواتهم المتحالفة مع النظام السوري على مسافة مرئية من الحدود الاردنية ، وهذا امر غاية في الحساسية ، و الجيش الاردني قادر على التصدي لهذا الخطر المحدود وحماية حدودنا ومصالحنا وقد فعلها عشرات المرات منذ اندلاع الازمة السورية ، لسنا بحاجة لاستعداء اي طرف اقليمي ، وخاصة اننا نواجه تاريخيا ومنذ احتلال الاراضي الفلسطينية في العام ١٩٤٨، خصما قذرا ، يتعامل معنا كتهديد ، ويرى بزوال نظامنا حلا ومخرجا لبقاء واستقرار نظامه.
واضح ان الاردن الرسمي لا يعارض هذا المشروع ، وهناك من اخذ يروج له ، ولكن يبقى هنا ان نسأل انفسنا السؤال التالي : اليست اسرائيل هي الخطر الاكبر على امن واستقرار الاردن و المنطقة ؟! ما الذي تغير اليوم ؟! كيف سنتحالف مع عدونا ، وسنقف معه في صف واحد ، في معركة عواقبها وخيمة وكلفتها الاخلاقية و السياسية والاقتصادية باهظة جدا ؟!! اليست هذه هي اسرائيل ذاتها التي ترفض حل الدولتين وتريد ان تحل القضية الفلسطينية على حساب الاردن، وتريدنا وطنا بديلا ضعيفا ومنقسما و مهزوما ؟ اليست ذاتها التي تعتدي وتنتهك يوميا حرمة ارضنا ومقدساتنا في مدينة القدس الشريفة ؟ اليست ذاتها من تقتل وتعتقل اهلنا واشقاءنا الفلسطينيين ؟!! ما الذي تغير اليوم ، وكيف سيكون التحالف معهم ممكنا ؟
الاردن يعاني الامرين من اثار الحرب الكونية الغبية المندلعة في الاراضي الاوكرانية ، كما تعاني دول وشعوب الارض جميعا ، لذلك نسأل : ما مصلحتنا من خوض غمار حرب جديدة ، ستكون منطقتنا هي مسرح العمليات الرئيسية فيها ؟!! وهل سيتحمل اقتصادنا ازمة كبيرة من هذا النوع ، قبل ان يعلن المواطن استسلامه امام رغيف الخبز وهزيمته في معركة تلبيس الطواقي اللانهائية ؟!!
اذا ،ورغم وجاهة هذه الاسئلة جميعا ومنطقيتها ، الاردن يراد له ان يكون جزءا من تكتل عسكري ستدمج فيه الدفاعات الجوية لمجموعة من الجيوش لمواجهة ايران ، و سنخوض حربا خارج ارضنا ،بالضد من عقيدتنا العسكرية الدفاعية ...
ما الذي تريده امريكا منا ؟! الم يكفها كل ما قدمته دولتنا لهم من خدمات و تسهيلات ومعلومات ؟! واضح انهم يريدوننا ان نخوض حربهم ، ونموت من اجلهم ، وهذا باعتقادهم ليس بالامر الجلل ، اليس كذلك يا حكومة الارتهان والتبعية ؟!!