jo24_banner
jo24_banner

الجحود والنكران للشعب ذنب لا يغتفر..عن اي منجزات حكومية تتحدثون ؟

الجحود والنكران للشعب ذنب لا يغتفر..عن اي منجزات حكومية تتحدثون ؟
جو 24 :
 


كتب المحرر السياسي - كيف يمكننا تبرير اعتبار عاملين في مهنة الصحافة قيام الحكومات ب "تسيير الأعمال" منجزا يستحق الاشادة والمديح والثناء ؟ لا بل اتهام الذين يعتمدون على معايير موضوعية في التقييم بالجحود والنكران ؟ الى اين وصل بنا هؤلاء ؟ استحوا علينا قليلا ، اتركوا لنا فسحة ، فلقد ضاقت علينا الدنيا و اخذت التهم المعلبة تلاحقنا في كل مجلس ..

المواطن الأردني يملك من الوعي ما يمكّنه من تصنيف التغطيات الصحفية و مقالات الرأي ؛ الناس تعرف جيدا من هو صاحب الموقف والرأي المستقل، ومن ينحاز في هذا المجال ، ويوظف قلمه لخدمة السلطات بغض النظر عن اي اعتبارات موضوعية و مهنية اخرى ..

لا اعرف لماذا سقت هذه المقدمة ، ربما هي هواجس اثارها نشر أحدهم لمقال قبل يومين في صحيفة يومية يشيد فيه بالمنجزات التي تحققت في عهد حكومة الدكتور بشر الخصاونة، في وقت أظهر استطلاع علمي للرأي مؤخرا حجم اليأس والسخط الشعبي على ادائها ، و قدم ارقاما كشفت عدم تفاؤل الأردنيين بقدرة رئيسها وأعضائها على القيام بمسؤولياتهم، فيما اعتبر الكاتب الموقف الشعبي هذا ، حالة من "الجحود و النكران تنامت بين مختلف فئات المجتمع".

المشكلة أن الكاتب، وفي ظلّ فقر منجزات الخصاونة، حاول تجيير كثير من القرارات التي اتخذت خلال عهد حكومات سابقة لصالح هذه الحكومة التي لم تكمل العامين من عمرها إلا قبل أسبوعين فقط، كما حاول ايضا في معرض دفاعه المستميت عن هذه الحكومة تجيير منجزات مؤسسات رسمية مستقلة اداريا لصالحها ..

يقول الكاتب، إن "حكومة الخصاونة قامت بداية العام بدعم المحروقات بكلفة (550) مليون دينار، وأن الأسعار لم ترتفع على المواطن، وأن الشارع يتنكر للقرار الحكومي ويتهم الحكومة بالفساد"! يبدو ان صاحبنا توقف رصده لاسعار المحروقات لفترة قصيرة اشهر معدودات لم ترتفع بها الاسعار ، وتجاهل القفزات غير المنطقية وغير المسبوقة في أسعار المحروقات منذ نهاية نيسان وحتى نهاية آب، هذه القفزات التي لم تراع ابدا المتغيرات في اسعار المحروقات عالميا ، حيث ارتفع سعر لتر بنزين90 من (85) قرشا إلى (99) قرشا، وسعر لتر بنزين95 من (108) قروش إلى (130) قرشا، وسعر لتر الديزل والكاز من (61) قرشا إلى (75) قرشا! حتى انها وبعد استقرار اسعار المحروقات عالميا وعودتها الى طبيعتها ، وتلاشي اثر الحرب في اوكرانيا ، قامت بتخفيض اسعار البنزين بانواعه الا انها لم تخفض تعرفة الديزل والكاز وكأن مصدرهما مختلف ويستخرجان من خامات اخرى غير برميل النفط ذاته الذي شهد انخفاضات في سعره عالميا !!

وفي سياق ترويج تسيير الأعمال على أنها منجزات، يعتبر الكاتب قيام الدولة بتوفير المطاعيم للمقيمين على الأراضي الأردنية تفرّدا وتميّزا، والواقع أن غالبية دول العالم وفّرت اللقاحات لمواطنيها والمقيمين على أراضيها، غير أن حكومتنا وفّرت اللقاحات على حساب الخزينة التي يموّل ايراداتها المواطن الأردني مما يدفعه من ضريبة دخل وضريبة مبيعات ورسوم مختلفة..

وبينما تُعلن الحكومة مرارا عن كون عدد الوظائف التي يجري التعيين عليها سنويا في القطاع العام لا تتجاوز (10) آلاف وظيفة، وفي الوقت الذي قال فيه رئيس الوزراء خلال افتتاحه مؤتمر "تجربة الأردن في مواجهة جائحة كورونا" قبل نحو شهرين أن الحكومة قامت خلال جائحة كورونا بتعيين "2500 موظف من مختلف الكوادر الطبية للتصدي للجائحة"، ذهب الكاتب للقول إن الحكومة قامت بتعيين أكثر من (24) ألف ممرض وطبيب وغيرها من الكوادر الصحية!

صحيح أن هذه الحكومة رفعت الطاقة الاستيعابية للقطاع الصحي من خلال المستشفيات الميدانية وافتتاح مستشفيات بدأ العمل بها قبل تكليف هذه الحكومة ، كما قال الكاتب، ولكن هذه كله لا يُنسينا وفاة ( 8 ) أشخاص جرّاء نفاد مادة الاوكسجين من إحدى المستشفيات الحكومية..

وفي سياق الديماغوجية التي نُسج على أساسها المقال، حاول الكاتب تجيير البرامج التي استحدثتها مؤسسة الضمان الاجتماعي "من أموال الأردنيين أنفسهم" لصالح الحكومة، لكنّ الحقيقة والواقع أن هذه البرامج موّلها الضمان من أموال المودعين أنفسهم ومن أرصدتهم، وقد بلغت تكلفة تلك البرامج نحو (532) مليون دينار لعامي (2020 و2021)، منها (235) مليون دينار من رصيد التعطل للمؤمّنين، و(225) مليون دينار سُلف سحبها المؤمّنون على حساب تعويض الدفعة الواحدة.

وبالإضافة لذلك، من يمكنه انكار أن غالبية هذه البرامج ظهرت أو بدأت في عهد الحكومة السابقة، تماما كما هو الحال بالنسبة لبرنامج البنك المركزي لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الذي حاول الكاتب تجييره لصالح هذه الحكومة، رغم أنه بدأ في عهد الحكومة السابقة، وبدأ بمبادرة من البنك المركزي الذي لا يخضع لولاية الحكومة أصلا، كما أن هناك تساؤلات كبيرة حول آلية الاستفادة من برنامج البنك المركزي.

أما بخصوص التعهد الحكومي بعدم زيادة الضرائب أو الرسوم والالتزام بهذا التعهد واعتباره سابقة في تاريخ الحكومات الأردنية، فيبدو أن الكاتب كان مغيّبا عن فترة ولاية الحكومة السابقة، كما أنه يتجاهل حقيقة ارتفاع مداخيل الحكومة من الضريبة على المبيعات جرّاء ارتفاع أسعار السلع في السوق المحلية.

الواضح أن جائحة كورونا وما شهده الأردنيون من اجراءات غير اعتيادية ألقت بظلالها على الكاتب الذي بدا مقتنعا بأن "الحظر الشامل وتعطيل مؤسسات القطاع العام" جرى في عهد الخصاونة، والواقع أن هذا كان في عهد الدكتور عمر الرزاز، وقد تسلّم موظفو القطاع العام رواتبهم وهم في منازلهم حقّا، أما بخصوص صرف رواتب المتقاعدين فهذا حقّهم ولا منّة فيه للحكومة أو للضمان، بل الواجب على الحكومة تقديم الشكر والعرفان للمتقاعدين والمشتركين بالضمان لتمويلهم الخزينة بنحو ستة مليارات على شكل سندات.

وأما أوامر الدفاع، فالواقع أن هذه الحكومة لم تأتِ بأمر دفاع جديد ذا أثر ايجابي على الناس، وكلّ ما اجتهدت به هو تمديد العمل بأوامر دفاع صدرت في عهد الحكومة السابقة..

قد يصنف البعض كل ما قلنا بانه مزيد من السوداوية المؤدلجة ، والنقد غير المنصف ، ولذلك دعونا نعتبر لغايات توضيح الفكرة لا اكثر ولا اقل ان كل ما جاء في مقال الكاتب صحيحا ودقيقا، ألا يرى أن هنالك اخفاقات جسيمة يُفترض تسليط الضوء عليها ايضا وعدم الاكتفاء بالقول ان هناك اخفاقات يمكننا التوقف عندها ؟ أم أن مجرّد تسيير الأعمال بأي صورة هو انجاز كافٍ؟ هل يمكن اعتبار تعيين موظفين وتوفير لقاحات و أجهزة طبية وتوفير القمح والمواد الغذائية منجزا حكوميا؟ هل هناك بلاد مات أهلها من الجوع لعدم توفر هذه المواد الاساسية ؟

المنجز الحقيقي يكون إذا نجحت الحكومة بإحداث تحوّل يلمس المواطن أثره، يكون برفع الرواتب الثابتة منذ عقود ،رغم ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القوة الشرائية للدينار . لا يمكننا الحديث عن منجزات عندما ترتفع معدلات الفقر حتى تصل إلى (27%) كما تشير احصاءات البنك الدولي، بعدما كان (15.7%) في عام 2018. المنجز الحقيقي يكون بتمكين القطاع الخاص وليس بمحاصرته والقضاء عليه و ارهاقه بالضرائب بشكل أدى إلى خسارة (168) ألف أردني أعمالهم عام 2020 بحسب المسح الأخير لدائرة الاحصاءات العامة. المنجز الحقيقي يكون بتنفيذ مشاريع كبرى تشغّل الاردنيين ، يكون باستقطاب الاستثمارات ، بتقديم تسهيلات تضمن استمرار اصحاب المشاريع المتوسطة والصغرى التي خرج غالبيتها من السوق ، بدعم الصناعات وفتح اسواق خارجية ، المنجزات تكون بتنمية أموال الضمان عبر استثمارها استثمارا حصيفا يخلق فرص عمل ، وليس بمحاولة زيادة الأعباء على المشتركين ومؤسسات القطاع الخاص من أجل الزحف الحكومي عليها تحت غطاء "السندات"، المنجزات تكون بتنمية المحافظات وتطوير البنى التحية ، المنجزات تكون ببرنامج اصلاح اقتصادي يلمس اثره الناس ، وليس حبرا على ورق وجدول زمني طويل الامد ، المنجزات ببرنامج اصلاح سياسي حقيقي واطلاق للحريات العامة و احترام لحقوق الانسان ،اصلاح لا يضيق فيه الساسة ذرعا بالنقد ، ويتم فيه زج الناشطين في السجون لاجال غير مسمية و دون سند قانوني ....

إن محاولات تجميل الحكومة، والقول إنها تحقق منجزات، كلّها تتكسر على صخرة الواقع الذي يشير إلى تراجع وتدهور لمستوى الخدمات التعليمية والصحية بالاضافة إلى تراجع مستوى الحريات العامة والحريات الصحفية الى مستويات غير مسبوقة على الاطلاق .

اما الجحود والنكران الحقيقي فهو بتزييف الواقع و قلب الحقائق ،والانسلاخ عن القواعد ...

ومبارك التعديل ...

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير