jo24_banner
jo24_banner

شمال لبنان تحت نيران النظام السوري من جديد

ياسر الزعاترة
جو 24 : لشمال اللبناني سيرته المرة مع نظام آل الأسد في سوريا، فقد تعرض أبناؤه طوال عقود لظلم لا تحمله الجبال من قبل أجهزة أمن ومخابرات النظام السوري، ويبدو أن مسلسل الظلم لا يزال مستمرا إلى الآن على يد الدولة اللبنانية التي تعيش بدورها تحت رحمة حزب الله وتحالفه الانتهازي مع التيار العوني.

في ضوء ذلك، هل يمكن لعاقل أن يتخيل أن سنّة الشمال اللبناني على وجه التحديد يمكن أن يتعاطفوا مع نظام بشار الأسد حين يواجه ثورة داخلية؟ المؤكد أن هناك من أبنائه من يتحرقون شوقا لقتال من أذلهم، والأمر هنا لا يتعلق فقط بمجموعات سلفية، بل يشمل قطاعات أوسع من الشارع الشعبي، فكيف حين يأتي التصعيد على خلفية حشد مذهبي ينهض إذلال السنة في لبنان على يد حزب الله كواحد من الشواهد عليه؟!

لا يتوقعن عاقل أن يمر اجتياح بيروت من قبل حزب الله أيار عام 2008 دون مرارات ستظل كامنة في القلوب تبحث عن طرائق للتنفيس عنها، فكيف حين يضاف إلى ذلك سيطرة عملية من الحزب على الساحة السياسية من خلال حكومة يتحكم بها، إلى جانب سيطرة أمنية طاغية لا يجاريها أحد؟!

حين يبقى 300 معتقل إسلامي منذ أربع سنوات في السجون بلا محاكمة، بينما يخرج حليف حزب الله، مساعد الجنرال عون (فايز كرم)، من السجن بعد 27 شهرا من الاعتقال مرفوعا على الأكتاف، وهو الذي ثبتت عليه تهمة التعاون مع الاحتلال الصهيوني لزمن طويل، عندما يحدث ذلك، فهذا يعني أن على سنّة لبنان أن يفهموا الرسالة بوضوح، ومفادها أن أصبحوا الطرف المستضعف في لبنان، وعليهم التعايش مع هذه الحقيقة.

حكاية الجيش اللبناني وسيادته وحياديته لم تعد تقنع أحدا، وصدق العلامة الشيعي اللبناني (السيد علي الأمين) حين قال في تغريدة له على صفحته في “تويتر”: “نقول للذين يرفعون شعار التأييد للجيش اللبناني: إن الحب للجيش لا يكون بإعطائه سلطة في مكان، وحرمانه منها في مكان آخر”، يقصد الضاحية الجنوبية ومناطق حزب الله الأخرى في الجنوب.

بقتل الشيخين السنيين في الشمال بطريقة مباشرة لم يعد ممكنا السكوت على هذا الظلم، لاسيما حين يروج أركان النظام السوري بأن الشمال اللبناني قد أصبح ممرا للإرهابيين من الإخوان والقاعدة، بينما يعلم الجميع أن لبنان بممراته وموانئه يقف إلى جانب النظام السوري وليس العكس.

لا ننكر أن سنّة لبنان لن يتركوا وسيلة يمكنهم من خلال دعم إخوتهم السوريين إلا ويستغلوها، ليس فقط تضامنا مع أقوام يعيشون ما عاشوه هم من ظلم على يد نظام مجرم، وليس فقط لأن الحشد المذهبي قد بلغ مداه، بل أيضا لأنهم يدركون أن سقوط النظام السوري قد يكون نقطة انفراج على نحو يعيد التوازن للساحة اللبنانية التي يهيمن عليها حزب الله بقوة السلاح الذي يدعي المقاومة بينما يعلم الجميع أنه بات مكرسا للداخل بعد انتشار قوات “اليونيفيل” على طول الحدود عقب حرب تموز 2006، وفي ظل حقيقة أن الإسرائيليين لم تعد لهم حاجة بلبنان ما دامت الجبهة الحدودية هادئة.

لا خلاف على أن معضلة السنّة في لبنان تتمثل في ممثلهم “تيار المستقبل” الذي يبدو بائسا بقياداته وتحالفاته، لكن الجنرال عون (حليف حزب الله) في المقابل ليس شيئا عظيما، وكل الزعامات السياسية في لبنان جاءت عن طريق الوراثة باستثناء حزب الله، وربما حركة أمل.

ما ينبغي أن يكون واضحا هنا هو أن سنّة لبنان لن يكفوا عن دعم الثورة السورية بما تيسر لهم من وسائل دعم، وهم لن يقبلوا بوصاية حزب الله ومن معه من سنّة تحالفوا معه لحسابات شخصية وفئوية، وأي كلام عن الوحدة الوطنية ورفض الحشد الطائفي من قبل حزب الله لن يكون مقنعا، بينما هو يسيطر على الساحة ويصطف بالكامل (بما في ذلك عسكريا) إلى جانب النظام السوري كجزء من منظومة الدعم الإيرانية.

لن يكون حلالا على حزب الله مثل هذا الموقف، بينما يجرَّم سنّة لبنان إذا وقفوا في الخندق المقابل، لاسيما أنهم لا يأخذون موقفا يخالف ما عليه إخوتهم من العرب باستثناء التابعين لدائرة النفوذ الإيراني.

سيخرج علينا موتورون من هنا وهناك يتحدثون عن موقفنا المذهبي، متجاهلين أن من يقف من نظام مجرم على خلفية مذهبية هو المذهبي المقيت، فيما وقفت الأمة ونحن جزء منها مع ثورة السوريين كجزء من وقفتها مع ثورات الشعوب العربية قاطبة وليس لاعتبار آخر قبل أن يدفع موقف إيران وحلفائها الناس قسرا نحو الاصطفاف المذهبي.

الكرة في ملعب إيران بوصفها مرجع الشيعة، وإذا لم تلجم غرور القوة الذي يتلبسها، فإن الحشد المذهبي سيتصاعد على نحو يضع الحب في طاحونة أعداء الأمة، لكنها هي من سيكون أكبر الخاسرين منه رغم خسارة الأمة بأسرها.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير