jo24_banner
jo24_banner

إنهم يحبون الحياة!

حلمي الأسمر
جو 24 : تشغل بالي كثيرا مسألة «التطرف الإسلامي» ... لا يفيد أن نقول، إنه ليس لدينا تطرف في الإسلام، ففي نصوصه المفتوحه مساحة واسعة للتأويل، واستيلاد رؤى ومبادىء قد تجعل بعضنا يتباهى بأن ديننا «إرهابي» ولا أسهل من أن يسوق هذا البعض آية «ترهبون به عدو الله وعدوكم» للتدليل على صحة هذا الزعم السطحي!
الأصلح والأنفع هنا أن ننبش في أسباب «التطرف» والإرهاب إن وجد، تخيلوا معي: من كان يصدق قبل عشرين سنة مثلا أن يحاكم شخص لأنه خطط لمهاجمة هدف لـ «العدو» ويُحكم إما بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة؟ اليوم مثل هذه الأخبار «اعتيادية» لأن «العدو» لم يعد يحمل هذه الصفة، و»القانون» يعتبره «جارا» علينا «الاحتفاء» به إن زارنا سائحا، علما بأن هذا السائح يمكن أن تكون يداه ملوثة بدم أحد جنودنا أو نسائنا أو أطفالنا، ويمكن أن يكون أخذ إجازة للتو من خدمة عسكرية قذرة في جنوب لبنان أو القدس، وجاء للاستجمام في بلادنا!
الصورة اليوم متشابكة حد الرعب، بالنسبة لهم، أعني الشباب الإسلامي المتحمس، يرون هذه المفارقات وتتفاعل في نفوسهم ويقرؤون القرآن الكريم، آيات الجهاد وغزوات المسلمين، وفقه الجهاد، ويحتارون: من يسمعون؟ ومن يتبعون؟ قليل من التفاعل والشحن الديني، وقليل من القمع، مع «رشة» قرف وفقر وبطالة، وصور قتلى عرب ومسلمين، وأرض محتلة تبتلع، ومشاهد إذلال لنساء وأطفال على الحواجز العسكرية، والنتيجة: تطرف كامل الدسم!

بصراحة، الضد ينتج ضده، لن تجد «القاعدة» بضاعة تبيعها في أوساط الشباب الإسلامي لو لم يكن ثمة إرهاب أمريكي وإسرائيلي موغل في الإيلام والقهر، كفوا أيدي سفهائكم أيها الإرهابيون الأقوياء، تعينونا على مواجهة «متطرفينا» و»إرهابيينا» الضعفاء الذين لا يجدون ما يدافعون به عن أنفسهم غير لحمهم وعظمهم، هؤلاء ليسوا مجانين ولا قتلة ولا يائسين، هؤلاء حانقون حد الموت، مع أنهم يحبون الحياة والتمتع بها!
هذه ليست تبريرات لجملة تصرفات تسيء للاسلام والمسلمين والبشرية جمعاء، وتلطخ حياتنا بسمعة كريهة جدًا، إنها محاولة لتفكيك الظاهرة، وإعادة تسمية الأشياء بمسمياتها، إن كان هناك من يهتم أصلا!
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news