مولانا الشيخ يشكو من بائعات الهوى!!
حسين الرواشدة
جو 24 : تعهد مولانا الشيخ امام المسجد في خطبة الجمعة أمس، بمواجهة “بائعات الهوى” اللاتي ينتشرن لاصطياد الزبائن في الشارع المحاذي تماماً لبوابة “المسجد”، وقال: انه وعدد من المصلين رأوا بأعينهم وسمعوا بآذانهم كيف تجري عملية “التفاوض” بين هؤلاء “البائعات” وبين زبائنهن في وضح النهار، وكيف عدن الى ممارسة “المهنة” بعد ان تدخلت الشرطة في وقت مضى، وتم منعهن من ذلك؟ ولم ينسَ الإمام الفاضل - بالطبع - ان يطالب المسؤولين - كل المسؤولين- بمحاصرة هذه “الفاحشة” ومعاقبة المتورطين فيها، مذكراً بأن ممارسة هذه “الفواحش” سترتد على المجتمع إثماً وفقراً، وبأنها - للاسف - تتم في شوارع أسماؤها مقدسة، كشارع الإمام مسلم الذي استشهد به، وهو يقع امام المسجد.
بأمر مولانا الشيخ اكتب عن الموضوع، أملاً في “الثواب” الذي قال، إن الله تعالى سيعطيه لكل من ينهض لمواجهة هذه “الفاحشة”، مع انني ادرك تماماً بأن ثمة فواحش أخرى “كبيرة” تمارس في مجتمعنا وتحتاج لمن يتصدى لها، ومن بينها فاحشة الافقار وفاحشة الفساد والغش والتدليس وغيرها، لكن ما علينا، فما اشار اليه مولانا هو جزء من حالة “التسفل” التي اصابت مجتمعنا، وانحدرت بأخلاقيات البعض الى “الجهر” بممارسة الرذيلة، وعدم الخوف من أي رادع، حتى كدنا نعتقد بأننا امام حالة “عموم البلوى” التي اشار اليها فقهاؤنا، أو “الخراب” العام الذي اصبح يحتاج لما هو أبعد من “الوعظ” والارشاد، إذْ إن اصلاح “اخلاقيات” المجتمع وتصحيح مسارات “الضمير العام” فيه هو الاولوية التي تتقدم على غيرها من الاولويات.
“نازلة” بائعات الهوى التي اشار اليها الشيخ لا تتعلق فقط بما جرى أمام المسجد، وانما تتجاوزه الى شوارع ومناطق اخرى في عمان وغيرها من مدننا الكبرى، فثمة “تجارة” تكاد تكون منظمة، ولها شبكاتها التي يتولاها “اشخاص” باعوا ضمائرهم واخلاقهم، وقد سمعت من كثيرين ان ثمة عناوين معروفة لهؤلاء، وأنهم يستغلون - بشتى الوسائل - شبابا وصبايا صغارا، ويستدرجونهم للوقوع في “المصيدة” التي تبدأ بممارسة “الزنا” ثم تمتد لتعاطي المخدرات والسير في طريق الانحراف بكل ما يحفل به من جرائم.
قبل نحو اسبوعين، سمعت احدى الاخوات تشكو في احد البرامج الاذاعية بأن “العمارة” التي تسكن هي واولادها فيها تحولت الى “بؤرة” لممارسة الفاحشة تحت مسمى “الشقق المفروشة”، قالت المرأة، إنها رأت طالبات صغيرات يدخلن مع زبائنهن الى العمارة، وانها اشتكت للشرطة والمحافظة، لكن ما ان توقف الامر اسبوعا حتى عاد مرة اخرى، وناشدت آنذاك المسؤولين بأن يأخذوا الامر على محمل الجد، فهذه الممارسات دفعتها وغيرها من السكان الشرفاء الى ترك العمارة، كما انها تحولت الى مصدر “خطر” لكل الحي بعد ان اصبح المكان مشبوها، وكل من يدخل اليه او يخرج منه مشكوكاً فيه ايضاً.
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول، هذا مفهوم، كما ان “فضيلة” الستر مقدمة على فضيلة “الاظهار” وخاصة في مسألة تتعلق “بالزنا”، والفاحشة عموماً، وللتذكير فان تاريخنا الاسلامي لم يشهد الا حالتين فقط أقيم فيهما حدّ “الزنا”، وبالاعتراف لا بالشهود، بمعنى ان المطلوب هنا ليس اقامة “الحد” لان ذلك يكاد يكون مستحيلاً لما يترتب على اقامته من شروط يعرفها فقهاؤنا، لكن هذا الذي يحدث في شوارعنا جهارَ نهار يحتاج الى ما هو أبعد من “الردع” والعقوبة، فهو جزء من حالة “التسفل” الأخلاقي التي اشرت لها سالفا، وهو ايضا جزء من منظمة الفساد التي بدأت بالاموال والامتيازات وامتدت الى الاجساد والضمائر، وهو ايضا عنوان لاهمال مؤسساتنا التعليمية والدينية والاقتصادية في بناء الإنسان الصالح وتحصين المجتمع القوي، وتمكين الفضائل من “الانغراس” في الناس لردعهم عن الوقوع في الضعف الذي يفضي الى انتصار الغرائز على القيم والفطر السليمة..
لا يعني ذلك -ابدا- ان نغض أعيننا عن هذه “الكوارث” الاخلاقية انتظاراً بعودة المجتمع الى “استقامته”، فنحن بحاجة الى “عصا” القانون وعين الدولة بأجهزتها الامنية والرقابية، ونحن بحاجة الى يقظة “الشهامة” لدى المجتمع لكي نتصدى - جميعا - لمثل هذه المظاهر المخجلة، ولكي لا تتحول الى “مصائد” سهلة لابنائنا ولزوارنا، ولا الى “عناوين” للسياحة “المشبوهة” التي يحاول البعض الترويج لها على حساب القيم التي نعتز بها.
اذا كان بوسعنا ان نرفع في عمان شعار “عاصمة خالية من التلوث البصري”، وشعار “عمان النظيفة” فان الاولى ان نرفع ايضا شعار “عاصمة خالية من التلوث الأخلاقي” ونظيفة من “بائعات الهوى”، ومن غيرها من “الأوساخ” اللاأخلاقية التي طفت فوق سطوح مجتمعنا.
لا تسألني بالطبع عن هذه التحولات التي أصابت منظومة قيمنا وأخلاقياتنا العامة، ولا عن “الغاز” هذا العبث من نسيجنا الاجتماعي، ولا عن “الارجل” الغريبة التي ادخلت الينا هذه الآثام ولا عن “الصمت” الذي يمارسه بعضنا تجاه ما وفد الينا من “موبقات”.
(الدستور)
بأمر مولانا الشيخ اكتب عن الموضوع، أملاً في “الثواب” الذي قال، إن الله تعالى سيعطيه لكل من ينهض لمواجهة هذه “الفاحشة”، مع انني ادرك تماماً بأن ثمة فواحش أخرى “كبيرة” تمارس في مجتمعنا وتحتاج لمن يتصدى لها، ومن بينها فاحشة الافقار وفاحشة الفساد والغش والتدليس وغيرها، لكن ما علينا، فما اشار اليه مولانا هو جزء من حالة “التسفل” التي اصابت مجتمعنا، وانحدرت بأخلاقيات البعض الى “الجهر” بممارسة الرذيلة، وعدم الخوف من أي رادع، حتى كدنا نعتقد بأننا امام حالة “عموم البلوى” التي اشار اليها فقهاؤنا، أو “الخراب” العام الذي اصبح يحتاج لما هو أبعد من “الوعظ” والارشاد، إذْ إن اصلاح “اخلاقيات” المجتمع وتصحيح مسارات “الضمير العام” فيه هو الاولوية التي تتقدم على غيرها من الاولويات.
“نازلة” بائعات الهوى التي اشار اليها الشيخ لا تتعلق فقط بما جرى أمام المسجد، وانما تتجاوزه الى شوارع ومناطق اخرى في عمان وغيرها من مدننا الكبرى، فثمة “تجارة” تكاد تكون منظمة، ولها شبكاتها التي يتولاها “اشخاص” باعوا ضمائرهم واخلاقهم، وقد سمعت من كثيرين ان ثمة عناوين معروفة لهؤلاء، وأنهم يستغلون - بشتى الوسائل - شبابا وصبايا صغارا، ويستدرجونهم للوقوع في “المصيدة” التي تبدأ بممارسة “الزنا” ثم تمتد لتعاطي المخدرات والسير في طريق الانحراف بكل ما يحفل به من جرائم.
قبل نحو اسبوعين، سمعت احدى الاخوات تشكو في احد البرامج الاذاعية بأن “العمارة” التي تسكن هي واولادها فيها تحولت الى “بؤرة” لممارسة الفاحشة تحت مسمى “الشقق المفروشة”، قالت المرأة، إنها رأت طالبات صغيرات يدخلن مع زبائنهن الى العمارة، وانها اشتكت للشرطة والمحافظة، لكن ما ان توقف الامر اسبوعا حتى عاد مرة اخرى، وناشدت آنذاك المسؤولين بأن يأخذوا الامر على محمل الجد، فهذه الممارسات دفعتها وغيرها من السكان الشرفاء الى ترك العمارة، كما انها تحولت الى مصدر “خطر” لكل الحي بعد ان اصبح المكان مشبوها، وكل من يدخل اليه او يخرج منه مشكوكاً فيه ايضاً.
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول، هذا مفهوم، كما ان “فضيلة” الستر مقدمة على فضيلة “الاظهار” وخاصة في مسألة تتعلق “بالزنا”، والفاحشة عموماً، وللتذكير فان تاريخنا الاسلامي لم يشهد الا حالتين فقط أقيم فيهما حدّ “الزنا”، وبالاعتراف لا بالشهود، بمعنى ان المطلوب هنا ليس اقامة “الحد” لان ذلك يكاد يكون مستحيلاً لما يترتب على اقامته من شروط يعرفها فقهاؤنا، لكن هذا الذي يحدث في شوارعنا جهارَ نهار يحتاج الى ما هو أبعد من “الردع” والعقوبة، فهو جزء من حالة “التسفل” الأخلاقي التي اشرت لها سالفا، وهو ايضا جزء من منظمة الفساد التي بدأت بالاموال والامتيازات وامتدت الى الاجساد والضمائر، وهو ايضا عنوان لاهمال مؤسساتنا التعليمية والدينية والاقتصادية في بناء الإنسان الصالح وتحصين المجتمع القوي، وتمكين الفضائل من “الانغراس” في الناس لردعهم عن الوقوع في الضعف الذي يفضي الى انتصار الغرائز على القيم والفطر السليمة..
لا يعني ذلك -ابدا- ان نغض أعيننا عن هذه “الكوارث” الاخلاقية انتظاراً بعودة المجتمع الى “استقامته”، فنحن بحاجة الى “عصا” القانون وعين الدولة بأجهزتها الامنية والرقابية، ونحن بحاجة الى يقظة “الشهامة” لدى المجتمع لكي نتصدى - جميعا - لمثل هذه المظاهر المخجلة، ولكي لا تتحول الى “مصائد” سهلة لابنائنا ولزوارنا، ولا الى “عناوين” للسياحة “المشبوهة” التي يحاول البعض الترويج لها على حساب القيم التي نعتز بها.
اذا كان بوسعنا ان نرفع في عمان شعار “عاصمة خالية من التلوث البصري”، وشعار “عمان النظيفة” فان الاولى ان نرفع ايضا شعار “عاصمة خالية من التلوث الأخلاقي” ونظيفة من “بائعات الهوى”، ومن غيرها من “الأوساخ” اللاأخلاقية التي طفت فوق سطوح مجتمعنا.
لا تسألني بالطبع عن هذه التحولات التي أصابت منظومة قيمنا وأخلاقياتنا العامة، ولا عن “الغاز” هذا العبث من نسيجنا الاجتماعي، ولا عن “الارجل” الغريبة التي ادخلت الينا هذه الآثام ولا عن “الصمت” الذي يمارسه بعضنا تجاه ما وفد الينا من “موبقات”.
(الدستور)