صفعة على وجنتي الأطلسي
د. محمود الشوابكة
جو 24 :
زمرة، تشبعت بالفكر الإستعلائي، فامتلأت بصديده؛ عقولهم ونفوسهم، وطغى، ففاض منها، على جوانبهم وطغى، حتى غاصت به أبدانهم حتى آذانهم.
فكر استعلائي؛ أساسه الثابت؛ ثنائية نحن( أي؛ الغرب)، وهم( أي؛ الغير)، يرون أنفسهم فوق سواهم من البشر، ينادون بالحرية، ويمنعونها- بكل الوسائل- عن غيرهم، ينادون بالعدالة، ويضعون لها مقاييسهم الخاصة؛ فما هو عدل هنا، ليس كذلك في موضع آخر. يرفعون قيم الإنتاج، ويشنون أعتى الحروب لمنعها عن غيرهم، "يحاربون" الإرهاب، ويمارسون تجاه شعوب الأرض أعتى صوره.
مع كل عنوان للإنعتاق والتحرر، لهم قصة وحكاية...تلك هي علاقتهم المشينة بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، لم تقفل فصولها الرئيسة إلا من قريب....تلك هي حكاياهم الإجرامية تجاه نظام (إلليندي) في تشيلي، و(سوكارنوا) في إندونيسيا، و(مصدق) في إيران، تلك هي جريمتهم الكبرى في العراق... هاهي مصر العروبة تعيش فصول تآمرهم.
تلك هي آثار جرائمهم -القديمة المتجددة- ماثلة في الهند، وافريقيا؛ تلك هي جرائمهم المركبة بحق العرب، وفلسطينهم، تتفجر في وجوهنا مع طالع كل يوم.
تلك هي جرائمهم مع من لم يرتضوا بنموذجهم الإستعلائي، في أميركا الجنوبية...تلك هي جريمتهم مع نموذج التحرر الأممي؛ البرازيلي؛(دي سلفا)؛ الذي زجوه في غيابة السجن؛ لأنه حرر بلده من ربقة تبعيتهم، لأنه لم يقبل أن يكون تابعا لهم( ذلك قبل أن يثب، ويصعد بهمة شعبه، إلى الحكم مرة أخرى، ويصفع الغرب الفاجر صفعة دَوَّى صداها على ضفتي الأطلسي).
على ذات النهج تراهم قد جندوا كل قواهم لأسقاط نموذج التحرر التركي، قبل الجولة الأولى، وبعدها...ذلك هو إعلامهم قد قصف (أردوغان)، بكل أنواع الذخيرة، ذلك هو الحياد الصحافي قد تعرى، على جنبات الأطلسي، وتلك هي أقلام الاستعمار نفثت مدادها العنصري، من ال (بي بي سي) إلى ال (إيكونوميست) وال(لوموند)، وال(واشنطن بوست)، وليس انتهاءً بال(فاينانشال تايمز).
على كافة المستويات- السياسية، والإستخبارية، والمالية، والإعلامية- وقفوا صفا واحدًا، وفتحوا كل الجبهات؛ يريدون لتركيا رئيسا على شاكلة (يلماز) و(تشيلر)، يريدون لتركيا طراطير يجلسون عند أحذيتهم، ودمىً تتحرك وفق مشيأتهم.
لم يتركوا سبيل شر إلاوسلكوه: انقلاب عسكري مباشر...حرب عملات...حرب إعلام...
هُم لم يريدوا اسقاط الرجل، وحسب، هُم يريدون اسقاط نموذجه بكل الوسائل، هُم يريدون ألاتخرج شعوب المنطقة عن إطار النظرة الإستشراقية الوقحة( شعوبا متخلفة عن ركب التقدم، غير صالحة لأن تحكم نفسها). إنهم يريدون تُبَّعًا، ولايريدون قادة.
نجح النموذج التركي، وأثلج نجاحه صدور الكارهين للإستعمار الحداثي، وانتكست، قوى الشر، وصفع النجاح صلفها وغرورها واستكبارها.
...فوق النصف بنقطتين، ويسمونه مستبدا !، فنعم "الاستبداد" ذلك، وبئست من مقاييس مقاييسكم؛ من (بايدن)؛ كبير النظار، إلى العنصري البغيض؛ المسكون بأحلام الإفرنج الشرقيين والغربيين( ماكرون)، إلى سرات أعقاب الفايكنغ، وسكان الأراضي المنخفضة، وسادة دولة الإستعمار " العظمى".
بئست من مقاييس مقاييسكم، ونعم بها من شعوب، تلك التي حررت نفسها من التبعية، وأخذتها نحو علياء العزة والمنعة والكرامة.