سلالة من الشهداء والأسرى.. من منفذو عملية "النفق"؟
جو 24 :
لم تكن عملية "حاجز النفق" جنوبي القدس المحتلة -الخميس الماضي- عادية من حيث موقعها على مشارف المدينة المقدسة فحسب، إنما من حيث تشابه الخلفية النضالية لعائلات وذوي المنفذين، وثلاثتهم من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية.
فمن حيث المكان، وقعت العملية على حاجز إسرائيلي شديد التحصين جنوبي القدس حاضنة المسجد الأقصى، يُمنع الفلسطينيون حتى من حملة التصاريح من استخدامه. وربطت وسائل إعلام عبرية العملية بـمعركة "طوفان الأقصى" التي تدور رحاها في غزة.
أما المنفذون الثلاثة فكانوا ابن شهيد وشقيق شهيد وابن مبعد، ولم تكتفِ قوات الاحتلال بقتلهم، إنما سارعت إلى معاقبة ذويهم جماعيا، فاعتقل أقاربهم -بينهم نساء- وحقق معهم ميدانيا وفي مراكز الاعتقال، وأُخذت قياسات منازلهم تمهيدا لهدمها، وبعضها يتم تدميره للمرة الثانية.
وتبنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الشهداء الثلاثة الذي نفذوا عملية إطلاق النار، والتي أدت إلى مقتل جندي وإصابة 7 آخرين. فمن الشهداء؟
من سكان مدينة الخليل، تزوج مطلع العام الجاري، وزوجته حامل في شهرها الثامن، وسبق أن تعرض للاعتقال عدة أيام فقط من قبل جيش الاحتلال والسلطة الفلسطينية.
وعبد القادر هو الابن البكر للشهيد عبد الله القواسمي الذي اغتالته قوة خاصة إسرائيلية في 21 يونيو/حزيران 2003 أمام مسجد الأنصار في المدينة، كما خاض أعمامه وأبناؤهم تجربة الاعتقال، واستشهد اثنان من أبناء عمومته، وأكثر من 25 من عشيرته.
اعلان
واتهم الاحتلال القواسمي الأب، بالعضوية في كتائب القسام، والتخطيط والإعداد لعمليات تفجير استهدفت حافلات إسرائيلية في مدينتي القدس وبئر السبع، وعمليات استهدفت مستوطنات بالضفة خلال انتفاضة الأقصى، وتحديدا بين عامي 2002 و2003، والتي أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى الإسرائيليين.
وكان القواسمي الأب أحد مبعدي مرج الزهور إلى جنوب لبنان عام 1991، وتعرض للملاحقة والاعتقال عدة مرات من قبل الاحتلال والسلطة الفلسطينية، ونشر مذكرات عن التعذيب الذي تعرض له خلال اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وفور وقوع العملية، داهمت قوات الاحتلال منزل عائلة عبد القادر القواسمي في حي رأس الجورة بالخليل، وتعرضت والدته للاعتقال والتحقيق، قبل أن يفرج عنها مساءً.
وتزوج الشهيد الابن عبد القادر، مطلع العام الحالي، وأقام عرسه داخل مسجد، وكان ينتظر طفله الأول.
التحق الشهيد نصر الله القواسمي، وهو طالب في الثانوية العامة، بأخيه الشهيد أحمد الذي سبقه بـ19 عاما، مما ترك جرحا في قلب والده المسن الحاج عبد العفو.
اعلان
ففي 31 أغسطس/آب 2004 فجّر أحمد وابن مدينته نسيم الجعبري، نفسيهما في حافلة إسرائيلية في مدينة بئر السبع أسفرت عن مقتل 17 مستوطنا وإصابة العشرات.
في حين، كان الوالد على موعد مع اقتحام المنزل وتخريب محتوياته وتفجيره كعقاب جماعي للعائلة، واليوم يتكرر المشهد ذاته في مسكنه الذي انتقل إليه في حي رأس الجورة، إذ اقتحمه جنود الاحتلال فور استشهاد ابنه نصر الله، الذي لم يكن مولودا وقت استشهاد أحمد، وأخذوا قياساته تمهيدا لهدمه.
يقول الحاج عبد العفو -للجزيرة نت- إنه لا يملك إلا الصبر على فقدان ابنه الثاني بعد أقل من 20 عاما على استشهاد الأول، مضيفا أن قوات الاحتلال اقتحمت منزله بعنف وأحدثت ثقوبا فيه تمهيدا لهدمه، كما اعتقلت زوجته بطريقة عنيفة ومهينة.
ويعتبر القواسمي ما جرى له "ابتلاء من الله يحمده عليه، وأنه لا يملك إلا الصبر والاحتساب"، مضيفا "أولادي مش أحسن من أهل غزة".
حسن مأمون قفيشة (28 عاما)
حسن هو ابن المبعد مأمون قفيشة (60 عاما)، والذي سبق وتعرض للاعتقال، لكنه غادر فلسطين عام 2009، ويقيم في تركيا، ولم تسمح له قوات الاحتلال بالعودة.
تقول مرام شقيقة حسن للجزيرة نت، إنه متزوج ولديه طفل عمره 5 شهور، مضيفة أن العائلة فوجئت بخبر استشهاده، خاصة أنه متزوج منذ فترة قريبة ولم يسبق أن تعرض للاعتقال.
وأضافت أن قوات الاحتلال اقتحمت المنزل فور الإعلان عن استشهاد شقيقها، وفتشته وحققت مع جميع سكانه، وأخذت قياساته تمهيدا لهدمه في أي لحظة.
وتعيش الضفة الغربية توترا متصاعدا مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أسفر حتى مساء السبت عن استشهاد 212 فلسطينيا وإصابة أكثر من 2800، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
المصدر : الجزيرة