التهديد بإعدام الرهائن قد يوقف الحرب؟
خالد حسنين
جو 24 :
انتهت الهدنة الإنسانية التي استثمرتها "اسرائيل" في التجسس وجمع المعلومات عن الأنفاق، وتحديد أهداف جديدة للقصف، واستثمرتها المقاومة في إعادة ترتيب أوراقها وتوزيع مقاتليها على مواقع المواجهة المختلفة، فضلا عن الأهداف المعلنة من إدخال المساعدات الإنسانية، وتحرير بعض الأسرى، وغيرها.
عادت المعركة أشد وأعنف كما كان متوقعا، وبغض النظر عن الكذب الصهيوني بأن حماس تعنتت، فالمسألة تتعلق باستراتيجية صهيونية ثابتة، لا علاقة لها بموقف حماس، تتعلق بتحقيق هدفي الحرب المعلنين وهما: تحرير الرهائن والقضاء على حماس، كما أن بنك الأهداف الذي تم رصده خلال الهدنة تطلب من العدو هجوما عاجلا مظنّة إرباك المقاومة ودفعها سريعا نحو الاستسلام.
تبدو الصورة اليوم كما يلي: من الجانب الصهيوني استمرار القصف الجوي والتوغل البري من أجل رفع فاتورة الشهداء والجرحى للضغط على المقاومة للاستسلام، أما الصورة من جانب المقاومة فهي استمرار الصمود، وضرب العدو، ورفض الافراج عن أي أسير لديها إلا ضمن صفقة كاملة للتبادل، واتفاق سياسي ينهي الاحتلال إلى الأبد، ويضمن عدم انتهاك الأراضي الفلسطينية واعتقال الفلسطينيين مرة أخرى.
في ضوء هذه الأهداف المتناقضة يصعب الوصول إلى حل وسط، لأن أي حل بأي اتجاه يعني انتصار طرف على آخر، ولكنّ التفوّق الصهيوني من الناحية التسليحية، والدعم الأميركي اللامحدود، قد يؤدي إلى وصول فاتورة الشهداء والجرحى إلى مستوى لا تحتمله المقاومة، وربما تجد نفسها مضطرة لإطلاق سراح الأسرى مقابل وقف العدوان، والقبول بعودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة ضمن توافق فلسطيني، مع الحفاظ على الحد الأدنى من سلاح المقاومة، ولا شك أنّ هذا هو السيناريو الأسوأ.
السيناريو الآخر هو صمود المقاومة وزيادة الخسائر البشرية في صفوف الجيش الصهيوني، مما يضطر الصهاينة لوقف العدوان (ربما هدنة إنسانية مفتوحة)، والجلوس على طاولة المفاوضات لترتيب الأوضاع ما بعد المعركة، والقبول بصفقة الكل مقابل الكل لاطلاق سراح جميع الأسرى، مع توقع إصرار العدو على تحقيق بعض المكاسب مثل: فرض مناطق أمنية معزولة على حدود القطاع، وعودة السلطة الفلسطينية للحكم في غزة (وربما إدخال قوات مراقبة عربية وإسلامية، مصرية وتركية غالبا) لضمان عدم تهديد المقاومة لأمن الكيان مرة أخرى، فضلا عن ترتيبات سياسية دائمة تقضي بإنهاء الاحتلال، وهذا ربما هو السيناريو الواقعي والمتوقع قبوله من الطرفين.
السيناريو الثالث إذا أصر الكيان على تحقيق أهدافه بصرف النظر عن حجم الخسائر البشرية والضغوطات الدولية، ووجدت المقاومة نفسها غير قادرة على فرض إرادتها على العدو، فإن السيناريو المتوقع من المقاومة هو العمل على إفشال أهداف الكيان وداعميه، وذلك باللجوء إلى العمليات الاستشهادية في مواجهة الآليات الصهيونية، وبكثافة من قوات النخبة لدى المقاومة، تؤدي إلى إلحاق أكبر الخسائر في جنوده، والخطوة الموازية لذلك: تهديد العدو بإعدام الرهائن (العسكريين) على دفعات إذا لم يوقف المعركة خلال فترة الإنذار، ثم تنفيذ ذلك التهديد بشكل جادّ أمام الكاميرات، حتى الانتهاء من آخر أسير لديهم، وبالتالي إحباط أحد أهداف العدو المعلنة (وأعني تحرير الأسرى).
إن السيناريو الأخير هو السيناريو الأصعب والأسوأ، ولكنه سيناريو أفضل من الاستسلام لإرادة العدو، وبالتالي إثبات قدرة العدو على تحقيق أهدافه واستعادة جزء من صورته التي تهشمت بفعل النصر الذي تحقق للمقاومة في السابع من أكتوبر/تشرين أول. ولكنني على ثقة أن المقاومة الفلسطينية قادرة على اجتراح المعجزات في كل محطة تصل فيها الأمة إلى درجة من اليأس والاحباط.