jo24_banner
jo24_banner

تعليق عضوية " اسرائيل" في الجمعية العامة للأمم المتحدة 2/2

المحامي مصطفى محمد نصرالله
جو 24 :


تناولنا في المقال الاول السياقات التي تم بها قبول عضوية " اسرائيل" في الامم المتحدة ، وبالرجوع إلى القرار الصادر بقبول عضوية "إسرائيل" والشروط التي حدّدها القرار ومناقشتها تفصيلاً، نجد أنّ هذه الشروط تتمثل بما يلي:

الشرط الأول: قبول الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والتعهد بتطبيقها.
 وهنا بات التساؤل مطروحاً حول مدى محافظة "إسرائيل" منذ قيامها على أهم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وهو (مبدأ السلم والأمن الدوليين) الذي يعدّ أحد أهم المبادئ التي قامت عليها ومن أجلها هيئة الأمم المتحدة بعد فشل عصبة الأمم بتحقيقه، فهل سلوك "إسرائيل" منذ قيامها والمتمثّل بالاحتلال والاستيطان وشنّ الحروب وقتل الأبرياء وارتكاب المجازر بحقهم منذ مجزرة دير ياسين إلى غزة في هذه الأيام، فلم تترك "إسرائيل" جريمة دوليّة حذّر منها ميثاق أو إتفاقية أو معاهدة إلا وارتكبتها بحقّ الإنسانية.
إنّه من الواضح والجليّ أن "إسرائيل" اعتادت تهديد السلم والأمن الدوليين وتعريضهما للخطر، إضافةً لانتهاكها للمعاهدات التي وقَّعَت عليها وفي مقدّمتها اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقب عليها، التي دخلت حيز النفاذ في (12 / كانون الثاني /1951) وصادقت عليها "إسرائيل" عام 1949، فقد انتهكتها "إسرائيل" في كل أفعالها، وأبرز ما يظهر ذلك شنيع تصرفاتها وأفعالها وما تقوم به في الحرب التي تشنّها على غزة منذ تاريخ (7/أكتوبر) واستمرارها وحتى كتابة هذا المقال، مما يدلّ بشكل قاطع على أنّها خالفت المعاهدات التي صادقت عليها وخالفت الشرط الجوهري في ميثاق الأمم المتحدة وهو حماية السلم والأمن الدوليين مما يستوجب مراجعة استمرار عضويتها في الأمم المتحدة.

الشرط الثاني: قبول قرار التقسيم رقم (181) الصادر عام (1947).
هذا القرار الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ (29 نوفمبر 1947) والذي تمّ بموجبه إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيمها إلى ثلاث كيانات:
-دولة عربية، ومساحتها (42.3 %) من مساحة فلسطين.
-دولة يهودية، مساحتها (57.7 %) من مساحة فلسطين.
-القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة تحت الوصاية الدوليّة.
وقد أعلن زعماء اليهود في حينه (بن غوريون، مناحم بيغن، جولدا مائير) رفضهم هذا القرار وأعلنوا أن أرض الميعاد تشمل كامل مساحة فلسطين بما في ذلك شرق الأردن.
إضافةً إلى أن "إسرائيل" بشنّ الحرب واغتصاب أرض فلسطين وانتزاعها من أصاحبها الشرعيين، فتوسعت "إسرائيل" بضم الأراضي الفلسطينية، وبذلك تكون قد استولت على أكثر من (50 %) وفق قرار التقسيم وسيطرت على باقي أرض فلسطين، وبالتالي تكون "إسرائيل" قد انتهكت هذا الشرط كذلك، مما يستوجب إعادة النظر في عضويتها.

الشرط الثالث: إعادة اللاجئين الفلسطينيين ، وهذا الشرط لا يحتاج إلى كثير بحثٍ أو استطراد، فواقع الحال بالنسبة للاجئين الذين هجّروا واقتلعوا من أرضهم عبر الاحتلال الذي مازال حاضراً بأبشع صوره، ورفض "إسرائيل" التعاطي مع قرارات الأمم المتحدة أو منحها أيّ قيمة أو اعتبار، وضربها عرض الحائط قرارات مجلس الأمن، وعدم امتثالها للقرارات الصادرة عن محكمة العدل الدوليّة، وعدم إعادتها لأي لاجئ إلى أرضه أو بيته، هي وقائع ومشاهدات ثابتة على الأرض دون حاجةٍ لكثير عناءٍ في الإثبات.

إنّ مواد ميثاق الأمم المتحدة التي خالفتها "إسرائيل" واضحةً وصريحة، فالفقرة الأولى من المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة والتي بيّنت مقاصد هذه الهيئة نصت على أنّ: "مقاصد الأمم المتحدة هي:  حفظ السلم والامن الدولي.....".
وقد نصت المادة (6) من الميثاق على أنّه: "إذا أمعن عضو من أعضاء الأمم المتحدة في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة بناءاً على توصية مجلس الأمن".
إن إجراءات تعليق أو فصل أي عضو من عضوية الأمم المتحدة واضحةٌ في الميثاق، والمطلوب هو تنفيذ هذا الإجراء بحق "إسرائيل" التي انتهكت مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويشاهد العالم أجمع سلوكها الإجرامي وأنها تعرّض السلم والأمن الدوليين للخطر وتهدد وجود الأمم المتحدة، كما تهدد ثقة العالم بهذه المنظمة في حال لم تقم بأي إجراء قانوني بحق هذه الدولة المارقة والمتعالية والمتمردة على المنظمة الأممية والمعاهدات الدولية وجميع قواعد القانون الدولي.
وفي حال تعذّر ذلك يمكن للجمعية العامة اتخاذ قرار أو طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدوليّة وهي الجهاز القضائي للأمم المتحدة حول زوال عضوية "إسرائيل" من الجمعية العامة وإجراءات إسقاط هذه العضوية.
ونذكّر المجتمع الدولي والجمعية العامة أنها اتخذت قراراً حديثاً عام 2022 بتعليق عضوية دولة روسيا الاتحادية من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بسبب الحرب على أوكرانيا أي بعد أقل من ستة أشهر من شنّ الحرب، أفلا تستحق جرائم "إسرائيل" بحق الشعب الفلسطيني التي فاقت الحرب على أوكرانيا، إذا ما قارنا مساحة غزة بأوكرانيا وحجم الدمار والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها "إسرائيل" بحق الفلسطينيين في غزة، فإنها وبالقطع تفوق أضعاف ما تمّ بحقّ أوكرانيا.
وإذا ما تعذّر أحدٌ بأن قرار تعليق عضوية "إسرائيل" يحتاج إلى توصية مجلس الأمن فنوضح أنّ هذا الأمر هو من المسائل الإجرائية التي تستلزم موافقة تسعة أعضاء من خمسة عشر عضو في مجلس الأمن، بصرف النظر عن موقف الدول دائمة العضوية وفق احكام المادة (27/الفقرة الثانية)، (حيث تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من أعضائه ولا يشترط موافقة الدول دائمة العضويّة).
ولتنفيذ هذا الاجراء يمكن للأمين العام للأمم المتحدة ان يعقد جلسة استثنائية للجمعة العامة وفي حال تعذر ذلك يمكن لمجموعة من الدول العربية والإسلامية طلب عقد جلسة استثنائية لطرح موضوع تعليق و/أو فصل "إسرائيل" وفق احكام ميثاق الأمم المتحدة.
 
تابعو الأردن 24 على google news