jo24_banner
jo24_banner

"مشروع اسرائيل" الوثيقة الخبيثة ودلالاتها الخطرة في الحرب على غزة

مشروع اسرائيل الوثيقة الخبيثة ودلالاتها الخطرة في الحرب على غزة
جو 24 :


كتبت لينا الصرعاوي - 

هناك حرب يخوضها العدو الصهيوني بالتوازي مع حرب الصواريخ والدبابات، وهذه الحرب هي حرب  المفردات والتأطير الاعلامي الذي تخوضه اسرائيل لخداع الغرب وتسويق ادعاءاتها وروايتها المفبركة والمضللة. ونحن اذا اردنا ان نحارب العدو في هذا المضمار علينا معرفة وفهم وتحليل  طريقتهم في كسب التأييد العالمي رغم ما يرتكبوه من مجازر وابادة جماعية بحق اهلنا في عموم فلسطين المحتلة.

يبدو ان هذه اللعبة الاعلامية و الدبلوماسية الكاذبة والخبيثة قد انطلت على الغرب وعدد من الدول العربية التي ركبت موجة التطبيع الطوعي تحت بند "الدمج الاقليمي" الذي يهدف الى احتضان اسرائيل هذا المولود اللقيط على حساب القضية الفلسطينية.

ما يطمح ويروج له حلفاء الاحتلال وآلة الدعاية الصهيونية أن يكون العالم العربي واسرائيل مندمجان اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا على حساب السلام العادل والشامل وقيام دولة مستقلة للفلسطينيين.

الكيان الصهيوني منذ عقود تبنى استراتيجية محكمة لكسب الرأي العام العالمي ولديه ادوات و اذرع اعلامية وبحثية ضخمة واسعة الانتشار قادرة على ايصال وجهة نظره ، وتحسين صورته ، وشيطنة خصومه ..

وفي هذا السياق نتطرق الى واحدة من هذه الادوات والاذرع وهو ما يعرف بالمشروع الاسرائيلي The Israeli Project (TIP) وهذه منظمة "غير حكومية" وغير ربحية مقرها الولايات المتحدة..

ووفقًا لموقع هذه المنظمة الالكتروني ، كان لديها فريق يتمتع بعقود من الخبرة في الإعلام والعمل الحكومي وفي معاهد السياسة والأبحاث والأوساط الأكاديمية وفي الجيش.

تأسس مشروع إسرائيل على يد كل من (جينيفر لازلو مزراحي، مارجو فولفتسو، وشيريل شوارتز) في عام 2003.

المشروع كان هدفه الرئيسي هو تغيير التصورات الأمريكية والأوروبية تجاه إسرائيل، وعمِل باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والروسية والعربية والصينية للوصول إلى جمهور عالمي.

في نهاية العام 2012، قرر إغلاق وحدة "الشؤون العالمية" التابعة له ، وذلك للتركيز بشكل أكبر على التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتصورات في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.

و في أواخر عام 2016، ضم مجلس مستشاريها 36 عضوًا ديمقراطيًا وجمهوريًا في مجلس النواب الأمريكي ومجلس الشيوخ الأمريكي.

برنامج لـ TIP الإعلامي العربي - وهو واحد من البرامج في هذا المشروع - ضم على صفحته الرسمية بالفيس بوك"إسرائيل غير خاضعة للرقابة" 1.2 مليون مشترك ناطق باللغة العربية. وعلى الرغم من النجاح الباهر، قرر فريق إدارة TIP الجديد في عام 2014 إسقاط البرنامج العربي الذي أصبح يعرف بشكل مستقل باسم "المصدر"، وتم إغلاق المصدر لاحقًا في أبريل 2019.

وتجدر الاشارة الى أن الموقع الالكتروني لهذه المنظمة اغلق في العام 2019 ، ويبدو ان وجودها العلني قد انتهى تماما ، و ما يثبت وجود هذه المنظمة و أنها ليست ضربا من خيال، أنه تم ذكرها في الموقع الالكتروني للمنظمة اليهودية في واشنطن: 
https://www.jconnect.org/department/the-israel-project

في هذا المشروع  ، هناك وثيقة في غاية الخطورة "ممنوعة من النشر" للدكتور فرانك لونتز وهذا الرجل يعتبر بمثابة الاب الروحي لهذه المنظمة السرية، الوثيقة جاءت بعنوان" اللغة العالمية و المفردات لمشروع اسرائيل في عام 2009" وهي وثيقة محكمة الصياغة والدلالة وواضحة الرؤية والاهداف ، ولذلك علينا أن نفهمها جيدا لندرك كيف نجحوا في استقطاب العالم وتضليله ، ولنتمكن من مواجهة هذا المشروع والرد عليه وكشف غاياته الشيطانية، فالفكرة الفاسدة المضللة لا يمكن دحضها الا بفكرة متماسكة صحيحة وصالحة.

الوثيقة تتجاوز المائة صفحة ، الجزء الأول من هذه الوثيقة هو الاهم حيث تحدث فيه فرانك لونتز عن 25 قاعدة ذهبية للمسؤولين والقادة الاسرائيليين للتواصل الفعال ، وتدريبهم على مهارات التواصل الاستراتيجي ،وتسويق اسرائيل في العالم الغربي و الولايات المتحدة .


لونتز يقول في مقدمته أن "ما يهم ليس ما تقوله وإنما ما يسمعه الناس"، ولذلك ارفق معجما للكلمات الرنانة التي ستترك صدى وتحرك الرأي العام العالمي للوقوف الى جانب اسرائيل.

اذا دققنا في قواعد الاشتباك الاعلامي اثناء و بعد الانتفاضة الثانية نجد أن احدى الاساليب المتبعة للناطقين باسم العدو الصهيوني هي اظهار التعاطف مع الفلسطينيين كما يقول لونتز في وثيقته :" . أظهر التعاطف مع الطرفين! هدف التواصل المؤيد لإسرائيل جعل الناس الذين يحبون إسرائيل بالفعل الشعور بالرضا عن هذا التأييد وبذلك ننجح في استقطاب غيرهم " .

بمعنى ان الهدف هو كسب قلوب وعقول جديدة لإسرائيل دون فقدان الدعم الذي تحظى به إسرائيل بالفعل. وللقيام بذلك يجب أن نركز على الإطار الذي ينظر منه معظم الأمريكيين إلى إسرائيل هو "دورة من العنف الذي دام لآلاف السنين"، وان على الالة الاعلامية الصهيونية ان يقوموا بتبديد شكوك الرأي العام الغربي قبل أن يكونوا مستعدين لتعلم حقائق جديدة حول إسرائيل وتفاصيل نشأتها وحجم الجرائم والمجازر التي ارتكبتها وما زالت تفعل ، الا أن ورقة التوت التي غطت عورات اسرائيل لعقود خلت قد سقطت فعلا في الحرب الأخيرة على غزة، فسمعنا وزير دفاع العدو يواف غالانت منذ اندلاع الحرب يستخدم لغة تهدف للتقليل من انسانية الفلسطينيين حين نعتهم بالحيوانات ودعا الى ابادتهم.

هذا الأسلوب الفوقي في التعاطي مع الحرب على غزة خرق قاعدتين اساسيتين من القواعد الذهبية التي وضعها لونتز :

الاولى : التمييز بين المواطن الفلسطيني و حركة حماس ، وهو ما فشل فيه قادة الكيان الصهيوني في حرب غزة ، فلقد كان عليهم ان يقولوا ان : " حماس هي منظمة إرهابية - يدرك الأميركيون ذلك بالفعل. ولكن إذا بدا الأمر كمهاجمة للشعب الفلسطيني (حتى لو انتخبوا حماس) ، فإنك ستفقد الدعم العام، وهذا ما حدث فعلا ، في الوقت الحالي، يشعر العديد من الأميركيين بالتعاطف مع محنة الشعب الفلسطيني، وسيزداد هذا التعاطف إذا فشل قادتهم العنصريون في التمييز بين الشعب وحماس" .

والثانية : قادة الاحتلال خرقوا قاعدة مهمة ايضا وهي : " كن حذراً من اللغة المستخدمة بالخطاب "اللهجة" ، فاذا ما استخدمت لهجة متصلبة مدببة توحي بالتفوق و تشبه اللهجة الأبوية ، فان ذلك سيتسبب بنفور الأمريكيين والأوروبيين وخسارة تعاطفهم وانحيازهم ...

و يتجلى الخرق الواضح لهذه القواعد بقيام نتنياهو بوصف غزة بأنها "مدينة الشر" ناهيك عن خطاب الكراهية ونعت الفلسطينيين في مواقع التواصل الاجتماعية في اسرائيل بـ"الجرذان والأفاعي". و اذا عدنا لوثيقة لونتز فانه ينصح قادة العدو بالتأكيد على أن: "لا يوجد أبدًا، أبدًا، أي مبرر لذبح النساء والأطفال الأبرياء بشكل متعمد. أبدًا".

اليوم، وجراء ما ترتكبه اسرائيل من جرائم حرب ومجازر وابادة جماعية، لم يعد ممكنا تصديق ما تنشره اسرائيل عن الفلسطينيين، لم يعد هناك من يصدق اكذوبة ان اليهود هم شعب مضطهد ومستهدف ومحارب ، النخب في اوروبا وامريكا باتوا يدركون جيدا ان الاحتلال هو جوهر المشكلة وان لا حل دون قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة ..

ومن وصايا لونتز المهمة ايضا، انه نصح قادة الكيان الصهيوني بالتركيز على شيطنة نضال الشعب الفلسطيني واتهامه باستهدافه للاطفال والنساء بشكل رئيس، ولو كان ذلك كرد فعل على "الاضطهاد الاسرائيلي"، فهناك مبدأ أساسي واحد متفق عليه ومحل اجماع دولي: "الشعوب المتحضرة لا تستهدف النساء والأطفال الأبرياء للقتل." ، وبذلك تحقق غايتها في كسب التأييد والتعمية على ما ترتكبه من جرائم .

الكيان الصهيوني تنازل في عدوانه على غزة عن جميع هذه القواعد والمحددات ، كشف بمنتهى الوضوح عن وجهه البشع ، فها هو رئيس وزرائه نتنياهو يخرج امام العالم ناصحا 1.1 مليون فلسطيني بالتحرك نحو الجنوب و أن الباقين هناك من المدنيين يعتبرون هدفا شرعيا وأن الضحايا المدنيين الفلسطينيين ما هم الا "collateral damage” أو "أضرار جانبية" وهو من أقذر ما يمكن ان يوصف به ضحايا الابادة الجماعية الممنهجة ضد الفلسطينيين وكأنما هم عابرو سبيل يعترضون وحش الاحتلال الذي فقد السيطرة على جنونه.

هذا فيض من غيض التحول في الخطاب الاسرائيلي و محاولات كسب تأييد الرأي العام الغربي و تحديدا الأمريكي، ورُبّ سائل ماذا يعني هذا؟ بكل بساطة هذا مؤشر خطير يشي بأن اسرائيل تدرك أن لا جدوى اليوم من النفاق السياسي والدبلوماسي الذي مارسته لسنين ونجحت فيه في غسل عقول الملايين والعبث بقناعاتهم، الكيان الصهيوني فقد السيطرة و أصبح عاريا تماما قيميا واخلاقيا أكثر من أي وقت مضى، وبات يستمتع بهذا العري بعد ان ضمن الغطاء السياسي والعسكري من حلفائه الفخورين بصهيونيتهم.

وبعد كل ذلك كله، يحدثونك عن السلام الزائف بعد سقوط اكثر من ٢٣ الف شهيد في غزة من بينهم ١٠ الاف طفل و٧ الاف امرأة حتى يومنا هذا ، يحدثونك عن السلام بعدما سرقو من الفلسطينيين انسانيتهم و أحلامهم و حتى خيمه نزوحهم، اي سلام هذا الذي يتحدثون عنه مع كيان مارق متوحش جشع ..لا سلام ممكن بعد هذا العدوان البربري على اهلنا في قطاع غزة ..

وكما غنت ام كلثوم " عايزنا نرجع زي زمان قل للسلام ارجع يا سلام."

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news