من هو النقيب القادم للمهندسين؟
بعد عام ونصف العام من الآن سيحين موعد انتخاب نقيب وأعضاء مجلس نقابة المهندسين الأردنيين التي يكون تعداد أعضائها قارب عندها حوالي 130 ألف مهندس ومهندسة سيوكلون أمور تنظيم مهنتهم إلى هذا النقيب والمجلس القادم، وسيفوضونهم بإدارة أموال واستثمارات وموجودات وعقارات تقارب نصف مليار دينار تخص بشكل مباشر أكثر من نصف مليون أردني من الأعضاء وعائلاتهم وأبنائهم، وتسهم بشكل واضح في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للأردن.
لذا فقد بات من غير المقبول أن تتم الكولسة لترشيح واختيار هذا الفريق القيادي من قبل نفر محدود داخل زاوية ضيقة لهذه القائمة الانتخابية أو تلك أو لهذا التيار الحزبي أو ذاك، بعيدا عن طرح الموضوع على أوسع نطاق إعلامي ونقابي ومهني ومجتمعي، ليساهم المهندسون والنقابيون على اختلاف تلاوينهم في عمليات الترشيح والانتخاب منذ مراحلها الأولى، وهذا ما يقتضيه نهج المكاشفة والشفافية والصراحة التي ينادي بها الجميع أمام وسائل الإعلام ويتنكر لها الكثيرون داخل الغرف المغلقة.
وقد كان بودي أن يتمكن المهندسون واللجان المنبثقة عنهم في إخراج نظام مقترح لتطبيق "القائمة النسبية" على انتخابات مجالس الشعب الهندسية ومجلس النقابة لكي يتم تمثيل جميع الأطياف النقابية بشكل نسبي وعادل، ولا يتم استئثار صاحب النسبة 55% أو أقل بغالبية مقاعد المجلس والشعب وحرمان أصحاب النسبة 45% أو أكثر من أي تمثيل حقيقي وفعلي ومؤثر بعيدا عن الأشكال الديكورية والاستعراضية المستهلكة.
ومع أن الهيئة العامة للمهندسين قد صوتت نحو التوجه للقائمة النسبية إلا أن غياب الإرادة الفعلية مدفوعا بحب الاستئثار بالسلطة والاستحواذ على مفاصل صناعة القرار ساهما بشكل واضح في عدم ترجمة هذا التوجه إلى نظام قابل للتطبيق، وإلا فكيف نفسر أن النقابة حققت إنجازات مشهودا لها على الصعيد المهني والاستثماري والتدريبي والعلمي والتشغيلي تتحدث عنه لغة الأرقام وتعجز عن تطبيق النظام النسبي رغم مرور أكثر من سبع سنوات على طرح الموضوع والمناداة به؟!
أما وقد سلمنا بأن النظام الانتخابي الحالي سيكون هو المطبق في الانتخابات القادمة التي ستجري في النصف الأول من عام 2015، فإن المتوقع هو استمرار سيطرة التيار الإسلامي ونواته الصلبة جماعة الإخوان المسلمين على انتخابات مجالس الشعب ومعظم الفروع ومجلس النقابة ومنصبي نقيب ونائب نقيب المهندسين بعد أكثر من واحد وعشرين عاما من السيطرة المحكمة لهم على هذه المفاصل الهامة، ولا أظن أن التراجع الذي حدث للإسلاميين في معظم النقابات المهنية الأخرى أو ما جرى من انتكاسة مؤلمة للإسلاميين على الساحة المصرية سيكون له أي أثر سلبي على نتائج انتخابات المهندسين القادمة، بل على العكس سيزيد من حالة الاستقطاب والتحدي وسيدفع أنصار القائمة البيضاء (الإسلاميين) إلى الاستماتة العقائدية في الدفاع عن معقلهم الأخير.
وإذا أردنا استقراء المعلومات المتوافرة لدينا للتنبؤ حول أقوى المرشحين لمنصب النقيب القادم فإنه –حسب رأيي- لا يتعدى أربعة مرشحين رئيسيين نستعرضهم واحدا واحدا.
المرشح الأول هو المهندس ماجد الطباع نائب نقيب المهندسين للمرة الثانية على التوالي، وهو الشخصية المهنية ذات المكانة الرفيعة في مجتمع المكاتب الهندسية ذي التأثير الكبير في الانتخابات النقابية، وهو شخصية نقابية توجهها مهني صرف خلت سيرتها في العمل النقابي والتطوعي من أية إشكالات أو شوائب مالية أو شبهات فساد غالبا ما تثار بدون وجه حق في وجه كثير ممن يتصدى للعمل التطوعي الاستثماري والعقاري.
كما أن أداء المهندس ماجد الطباع خلال الدورتين الحاليتين كان مرضيا ومعقولا خصوصا خلال الأزمة الصحية الحرجة التي تعرض لها النقيب الحالي قبل عامين، وقد كان ملحوظا مدى الدعم الذي حظي به المهندس ماجد الطباع لترشيحه نقيبا وليس نائبا للنقيب فقط من قبل المهندس وائل السقا النقيب السابق لقناعته بأنه رجل المرحلة، وبات من الطبيعي بعد دورتين متتاليتين نائبا للنقيب -كما جرى العرف- أن يتولى منصب النقيب تلقائيا.
المرشح الثاني لمنصب النقيب هو المهندس ناصر الهنيدي أمين عام نقابة المهندسين منذ عشر سنوات، وهي أطول مدة يتولاها أمين عام للنقابة منذ تأسيسها قبل خمسة وخمسين عاما، ويصح تسميته بالرجل الحديدي فهو الشخصية الأقوى لدى الإسلاميين من المهندسين والذي ظل محتفظا بالعديد من مفاتيح صنع القرار الحزبي والنقابي لسنوات عديدة، ويعتبره الكثير من المهتمين بالشأن الهندسي أنه هو نقيب الظل والذي يدير جميع الشؤون النقابية بكفاءة واقتدار وسيطرة تامة بعيدا عن عدسات الكاميرات وأقلام الصحفيين والمعارك الصاخبة في الهيئات العامة.
ورغم أن الاتهامات التي تحدثنا عنها آنفا قد طالت المهندس ناصر الهنيدي من خلال قضايا رفعها عليه بعض الزملاء في المحاكم تتهمه باستثمار الوظيفة والاتجار بالأراضي مع النقابة، إلا أن قرار براءة الزميل الذي صدر عن القضاء الأردني النزيه والعادل قد منحه شهادة رسمية ربما حفزته وقد تحفز الإسلاميين بالإصرار على ترشيحه لهذا المنصب الهام، لأن في فوزه بثقة المهندسين فوزا للتيار الإسلامي وشهادة نزاهة ووبراءة وثقة شعبية تضاف إلى الثقة الرسمية القضائية.
المرشح الثالث لمنصب النقيب هو المهندس بادي الرفايعة عضو مجلس النقابة ورئيس الشعبة الميكانيكية للدورة الثانية على التوالي والرئيس الأسبق للجنة مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني، وهو شخصية نقابية وحراكية عريقة ومن أوائل الناشطين في مقاومة التطبيع، لذا فهو يمثل رمزا للعمل الوطني والسياسي، وقد تتصاعد احتمالات ترشيحه أو تتراجع وفقا لتطورات الموقف السياسي للحركة الإسلامية ومشروعها الإصلاحي مع الحكومات القادمة ومدى رغبة واستعداد هذه الجهة أو تلك بالتصعيد والتأزيم أو تخفيف الاحتقان واستيعاب الموقف.
وقد تأثرت حظوظ المهندس بادي الرفايعة سلبا بإخفاقه في إدارة ملف إنقاذ إحدى شركات الألبسة التي اشترتها النقابة، حيث تولى رئاسة مجلس إدارتها ولم يتمكن من وقف تراجعها المالي.
ومن المتوقع أيضا ترشيح المهندس بادي لتولي وظيفة الأمين العام في حال تم ترشيح الأمين العام الحالي ناصر الهنيدي لمنصب النقيب.
والمرشح الرابع لمنصب النقيب هو المهندس وائل السقا نقيب المهندسين السابق الذي يعتبر بعض أنصار الإسلاميين فترة توليه منصب نقيب المهندسين لدورتين متتاليتين العصر الذهبي للإنجازات النقابية على مختلف الصعد، ويعتقدون أن لديه من الطاقة النقابية والإمكانيات القيادية ما يؤهله للعودة لقيادة دفة النقابة بكفاءة واقتدار.
وإذا فتحنا بورصة الأسماء المرشحة لمنصب نائب النقيب فإن العديد من الأسماء من أمثال: الدكتور حامد العايد رئيس التجمع المهني الإسلامي، والمهندس نعيم خصاونة الرئيس الأسبق لفرع نقابة المهندسين في إربد، والمهندس خالد أبورمان رئيس مجلس الشعبة المدنية، والمهندس مروان المالحي عضو مجلس أمانة عمان الأسبق وعضو هيئة المكاتب الهندسية للعديد من الدورات، والمهندس عصام السعدي رئيس الشعبة الميكانيكية الأسبق ورئيس نادي المهندسين الأسبق.
وقد يتم ترشيح زميلة مهندسة نائبا للنقيب وهذه خطوة تقدمية إيجابية حال تجرأ الإسلاميون على الإقدام عليها، ومن أبرز المرشحات لهذا المنصب: المهندسة فدوى أبوغيدا رئيسة لجنة المهندسات في اتحاد المهندسين العرب، والمهندسة أروى الكيلاني رئيسة القطاع النسائي في جبهة العمل الإسلامي، والمهندسة ميساء الشوملي رئيسة لجنة مسابقة مشاريع التخرج والتي لمع نجمها بقوة خلال الدورة الحالية.
أما عن بقية أعضاء المجلس فإن الظرف السياسي الحالي يشي بتصاعد الخلاف بين الإخوان المسلمين المكون الرئيسي للقائمة البيضاء والجبهة الشعبية المكون الرئيسي للخضر اليساريين والقوميين المتحالفين مع الإسلاميين على أثر حدة الخلاف السياسي والموقف من النزاع السوري، مما يعني تصدع وانهيار التحالف وبالتالي استئثار الإسلاميين وحدهم بمقاعد المجلس والذي أتوقع أنه سيكون كما يلي: المقعدان المخصصان للشعبة المدنية سيذهبان غالبا للمهندس حسان عابدين والمهندس بدر ناصر، ومقعد الشعبة المعمارية للمهندسة ريم عثمان، ومقعد الشعبة الميكانيكية للمهندس رائد الشوربجي بشكل شبه مؤكد، والمقعدان المخصصان للشعبة الكهربائية للدكتور أحمد البوريني والمهندس محمود نصر، ومقعد شعبة المناجم والتعدين للمهندس زهير رباع، ومقعد الشعبة الكيماوية للمهندسة إقبال النسور.
بقي أن نؤكد بأن كل ما ذكر هو من باب التخمين والتحليل والتوقعات قد تخطئ وقد تصيب ، ولكنها حق لكل مهندس أردني أن يتناولها ويبدي رأيه فيها وفي مرحلة مبكرة تسبق اللحظة التي يتخذ كل منا فيها قراره النهائي فيمن يسلم له زمام أمر مهنته وتقاعده ومستقبل أبنائه.
المهندس هشام خريسات
مساعد الأمين العام الأسبق
نقابة المهندسين الأردنيين
hishamkhraisat@gmail.com