رفح وسيناريو "النكبة الثالثة".. ماذا لو قاوم الفلسطينيون من سيناء؟
ايهاب سلامة
جو 24 :
اذا استيقظت شعوب الغفلة العربية من نومها صباحًا خلال الأيام القادمة، على وقع هجوم بربري صهيوني ضد مليون ونصف المليون فلسطيني يقبعون تحت النار والحصار في رفح، وأجبرتهم المجازر والقنابل الصهيونية التي لم تسقط على شعب يومًا، إلى اللجوء للأراضي المصرية؛ فكيف ستتعامل الشقيقة مصر مع هذا الخطب الجلل؟، هل ستمنع تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيها بالقوة؟، أم ثمة ترتيبات دبرت بليل لاحتوائهم بمخيمات صحراء التيه؟
إذا تحقق سيناريو التهجير فعلاً، دفعة واحدة، أو بمراحل تحت الضغط والتجويع والدمار، وهو أمر وارد جداً، سيما مع انحطاط الموقف العربي، وانعدام الضمير الإنساني؛ هل ستمنع السلطات المصرية الفلسطينيين المهجّرين حينها من حقهم بتنفيذ هجمات من أراضيها ضد من هجّرهم؟، وهل يحق لها مصادرة حقهم في مقاومة من يحتل وطنهم؟، أم ربما سنشهد تحولاً دراماتيكيًا في الصراع، ونرى صدامات بين مقاومة فلسطينية، وقوات مصرية؟
هذه ليست فرضية فانتازية، فلا يمكن استغراب أو استبعاد توقع في هذا الزمن العجيب؛ بل هو سؤال افتراضي مشروع يجب وضعه أمام عيون الماضين بمشروع التهجير، ليعلموا أن ثمنًا باهظًا سيدفع، وكلفة ضخمة ستترتب، ووقائع بالغة التعقيد عليهم التعاطي معها، فيما لو نفّذ سيناريو التهجير الذي يطبخ الآن على نار حامية.
والسؤال أيضاً: هل سيقبل الشارع المصري الذي يعاني من خمول غير مسبوق وهو يراقب مذابح إخوته في غزة دون حراك يذكر، حدوث صدامات أو اعتقالات وقمع للفلسطينيين الذين ذاقوا الأمرين من كيان الإجرام الصهيوني في غزة، ليجدوا أنفسهم تحت وصاية مقيدة، تصطدم مع حقهم في المقاومة؟
تهجير مئات ألوف الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية، يعني نقل وزرهم ومسؤوليتهم الإنسانية والأمنية والسياسية الى السلطات المصرية، بعد إجبارهم على اللجوء، بمحاصرتهم، وإغلاق المعابر عليهم، ومنع الماء الغذاء والدواء عنهم، وتدمير منازلهم وبلداتهم، وارتكاب مذابح لا يمكن وصفها بحقهم، توطئة لتفريغ أرضهم.
محاولة الإعلام المصري هذه الأيام، إظهار موقف بلاده الرافض لفكرة التهجير، يمكن تفسيرها من زاوية معاكسة، بأنها محاولة لضخ مواقف استباقية رافضة، لرفع العتب لاحقًا، والنأي قدر الممكن عن هول الكارثة المرتقبة، وامتصاص وقع النكبة الفلسطينية الثالثة!
الاستفاقة المتأخرة على رهاب التهجير، تظهر كأنه لم يكن في الحسابات المصرية طيلة قرابة خمسة شهور على أعتى حرب إبادة في التاريخ، بأن فرض حصار خانق على قطاع تم تدميره بالكامل، وقطع شريان المعابر عنه، لن يؤدي إلى موجات لجوء عارمة!، وما الذي كانوا يتوقعوه من سكان قطاع تم تجويعه وتدميره ومحاصرته، سوى التهجير نحوهم في النهاية؟
إذا كانت حجة السلطات المصرية أنها لا تستطيع ادخال شاحنات المساعدات عبر معبرها الخاضع لسيادتها في رفح إلى قطاع غزة، بسبب تعنت الاسرائيليين وفق تبريرهم، فهل ستسمح للاسرائيليين بتهجير مئات آلاف الفلسطينيين من ذات المعبر الذي يرفض الاحتلال إدخال المساعدات منه؟
وهل يمكن التماس ذات التبرير المصري، لأثيوبيا مثلًا؟، إذا ما منعت سيلان النيل للأراضي المصرية بالحجة ذاتها، أنها ترفض فتح "سدودها" نحو الأراضي المصرية؟، هل ستقبل الشقيقة الكبرى هذا التبرير لنفسها، كما قبلته لاشقائها الفلسطينين من الصهاينة؟
ثم، ألا يعتبر دفع مئات الألوف من الفلسطينيين من مختلف مدن ومحافظات القطاع، نحو مدينة رفح بقوة النار والدمار، تهجيراً بحد ذاته؟، ومقدمة لتهجير أكبر نحو الأراضي المصرية؟، أم أننا لم نكن ندرك هذا الأمر لنستفيق عليه فجأة وهم في مخيمات لجوء الأمم المتحدة في سيناء؟
على الحكومة المصرية في هذه المرحلة التاريخية، أن تكون بحجم مصر العظيمة، أم الدنيا، وأرض الكنانة، وتتحمل مسؤولياتها الدينية والأخلاقية تجاه غزة وأهلها، وأن لا تنسى بأن القطاع كان تحت ولايتها منذ العام 48، وتم احتلاله في العام 67 وهو خاضع لسلطتها السياسية والعسكرية!