محللان إسرائيليان من اليمين واليسار: الحرب لم تحقق أهدافها وخلقت أزمات إسرائيلية
جو 24 :
تلاقى كاتبان سياسيان، محللان إسرائيليان، من أقصى اليمين واليسار الصهيوني، في استنتاج أن حرب الإبادة الإسرائيلية، بمرور 6 أشهر على بدئها، لم تحقق أهداف حكومة الحرب على الفلسطينيين، وخلقت أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية إسرائيلية داخلية، وهذا ما يراه المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينية المتشددة، والكاتب التقدمي جدعون ليفي في مقال له في صحيفة "هآرتس" اليوم الأحد.
ويقول يوآف ليمور، "نصف سنة بالضبط على نشوب الحرب، وعلى إسرائيل أن تعيد احتساب المسار: كل الأهداف التي وضعتها لنفسها في بداية الطريق بعيدة عن التحقق. وُضع للحرب هدفان مركزيان. الأول، اسقاط حكم حماس. الثاني، إعادة المخطوفين".
"العاد كتسير الذي اعاد جثته ليل السبت الى البلاد مقاتلو الكوماندو هو دليل على الفشل المدوي في موضوع المخطوفين. فقد اختطف حيا، واشرطته في الاسرى نشرها آسروه مرتين قبل أن يقتلوه. لو أديرت مفاوضات أنجع، وأساسا في المراحل الأولى من المعركة لكان ممكنا أن يكون كتسير على قيد الحياة في بيته، ومثله مخطوفون كثيرون آخرون".
"إسرائيل استبقت في مراحل كثيرة الضغط العسكري على إدارة المفاوضات، بادعاء انه كلما حشرت حماس في الزاوية ستلين شروطها. الخط المتصلب الذي تطرحه حماس في الأشهر الأخيرة يدل على ان هذا النهج فشل. حقيقة أن شمال القطاع وخانيونس احتلال وسحقا، وتقريبا كل سكانهما أصبحوا لاجئين وان 12 ألف من نشطاء حماس تم تصفيتهم (حسب معطيات الجيش الإسرائيلي) لن تثني يحيى السنوار".
ويرى ليمور، أن "السبب الوحيد لتأجيل موضوع المخطوفين كان الحاجة لإنهاء هزيمة حماس. هنا أيضا إسرائيل بعيدة عن تحقيق أهدافها. فلكي يحصل هذا، مطلوب العمل في رفح وفي مخيمات وسط القطاع. صحيح حتى يوم أمس، هذا لم يحصل، وحتى لو صدرت التعليمات بذلك، فسيتطلب الامر أسابيع عديدة لإخلاء اللاجئين وإقامة بنى تحتية داعمة قبل أن تخرج هذه الحملة الى الطريق".
ويكتب ليمور، "ليس فقط في غزة تحصل الحكومة على علامة راسب. ففي الجبهة الشمالية لا يوجد افق لحل عسكري او دبلوماسي يبعد حزب الله عن الجدار، كي يتمكن الذين تم اخلاؤهم من العودة الى بيوتهم. فالمعالجة الفاشلة لهم في كل مجال محتمل- اقتصادي، تشغيل، تعليمي واجتماعي- يدل على واحد من اثنين: إما ان حكومة إسرائيل لا يهمها هؤلاء او ان ليس لديها أي فكرة عما تفعله. كما أن التفاقم في الوضع في كل الجبهات الأخرى، وفي هذه الأيام أيضا مباشرة مع ايران، يثير التساؤل هي توجد للحكومة أي استراتيجية في أي مجال".
ويختم ليمور كاتبا، "حقيقة أن الجمهور يصوت بشكل ثابت في كل الاستطلاعات ضد الحكومة تدل على مدى الثقة التي يوليها لها. الطريق نحو ترميم هذه الثقة تمر بالأفعال: بإعادة المخطوفين، باستكمال المعركة ضد حماس في غزة (وفي إدارة أكثر حكمة لها)، في حل الوضع في الشمال واساسا في تحسين المعاملة لكل من تضرر من كارثة 7 أكتوبر. مواطنو إسرائيل يستحقون مستقبلا أفضل: الحكومة بسلوكها الحالي، تعرضهم عليهم نقيض هذا بالضبط".
نحن أصبحنا نشبه الوحوش
وكتب غدعون ليفي، "اليوم اصبح عمرها نصف سنة، ويبدو أنها لن تكون المرة الاخيرة التي سنحتفل فيها بنصف سنة من الحرب؛ لا أحد في اسرائيل لديه أي فكرة عن كيفية انهاء الحرب الاسوأ في تاريخها، التي تتراكم اضرارها بسرعة كبيرة، ولا يوجد لها انجازات، عمليا هي غير موجودة. لذلك، يجب استجماع الشجاعة والقول: بعد مرور نصف سنة على كوارثها، كان من الافضل أن لا تندلع".
"لا وألف لا، لقد كان امام اسرائيل خيار وبحق، عدم شن الحرب. واذا كانت هذه هي نتائجها فقد كان من الافضل أن تتصرف بانضباط وأن تعاقب من كان يجب معاقبته على الافعال الفظيعة في 7 اكتوبر والسير قدما. عندها كان الجميع سيخرجون رابحين، باستثناء "الأنا" الذكورية والعسكرية في اسرائيل، التي تملي دائما علينا الرد والانتقام والمعاقبة بشكل غير متزن، مهما كان الثمن. هذه سياسة صبيانية وغبية ولا مثيل لها. الشيء المخيف أكثر هو ان اسرائيل ستتصرف هكذا حتى مع ايران".
وتابع ليفي، "أي مجهر الكتروني متطور لن يتمكن اثناء البحث في انقاض غزة وقبورها من ايجاد انجاز واحد لاسرائيل في هذه الحرب، بالعين المجردة يمكن مشاهدة جبال من الاضرار غير المسبوقة".
"اتركوا كل اوصاف اللاسامية في العالم، فقط البعض منها صحيح. كل من يشاهد ما تفعله اسرائيل في غزة يتوقع أن يكرهها ويشمئز منها. لكن اتركوا العالم وانظروا ماذا حدث لنا. دائما كنا لامبالين ازاء معاناة الفلسطينيين، لكن الآن سجلنا ارقام قياسية مدهشة. الاطراف يتم بترها بشكل روتيني في منشأة الاعتقال سديه تيمان وكأن شيئا لا يحدث. 17 ألف طفل يتيم نتركهم لمصيرهم في غزة، ولا يوجد أي رد، لا الاطباء يحتجون على سديه تيمان ولا العاملين الاجتماعيين يحتجون على الاطفال المقتولين والجائعين. نحن أصبحنا نشبه الوحوش، ليس فقط في افعالنا، بل أولا وقبل كل شيء باللامبالاة".
وحسب ليفي، "المزيد من الاسرائيليين بدأوا يفهموا ويتجرأوا على الحديث والاستيقاظ من الاوهام. الآن تزداد الدعوات لوقف الحرب على الفور وبدون شروط، حتى على صفحات "هآرتس". ولكنها جاءت متأخرة ومترددة جدا. التعطش للدماء والسادية خرجت من الصندوق في نصف السنة الاخير هذا. وهذا الامر يعتبر صواب سياسي في إسرائيل".
وختم ليفي "النصف الثاني من العام يمكن أن يكون اسوأ من سابقه. اجتياح رفح يمكن أن يجعل عمليات القتل الجماعي التي نفذناها حتى الآن تظهر كمقدمة. اذا حدث ذلك فإن المنطقة الشمالية ستشتعل وايران سيجتاحها الغضب. من الافضل عدم الدخول الى سيناريوهات رعب واقعية تماما. اسرائيل ستواصل تجميع جثث المخطوفين مثل أمس، الضفة الغربية ستنضم الى زبائن الحرب، وللمرة الاولى في تاريخها اسرائيل ستقف لوحدها امام كل ذلك. يفضل التوقف هنا. وقف صور يوم القيامة الواقعية تماما ووقف الحرب. النصف سنة الاول يكفينا ويزيد، بلغ السيل الزبى".
(صحيفة الاتحاد الفلسطينية)