هل يستفيق الوعي وينهض الوجدان ، ام ان رأس المال جبان ..؟
جو 24 :
كتب المحرر الاقتصادي - بعيدا عن تجاذبات السياسة والاصطفافات الايدولوجية ،والانحيازات الوطنية والاخلاقية الضرورية المتعلقة بحرب غزة ، هناك بعد انساني لهذا العدوان الدولي على الاشقاء في قطاع غزة ، هناك معاناة انسانية لم تعرفها البشرية من قبل جراء القصف والحصار وحرب الابادة والنزوح القسري ، هناك قهر وجوع ومرض وموت يتهدد اكثر من مليوني انسان في قطاع غزة المنكوب . هذه المعاناة التي تقع على بعد موقف، لم تلق ضميرا ووجدانا حيا من قبل اصحاب رؤوس الاموال في الاردن وعالمنا العربي باستثناءات محدودة، للاسف لم تكن كافية لتبعث الامل وتستنهض الهمم وتشعل اضواء خافتة في نهاية نفق الخذلان الموجع ..
في هذه الازمة الانسانية الكاشفة ، غاب رأس المال العربي وخاف وارتاب وغض الطرف وانكفأ وانصرف لشؤونه الخاصة ومراكمة ارباحه، باستثناءات معدودة على الاصابع .. هذا التحول المربك في مقومات الشخصية العربية والاسلامية يكشف حالة التداعي القيمي والاخلاقي الذي وصلنا اليه بفعل فاعل او بخواء عام وشامل ..
كيف يصمت رأس المال الوطني والعربي والاسلامي ، كيف يتركون ابناء جلدتهم نهبا للجوع والمرض والموت دون ان يمدوا لهم يد العون والمساعدة .. ماذا فعلت كبريات الشركات القابضة وغير القابضة والبنوك الربوية وغير الربوية والمؤسسات الربحية وغير الربحية ، ماذا فعل القطاع الخاص العربي وكم كانت مساهمته المعنوية والمادية المعلنة وغير المعلنة في دعم الاشقاء و تأمين المتطلبات الرئيسية لبقائهم على قيد الحياة ؟!!
لا ننكر دور غرف التجارة والصناعة في بلادنا، وما قدموه مع دعم ومساندة للاشقاء، ولكننا هنا نتحدث عن شركات وبنوك كبرى تحقق ارباحا سنوية ضخمة لم تحرك ساكنا الا ما يمكن اعتباره ذرّا للرماد في العيون، مساعدات مادية محدودة للغاية لا تغني ولا تسمن ومن جوع وعطش ومرض .
هذا التجاهل المتعمد، وتلك القسوة والغلظة ،لا يمكن فهمها الا في سياق ما تعيشه الامة من تقهقر وانحطاط وتهافت ..
في ذروة هذا الشعور المؤلم بالخذلان والعجز تصدمك بعض النماذج في الاردن و عالمنا العربي ، بانحيازها الانساني الكامل ، وبمراعاتها لمعاناة الشعب الفلسطيني الصابر في كل فعل ونشاط وخدمة يقدمون ، نماذج راجعت ابان العدوان كل برامجها وخططها واولوياتها على نحو يمكنها من تقديم كل ما تستطيع من مساندة معنوية ومادية للاشقاء في قطاع غزة .. هذه النماذج لم تفكر بالاثر الاقتصادي ولم تعبه لردود الفعل ولم تفكر بالإتردادات ، فعلا صوت المناشدات الانسانية لدى اداراتها الوطنية على نزوع المادة ، فكان الربح العظيم والتقدير الكبير والتجارة التي لا تبور والمكانة الرفيعة في العقول والقلوب..
وحتى لا نقع في فخ الانشاء دون امثلة وبراهين ، دعونا نتوقف عند نموذج واحد كانت دعاياته غزة ، معايداته غزة ، دعمه المالي والمعنوي المعتبر لغزة ، شعاره غزة ، مواده العينية من خيام وملابس وبطانيات لغزة .. وهنا نتحدث بلا شك عن "شركة زين” التي تقدمت الصفوف ، وتجاوزت الحدود في انسانيتها وأخلاقياتها ومعاييرها ، في الوقت الذي بلغ فيه الخذلان احط درجاته حتى وصل الى قعر سحيق لم نعرف بوجوده من قبل ..
لم نتطرق الى هذا النموذج المشرق لغايات اخرى غير تلك المتعلقة بتوضيح الفارق وتكريم من يحدث الاثر البالغ .. فهل يستفيق الوعي وينهض الوجدان ، ام ان رأس المال جبان ..