jo24_banner
jo24_banner

فضيحة لمن؟

فهمي هويدي
جو 24 : في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة الذي وقع في منتصف شهر نوفمبر من العام الماضي أعلنت قطر عن تقديم 400 مليون دولار لإعمار القطاع وإزالة آثار الدمار الذي حل به منذ عدوان عام 2008، وكان أحد الأسئلة التي أثيرت آنذاك يتعلق بكيفية توصيل مواد البناء وخاماته المطلوبة إلى القطاع. وكانت الشركات الإسرائيلية قد أبدت استعدادها لتوفير احتياجات الإعمار ووجهت رسالة إلى الحكومة القطرية بهذا الخصوص. وزار القاهرة آنذاك أحد المسؤولين القطريين وحمل معه العرض الإسرائيلي، علما بأن الشركات الاسرائيلية تسهم في أنشطة بعض مشروعات الإعمار الخليجية. أبلغ المبعوث القطري الجهات المصرية بأن بلاده تفضل أن تتولى شركات المقاولات المصرية هذه العملية. أحيل الملف إلى المخابرات العامة التي تباشر شؤون القطاع، وعقدت عدة اجتماعات تم الاتفاق فيها على أن تتولى شركات المقاولات المصرية توريد احتياجات الإعمار من خلال معبر رفح. رعت المخابرات العامة الاتفاق بين الحكومة القطرية وبين شركة المقاولين العرب، التي رتبت الأمر مع بعض الشركات المحلية التي تعاونت معها من الباطن، لقاء عمولة حصل المقاولون العرب على حصة منها، وحصلت بقية الشركات المصرية على حصة أخرى، (بعض الشركات الأخيرة تابعة للقوات المسلحة المصرية).
حدث ذلك في وقت كانت احتياجات القطاع المعيشية يمر أغلبها من سيناء إلى القطاع عبر الأنفاق، وقدرت قيمة البضائع العابرة وقتذاك بما بين 2 و3 مليارات جنيه سنويا، وهذا المبلغ كان ينعش حركة التبادل التجاري بين سيناء والقطاع على مدار العام. وحين اتفقا على توريد مواد البناء اللازمة من خلال معبر رفح، فإن ذلك أضاف دفعة قوية لاقتصاد القطاع، الذي انتعشت فيه حركة البناء، حيث أدت إلى تشغيل نحو 35 ألف عامل، إضافة إلى رقم مماثل لهم من العمال الذين يخدمون حركة التبادل عبر الأنفاق.
هذا الوضع استمر طوال فترة حكم الدكتور محمد مرسي، ولم يتوقف بعد عزله، إلا أن تطورين متفاوتين في الأهمية حدثا خلال الأسابيع الأخيرة، الأول تمثل في تدمير معظم الأنفاق الأمر الذي أدى إلى وقف حركة التجارة بين الجانبين، وأثر بالتالي على عملية التوريد التي كانت تتم من الجانب المصري، وكان لذلك تأثيره السلبي على اقتصاديات سيناء وعلى العمالة التي ارتبطت بالأنفاق، لكنه لم يؤثر كثيرا على البضائع الموجودة في الأسواق لأن الصادرات الإسرائيلية ملأت الفراغ بسرعة، وقامت بتوفير السلع التي توقف استيرادها من مصر، ولكن بأسعار أعلى بطبيعة الحال.
التطور الثاني الأقل أهمية أن خلافا وقع بين الطرف القطري وبين إحدى الشركات التي كانت تتولى توريد مواد البناء، الأمر الذي أدى إلى تعطيل تجديد العقد الموقع بينهما. مما أوقف التوريد منذ أسبوع. وتم الاتفاق بين المخابرات العامة المصرية والمقاولين العرب على التعاقد مع مورد جديد، وسوف تستأنف عملية التوريد خلال أسبوع.
هذه القصة روتها صحيفة «المصري اليوم» يوم الخميس الماضي (31/10) في إطار جديد تحت العناوين التالية التي أبرزت فوق المانشيت: كشف فضيحة جديدة لحكومة الإخوان ــ إجبار «المقاولون العرب» على توريد مستلزمات ومعدات لحماس بتمويل قطري ومحلب (وزير الإسكان) يلغي العقد. تحت هذه العناوين أوردت الصحيفة النص التالي:
كشفت مصادر رسمية عن فضيحة جديدة ارتكبتها حكومة جماعة الإخوان في عهد محمد مرسي من خلال ممارستها ضغوطا على شركة «المقاولون العرب» لتقوم بأعمال التوريد والسمسرة لحركة حماس في غزة بتمويل قطري تحت غطاء لجنة إعادة إعمار غزة، التابعة لوزارة الخارجية القطرية، وإقامة شركة «وهمية» لهذا الغرض.
قالت المصادر إن الدكتور طارق وفيق وزير الإسكان السابق الذي ينتمي لحزب الحرية والعدالة طلب من الدكتور أسامة الحسيني رئيس الشركة آنذاك وصديق مرسي توقيع عقد ثلاثي مع الجانب القطري لتقديم خدمات توريد المعدات ومواد البناء وغيرها للحكومة المقالة في غزة مقابل عمولة قدرها 1.5٪ من قيمة هذه المستلزمات في إطار منحة قطرية لحماس (المقصود شعب غزة) قدرها 400 مليون دولار.
أشارت المصادر إلى أن المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان الحالي، أبلغ الجهات المعنية بشأن البروتوكول فور علمه به، وكلف المهندس محسن صلاح رئيس الشركة الجديدة بتجميد العقد لحين انتهاء سريانه.
من جانبه أكد المهندس محسن صلاح رئيس الشركة أن الشركة لم تقم بنقل مواد البناء والمعدات عبر الأنفاق ولكنها تمت عبر المعابر، مشيرا إلى أنه تم نقل مواد تقدر بنحو 300 ألف دولار وحصلت الشركة على نسبتها.
أضاف صلاح ــ الذي كان رئيسا للهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي وقتهاــ أن التعاقد كان ثلاثيا بين الشركة ووزارة الإسكان والجانب القطري في إطار توجهات الدولة ومباركة حكومة الإخوان وقتها بالتعامل مع دولة قطر، نافيا أن تكون الشركة قد قامت بأعمال تتعلق بإنشاء أنفاق بين رفح وقطاع غزة لحساب حركة حماس.
حين وقعت على النص، وأدهشني مضمونه العجيب، رجعت إلى المصادر ذات الصلة بالموضوع التي شرحت لي وقائعه شوهها النشر وقلبها رأسا على عقب، فإنني لم أختلف على أنها فضيحة حقا، لكن السؤال الذي حيرني هو: فضيحة لمن؟ أعجبتني في هذا الصدد تغريدة للشاعر مريد البرغوثي قال فيها: خدعوك فقالوا إن تعدد الآراء في الصحيفة يدل على حريتها. دقة الخبر هي حرية الصحافة.
(السبيل)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير