2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

المشروع النووي .. من الغموض إلى الشتم والتحقير

د. علي المر
جو 24 :

راعنا كثيراً ما نسب للدكتور خالد طوقان من تسجيل صوتي يتضمن شتائم وتحقير للمعارضين لمشروعه النووي الغريب! وراعنا أكثر أن ينفي ( وزير التربية المخضرم) الإساءة؛ وأن يدعي بأن ما نسب إليه ملفق بقصد الإضرار بسمعته ولضرب مشروعه؛ وأن تنبري فئة تبرر شتائمه، وتنزهه عن الإساءة وقلة الأدب؛ وتستعطف الناس بأن لكل جواد كبوة، طالبين العفو، تقديراً للظرف النفسي والعصبي للدكتور طوقان بسبب المعارضة الشديدة للخير الذي يبشر به؛ مذكرين الشعب بأن الدكتور كنز بعلمه وخبراته يلزم المحافظة عليه والتجاوز عن أخطائه! ما يدعو للتوقف عند هذا الحدث الجلل لتوضيح بعض الأمور:


الأمر الأول: إن ما تناقلته وسائل الإعلام من شتائم وإهانات بالصوت، لا مجال لنكرانه؛ ولقد كان أجدر أن يتحلى ( المربي العظيم!) بالشجاعة، ويقر بالذنب، ويعتذر للشعب كله، لأن الشعب كله، أو قطاعاً واسعاً منه على الأقل، يعارض مشروعه النووي الغامض، وكله معني بشتائمه، بدليل قوله "حمير أولاد حمير " و زبالين أولاد زبالين"؛ بل لقد ذهب أبعد، ليحقر المورث ( أو الجين) العربي، أو الجنس العربي ككل؛ بدليل قوله " عاهات " و " وتفكير عربي بدائي " و"عربي ونووي لا يستقيمان"!


الأمر الثاني: إنني شخصياً أشهد بأن ما قيل ليس غريباً على الدكتور طوقان؛ فلقد قال مثل ذلك، قبل هذه المرة، في اجتماع رسمي للجنة اليورانيوم التي شكلتها الحكومة برئاسته عام 2008، لإحالة عطاء مشروع اليورانيوم وكنت عضواً فيها! لقد أفصح الدكتور طوقان منذ أول اجتماع للجنة أنه يريد تلزيم المشروع للشركة المذكورة، ولما تبين لي أنه يريد من اللجنة أن تعطيه غطاءً قانونياً فقط، اعترضت عليه، وطالبته بالالتزام بالشفافية، فانفعل، ورفع صوته، ونعت العرب " بالعربان الذين لا يفهمون في الطاقة النووية شيئاً"؛ ولقد فضلت الانسحاب من الاجتماع على قبول الإهانة والمشاركة في الخطيئة؛ ففصلت من اللجنة على الفور، ومن إدارة مشروع اليورانيوم، وأحلت على التقاعد في غضون أيام؛ ولما اعترض المسؤول المباشر عني، وأصر على عدم التنسيب بإحالتي على التقاعد، صدر التنسيب من جهة أخرى غير مخولة!


الأمر الثالث: إن ما يشاع من خبرات وعبقرية الدكتور طوقان، والتي يبرر بها استعلاءه، ويبرر البعض بها تقبل الإهانة، ويدعون الشعب لتجرعها حفاظاً عليه كمكسب عظيم، غير صحيح! إن الشيء الذي يجب أن يعرفه الناس أن الدكتور طوقان عمل بعد تخرجه مباشرة، أستاذاً في جامعة، ثم مساعداً لعميد كلية، ثم عميداً لكلية، ثم رئيساً لجامعة، ثم وزيراً للتربية؛ ولا تتضمن سيرته الذاتية سنة خبرة عملية واحدة في المجال النووي على أي مفاعل؛ ولم ينشر أي كتاب عن الطاقة النووية، وليس له أي بحث أو دراسة لها علاقة مباشرة بالمفاعلات والمحطات والطاقة النووية. وفي الأردن الكثير من الخبراء والكفاءات الذين يحملون مؤهلات أفضل تم تغييبهم وإقصاؤهم من قبل الدكتور طوقان!


الأمر الرابع: وحتى لو كان الدكتور طوقان منقذاً أعظم ونابغة عصره: فلا يجوز له التطاول على الناس. لقد بعث محمد صلى الله عليه وسلم في شعب أمي جاهلي يعبد الأصنام ويئد البنات ويقطع الطريق ويطوف حول الكعبة عراة، فجعل منهم أمة قوية عزيزة، سادت العالم في زمن قياسي، وأنشأت حضارة لم يشهد لها العالم مثيلاً، لا من قبل ولا من بعد، في بعديها الروحي والمادي. إن الفضل يعود لأولئك " العربان " الذين رباهم محمد عليه السلام في تحرير العقل البشري من خرافات الأمم السابقة، وفي وضع الأسس الصحيحة لجميع العلوم: الفيزياء والكيمياء والرياضيات والفلسفة والطب والفضاء .. الخ؛ ولم نسمع منه عليه السلام كلمة واحدة نابية، ولا من أصحابه وأتباعه، تصف العرب ( أو غيرهم) بالبدائية والدونية والتخلف! وحق له أن يصفه رب الكون بقوله " وإنك لعلى خلق عظيم "! وحق لخالد طوقان، الذي لم يقدم للأمة أي شيء، أن يقتدي به!


الأمر الخامس: إن معارضة الشعب الأردني للمشروع ليس دليلاً على الجهل أو التخلف الذهني أو الانحطاط الجيني! بل دليل ناصع على الوعي والفهم العميق. لقد عارض الأوروبيون والأمريكيون واليابانيون الطاقة النووية في بلادهم؛ وقررت: ألمانيا وقف محطاتها النووية السبعة عشر بحلول عام 2020؛ وقررت فرنسا وقف محطاتها التسعة والخمسين بحلول عام 2050؛ وأعلنت اليابان وقف آخر محطة من محطاتها النووية الأربعة والخمسين يوم 5/5/ 2012. وكذلك فعلت شعوب وأمم أخرى: فهل هذه الشعوب متخلفة وحمير وزبالين!؟ ووحده الدكتور طوقان، لا ينطبق عليه هذا الوصف، يحلق خارج السرب ويسير عكس الاتجاه، ويستشهد بإحصائيات قديمة: أن في العالم 430 مفاعلاً نووياً، في 30 دولة، و63 مفاعلاً قيد الإنشاء في الصين والهند والصين وكوريا!؟ وما وجه الشبه بين الأردن وكوريا والصين والهند وغيرها من دول نووية!!


الأمر السادس: وفي سياق محاولاته المستميتة لفرض مشروعه كأمر واقع لجأ الدكتور طوقان للمراوغة والتحايل ( حتى على القانون والبرلمان)؛ ولم يتورع في الآونة الأخيرة، بعد اشتداد المعارضة: من اتهام المعارضين لمشروعه بأنهم مدفوعون من الخارج! وذهب في تصريحه لصحيفة الغد بتاريخ 21/5/2012 إلى القول: بأنه ضحية مؤامرة كونية يشترك فيها الداخل و15 جهة خارجية؛ ما يدعو لليقين بأن هذا الرقم غير ذي دلالة، سوى التمادي في الإسفاف والتجديف، وإلا: لماذا 15 جهة لا أكثر ولا أقل؟ ومن هي هذه الجهات الخمسة عشرة؟ وهل هنالك غير أمريكا وإسرائيل؟ وكيف يفهم هذا التصريح في ضوء ما نعرفه من حماسته للتطبيع مع إسرائيل؟ وفي ضوء ما نشرته جريدة المستقبل العربي يوم 20/5/2012 بأنه كان قد فرض وزيراً للتربية من السفير الأمريكي، في حكومة علي أبو الراغب عام 2000!؟ وهذا ليس مجرد كلام جرائد بل حقيقة؛ فلقد حجب نواب الحركة الإسلامية الثقة عن حكومة على أبو الراغب عام 2000 لأسباب عديدة منها تصريح للسفير الأمريكي لرئيس مجلس النواب الأردني في حينه ( الدكتور عبد اللطيف عربيات) بأنه عين خالد طوقان زيراً للتربية في تلك الحكومة وسوف يظل وزيراً ثمانية أعوام لأسباب تتعلق بالمناهج (2). فهل يفهم من هذا أن المشروع النووي الأردني (الغامض!) يأتي في سياق استحقاق إقليمي مفروض على الأردن، كما فرض الدكتور طوقان نفسه على الأردن؟ وأنه فرض على الطاقة النووية ولن يتركها حتى يستكمل هذا المخطط الجهنمي!!؟ وهل اتهامه للمعارضين بالتأثر بالخارج هو للتغطية على علاقة مشبوهة له بدأت تتكشف عندما أوضح بعض المعارضين، في مناسبات عدة، بارتباط المشروع بالمخططات الإسرائيلية (3)!؟


الأمر السابع: إن ما يسوقه الدكتور طوقان من تبريرات لمشروعه الأحجية! لا تعدو كونها حججاً واهية علمياً واقتصادياً وفنياً؛ واستدلالات، من تجارب الغير، لا تتفق مع الواقع والظروف الأردنية باي حال. ورغم المطالبات المستمرة من خبراء معروفين ومشهود لهم، بالإجابة عما يلف هذا المشروع من غموض وتناقض: نجده يتجنب الإجابة المباشرة، ويكتفي بالضرب على الأوتار الحساسة، مثل الحاجة الماسة للماء، والطلب المتزايد على الطاقة ، وفاتورة النفط المرهقة للدولة؛ ويصور للناس أن مشروعه النووي هو الحل السحري، والوصفة الشافية ، لكل هذه الصعاب! ويدعم تصوراته بتجارب دول كبرى صناعية مليئة! والحق أن هذا المشروع خطير وخاسر ومتخبط، وسوف يظل مستنزفاً لمقدرات الدولة، التي ستجد نفسها، إن فرض عليها ( لا قد الله) مرغمة (طوعاً وكرهاً في آن واحد!) على تسخير كل إمكانياتها ومصادر مياهها له؛ وإلا فالكارثة المحققة والنهاية المريعة، للبلد كله: دولة وأرضاً وشعباً! ولنا – حتى لا نتهم بالجهل والتجني- أن نسأل:
يا دكتور خالد طوقان: كيف لزَّمت عطاء استكشاف اليورانيوم ( بغض النظر عن الطريقة المريبة التي اتبعتها في الإحالة) دون شروط ملزمة للشركة بتعويض الأردن عن أي خلل في التطبيق أو تأخر في التنفيذ!؟ وكيف أتبعته بتلزيم الشركة إياها عطاء تعدين اليورانيوم ( بعد اشهر فقط!) وقبل ثبوت وجود اليورانيوم!؟ والزمت الأردن أن يعوض الشركة، عن احتياطيات كبيرة من اليورانيوم، قبل ثبوت وجودها!؟ وألزمته بتفضيل الشركة إياها في عطاء المحطات النووية!؟ قبل ثبوت جدواها؟ ودون أن تعرض أي من هذه العمليات والاتفاقيات على البرلمان؟ فلماذا كل هذه الحيل والمراوغات؟ وماذا وراء إصرارك على حرق المراحل بهذه الطريقة!؟ وكيف السبيل للتخلص من هذه الورطة؟ ومتى؟ ومن سيدفع هذه الخسائر والتعويضات؟ ولماذا!؟ إن كنت – يا دكتور - تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: كيف تزعم بأنك سوف تمول مشروعاً ضخماً تتجاوز كلفته عشرات المليارات من الدنانير وتشغله، من بضع ملايين من الدنانير من عائدات اليورانيوم ( إذا ثبتت!!!)!؟ أو ليس من الحكمة أن تنتظر، فنكتشف اليورانيوم، ونستخرجه، ونبيعه، ونقلص الدين العام، ونوفر ثمن المحطات النووية!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: لماذا تضلل الرأي العام بقولك أن 24 ألف طن من اليورانيوم تكفي لإنتاج ما ينتجه 24 مليون طن من النفط!؟ وهل العبرة بالكمية أم بالكلفة، وهل تعلم أن سعر طن اليورانيوم المخصب 2000 – 2500 ضعف سعر طن الديزل!؟ وأن كلفة وحدة الإنتاج هي الفيصل في حسابات الجدوى وليست الكميات المجردة!؟؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: من قال لك أن مفاعلاتك النووية من الجيل الثالث ( أتيميا-1) أو حتى العاشر مجدية فنياً، وهي غير مجربة عملياً؟ ولماذا تريد أن تجربها على أرضنا؟ وما مصلحتنا في ذلك؟ وهل تعلم أن أي تقنية نووية يجب أن تكون مثبتة ومجربة في بلد المنشأ ليكون مسؤولاً دولياً عن أي خطر ينجم عن استخدامها!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: من قال لك أن مشروعك النووي مجد اقتصادياً؛ ولم تجر بعد أية دراسة جدوى اقتصادية أو فنية أو بيئية؟ وهل تعلم بأن المحطة النووية الأولى ( وفي جميع دول العالم) لا يمكن أن تكون مجدية؛ وأنه لكي يبدأ المشروع في تحقيق أرباح حقيقية يجب أن يتضمن عدداً من المحطات، تكلف عشرات المليارات، لا تستطيع الدولة الأردنية تحملها!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: هل تعلم أن محطات الطاقة النووية فشلت في تحلية المياه في جميع أنحاء العالم!؟ وأن المحطة النووية الوحيدة في العالم، التي جربت لهذا الغرض ( وهي بالأمارة سوفييتية)، أغلقت يوم 23/11/2003، ولم يبن بعدها غيرها؟ فلماذا تصر على هذا الخيار!؟ ولصالح من!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!
يا دكتور خالد طوقان: هل تعلم أنه ليس من العلم ولا الحكمة ولا المنطق ولا المصلحة أن تتحمل دولة ما كلف وتبعات مشروع نووي كبير وخطير، لكي تصدر للغير سلعة نظيفة هي الكهرباء وبسعر السوق!؟ وهل تضمن - يا دكتور – مثل هذه السوق الكبيرة، طول عمر المشروع، لمئة سنة قادمة، وفي منطقة ( من العالم) أشد ما تكون قلقاً وفي ظروف أكثر ما تكون تغيراً؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: هل تعلم أن المحطات النووية تتطلب زيادة على الكلف المباشرة، عشرات المليارات الأخرى لإنشاء البنية التحتية المتطورة جداً، ولتنفيذ مشاريع الحوض النووي الداعمة، وكلف الأمن والحماية والعلاقات الدولية والرصد الإشعاعي وإزالة التلوث والتصدي للحوادث، والتعويض عن الأضرار محلياً وإقليمياً ودولياً، والتفتيش والضمانات ومكافحة التخريب والارهاب!؟ وأن هذه الكلف لا يمكن مطالبة المستثمرين بها ويجب على الدولة أن تتحملها ( مكرهة غير طائعة!)!؟ فكم هي؟ ومن أين ستوفرها دولة مدينة، تكاد لا توفر رواتب موظفيها؟ وما شأن الدولة في قبول هذه المجازفة وتحمل هذه الكلف!؟ ولمصلحة من!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: هل تعلم أن المحطات النووية الأربع، التي تقول بأنك سوف تبنيها في الأردن، سوف تستهلك 120- 150 مليون متر مكعب ماء في السنة ( على الأقل!)؛ أو 7- 9 مليار متر مكعب في عمرها الافتراضي؟ فمن أين ستأتي بها؟ وما تأثيرها الآني والاستراتيجي على بلد يكاد يوزع الماء بالكوبونات!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!

يا دكتور خالد طوقان: من قال لك أن توليد الكهرباء في المفرق ( أو غيرها) ثم ضخها في الشبكة لتحلية المياه بها في العقبة ( أو غيرها) فكرة صحيحة!؟ وهل تعلم أن هذه العملية تؤدي إلى فقد 90- 95% من الكهرباء المولدة بمحطاتك النووية بسبب عمليات التحويل والنقل!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: ألم تكن تعلم – وأنت الخبير النووي الكبير- أن منطقة العقبة لا تصلح لبناء المحطات النووية قبل دفع 13 مليون دولار لشركة لتقول لك ذلك في غضون أيام!؟ وأن منطقة المفرق لا تصلح قبل أن تدفع 10 ملايين أخرى!؟ وهل تعلم أننا عندما اخترت أنت العقبة عام 2008 بينا أنها لا تصلح، بمذكرة من 8 صفحات فقط؛ دون الحاجة إلى شركات دولية وخسارة ملايين الدولارات، ودراسات بحجم 14 ألف صفحة كما ذكرتَ أنت أمام البرلمان! أو 164 ألف صفحة كما ذكر مدير مواقع المفاعلات النووية في هيئتك أمام مؤتمر طلابي قبل أسابيع!؟ فأيهما أصح؟ ولماذا كل هذه الكلف؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: هل تعلم أنه لا يجوز بناء محطات نووية في عمق الصحراء وتبريدها بمياه عادمة، وبماسورة مكشوفة معرضة للتعطل والتصدع والصدأ والتخريب والنسف والتسريب؟ فينقطع الماء فتنفجر المحطة!؟ فتذهب المليارات سدى! وتضع مستقبل الأردن وبقاؤه كدولة في مهب الريح؟ وهل تعلم أن عدد من تأثر من حادثة تشرنوبل يفوق عدد سكان الأردن؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: لماذا تصر على أن المشروع غير معرض للحوادث؟ وما الذي يمنع وقوع حوادث مدمرة بسبب ما قد يحصل من: كوارث طبيعية، أو مشكلات صناعية، أو أخطاء بشرية، أو بسبب انقطاع الكهرباء أو نقص ماء التبريد، أو سقوط الطائرات والنيازك، أو بسبب الحروب وأعمال التخريب.. الخ!؟


يا دكتور خالد طوقان: كيف سوف تلزم الشركة المنفذة أو الشركة المشغلة أو الشريك الاستراتيجي (الذي تتحفنا بالحديث عن أفضاله!) بخسائر وكلف تداعيات حوادث، قد يتسببون بها، وتمتد آثارها جغرافيا لتشمل العالم كله وزمنياً لآلاف السنين القادمة!؟ ماذا لو انحلت الشركة او أعلنت إفلاسها للتملص من التبعات القانونية؟ وماذا يجدي حتى لو ظلت قائمة ودفعت ما عليها!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: وفي حال وقوع حادث نووي مثل تشرنوبيل أو فوكوشيما: فكيف ستواجه تداعياته، وتوفر عشرات المليارات من الدنانير ومئات الألوف من العاملين الفننين ورجال الدفاع المدني والقوات المسلحة ورجال الأمن، المدربين طويلاً والمجهزين جيداً... كما حصل في روسيا واليابان؟ وهل وضعت هذا في حساباتك لجدوى المشروع، وحكمت بعدها أن المشروع ممكن التنفيذ ومجد اقتصادياً وفنياً وبيئياً؟ وهل نفعت التكنولوجيا المتطورة جداً والاستعدادات القوية جداً والكوادر المدربة جيداً: الاتحاد السوفييتي واليابان وغيرهما!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: وهل على بلد صغير، غير مصنع، وفقير مالياً كالأردن: أن يحتفظ بمخزون كامل من مكونات المفاعلات الغالية والقطع النادرة والمواد النووية الخطيرة لمواجهة أي حادث محتمل، وعلى مدى عمر المشروع 60 – 100 سنة؛ وكلما فسدت أو نضبت استبدلناها!؟ أم أننا سوف نلجأ لطلبها من الخارج وقت وقوع الفاجعة؟ وهل يجدي الطلب من الخارج أثناء الحوادث، التي تتطور في ثوان لتصبح غير قابلة للسيطرة عليها؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: هل تعلم أن الجيش السوفييتي ( الأحمر!) ظل على مدى الأيام الأولى لحادثة تشرنوبيل، يلقي بالطائرات الحربية، وفي كل ساعة، 30 ألف طن مياه مخلوطة بعنصر البورون، لوقف التفاعلات النووية وإطفاء الحرائق التي اندلعت في قلب المفاعل المعطوب ولم يستطع!؟ وأن الطوفان العظيم (التسونامي) لم يطفئ محطة فوكوشيما المحترقة! فهل ستطفئ محطة تقيمها في كبد الصحراء (العطشى!) بماسورة مياه (عادمة!)؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: من قال لك أن مشروع المحطات النووية سوف يسد جزئياً أو كلياً فاتورة النفط الهائلة؟ وأن بإمكاننا إنتاج الوقود النووي وتخصيبه محلياً لنحقق أمن التزود بمصادر الطاقة؟ وهل تعلم، كما بينا بالحساب والأرقام لك، وفي غير مناسبة: أن المشروع سيفاقم أزمة الدين؟ وأنه سوف يظل يستنزف الخزينة، وسبباً في إخضاع البلد لإملاءات المزودين والمصنعين!؟ أم هل سيصبح الأردن منتجاً للقطع والمفاعلات النووية في غضون سنوات ليحقق مقولتك الخادعة باستقلال التزود!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: أليس من الحكمة أن نستثمر الملايين، التي تهدرها للمشروع النووي الخاسر المدمر، للاستفادة من الصخر الزيتي الذي يتوفر في أراضينا بكميات تكفينا 600 عام وأكثر! وهل تعلم أنه بإمكاننا استخدام تقنية الحرق المباشر فنستفيد من هذا الاحتياطي الاستراتيجي الهائل، في توليد الكهرباء وحتى لتحلية المياه، بدل المحطات النووية، وبدون استنزاف مياهنا المحدودة ودون التعرض لخطر الحوادث ورعب الفضلات النووية المزمن!؟ والخضوع للغير!؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: وهل تعلم أنه من الأفضل لنا أن نستثمر الأموال التي تهدرها في المشروع النووي، في بناء مصانع لإنتاج اللواقط الشمسية، من رمالنا الفاخرة الوفيرة، فنسد حاجتنا ونطور صناعة الزجاج والبلور، ونشغل أبناءنا، ونصدر للعالم؟ ونستفيد من طاقة الشمس المجانية، والتي لا تنضب، والتي تعزز استقلالنا، ولا تستهلك مياهنا، وليس فيها خطر ولا حوادث ولا فضلات؟ إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم!


يا دكتور خالد طوقان: عشرات القضايا والأسئلة الخطيرة، أثارتها المعارضة الواعية لمشروعك الغريب الغامض، وفي مناسبات عديدة، كان أجدر، قبل الشتم، أن تجيب عليها، وتقنع الشعب العظيم، الذي لم يعد يطيق بما تردده من معزوفتك المعهودة: 400 مفاعل، 30 دولة، مليارات، تخصيب، تصدير، واستدلالات كثيرة من تجارب لا تمت لواقعنا بشيء؛ وبمحاولاتك المستميتة لفرض الأمر الواقع، خطوة خطوة، تقصي من يعارض، وتسكت من يتساءل، حتى تصل بمشروعك الغامض إلى نقطة اللاعودة، وتصل بالبلد العزيز إلى حافة الهاوية، ثم لم تتورع أن تصف بالجهل خبراء تشهد لهم كل المؤسسات المحلية والعربية والدولية! وبالتخلف شعباً أراده الله للرباط المقدس؛ وبالدونية أمة وصفها الله بالخيرية!؟

يا دكتور خالد طوقان: إذا كان الشعب كما وصفت فلمن تكد بمشروعك؟ وبمن تستعين عليه!؟ وإذا لم يكن كما وصفت فكيف يثق بك وبمشروعك!؟ أم بالغموض والشتم والتحقير تدوم النعم!؟
______
الهوامش:
1- أنظر كلمة الشيخ دكتور محمد عبد القادر أبو فارس أمام البرلمان في جلسة مناقشة بيان حكومة علي أبو الراغب عام 2000.
2- أنظر وقائع المؤتمر الأردني الأول المناهض للمشروع النووي؛ عمان 20 تشرين ثان 2011؛ ووقائع الندوة الحوارية التي نظمتها نقابة المهندسين الأردنيين بتاريخ 4/4/2012.

تابعو الأردن 24 على google news