ذوو القربى.. قلوبهم مع غزة وسيوفهم على المقاومة!
ايهاب سلامة
جو 24 :
لم تكتف قيادات محسوبة على القوى السياسية الفلسطينية، بمواقفها المتخاذلة طيلة حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة، بل تخندقوا في الجهة المقابلة، وامتطوا ظهور المنابر والفضائيات، وشحذوا سكاكينهم، وطعنوا المقاومة في الخاصرة، بمواقف وضيعة فاجرة، تستحضر مذمة طرفة بن العبد: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة..!
كيف يقبل هؤلاء المطايا، استغلال هذا التوقيت العصيب الذي لا يقبل الخلاف والحياد، ولا يتركون منبراً إلا انبروا عليه، وتنطحوا منه على المقاومة، وهي التي تواجه الكيان الذي يحتل بلادهم ومقدساتهم؟
ماذا أبقيتم لافيخاي أدرعي يا ترى؟ ولماذا لم نشاهد هذا "الحماس الوطني" على "العدو الصهيوني" ولم نسمع فصاحة ألسنتكم بمهاجمة الجزارين الذين يذبحون الأطفال والنساء الفلسطينيين، بدلاً من التطاول على المقاومة التي رفعت رأس الفلسطينيين وأمتهم بجهادها واستبسالها؟
ألم يكن أولى لهؤلاء الناعقين أن تغضبهم جرائم التطهير العرقي لشعبهم مثلاً؟، وحرب التجويع والإبادة، بدلاً من فتح جبهات إعلامية ضد المقاومة التي تذود "عنهم" وأهلهم، وتنوب عن الأمة وحدها بمواجهة الصهاينة؟
الله أكبر.. متظاهرون يهود، انتفضوا في شوارع نيويورك وواشنطن وكاليفورنيا، وعواصم غربية، تضامناً مع غزة المسلمة.. شعوب غربية لا تعرف الفروض الخمس، ولا اتجاه القبلة، ثارت في شوارع بلادها ساخطة على مذابح غزة المسلمة.. أفارقة ولاتينيون، آسيويون بوذيون، شتموا قيادات الإحتلال القتلة، وطالبوا بمحاكمتهم، وتضامنوا مع غزة المسلمة..
سياسيون وإعلاميون، وفنانون أوروبيون، كسروا التابوهات السياسية، وضربوا "تهمة" معاداة السامية، بـ"القندرة"، وتجلّت مواقفهم الإنسانية البطولية، مع غزة المسلمة؛ فيما أبناء جلدتنا، يجلدون المقاومة، ويفتحون نيرانهم عليها، ويصفّون حساباتهم الدنيئة معها.
آلاف المسيرات الشعبية، والتظاهرات الجامعية، الرافضة لحرب الإبادة، المناهضة للاحتلال، المناصرة لغزة، خرجت عن بكرة أبيها في عواصم العالم، في وقت كانت تُقمع المسيرات والتظاهرات في الضفة الغربية، وتُعتقل وتُغتال قيادات المقاومة!
رؤساء دول لا يمتّون للعروبة والإسلام بصلة، يهاجمون الإحتلال ومجازره، وينددون بحرب الإبادة، ويقطعون علاقات بلادهم مع الكيان المجرم، ويطردون سفراءه، فيما قيادات فلسطينية، تهاجم المقاومة الفلسطينية، وتشيطنها، وتدينها، وتحمّلها مسؤولية المذابح!
لو صدقت النوايا، لغلّبتم المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا على خلافاتكم مع حماس وحركات المقاومة، واستثمرتم حرب الإجرام الصهيونية التي وقف العالم كله ضدها، لصالح فلسطين وقضيتها.
ولو صدقت النوايا، لسخّرتم الشجر والحجر، وذات الألسن الطويلة التي تهاجم المقاومة، لفضح مجازر الإحتلال بدلاً من مهاجمة المقاومة.. ولو.. ولو.. لأغلقتم ماخور التنسيق الأمني، وألقيتم أوراق أوسلو في مكبّات القمامة، وأسندتم بالدم والرصاص المقاومة، وهي التي داست على أنف الإحتلال، وأذلته، وفتحت بوابة التحرير، وأعادت للأمة الكرامة.
لكن المطالب لا تنال بالتمني، فالشارع الفلسطيني، أفرز بعد سبعين عاماً من الإحتلال مشروعين متناقضين، أحدهما، تبنى المقاومة كمشروع لمواجهة المشروع الصهيوني الاحتلالي، وسبيل أوحد لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر.
والثاني، ألقى سلاحه، وتبنى مشروع السلم والتفاوض، طيلة عقود ثلاثة خائبة، أوصلهم فيها "أبناء العم" إلى بحر أوسلو، وإعادوهم منه عطشى، يجرجرون ذيول خيبتهم. فخسروا السلاح والسلام معاً، وأصبحوا، كالغراب الذي أراد ذات يوم أن يصير حمامة، لكنه، ما صار حمامة، ولا عاد كما كان غرابا!