jo24_banner
jo24_banner

المرأة الأردنية والانتخابات

آلاء الشمري
جو 24 :


لا يستهويني كثيرا الهوس بكل شيء حولنا، فهذا أدب نسوي، وتلك فعالية نسائية، وذلكم إبداع نسواني، وهنالك ابتكار حوّائي، وكأن النساء في حرب مزمنة مع الرجال لا يرجى البُرء منها أبدا، وبناء على ذلك عليهن التكتل والتمترس والتحصن وإنشاء نسخة نسائية من كل شيء، ولا يشترط في هذه النسخة أن تضاهي النسخة الرجالية جودة، بل يكفيها أنها نسائية، فهذا بحد ذاته إنجاز، بل وربما عند البعض إعجاز!

هذه العقلية المستشرية في العالم العربي سببها عقود طوال من التهميش والظلم للمرأة، لكن لا يُعقل أن تُستورد هذه العقلية حتى حين تُفتح المجالات للمرأة اليوم، وقد اقتربت الانتخابات نرى هذه العقلية تسود لدى الكثيرات؛ فلا بد لكِ عزيزتي الناخبة من التصويت للنساء وإلا فأنتِ جاهلة جهولة جهِلَة جهّالة جهيلة مجهالة وأم جهل أيضا، بل والسبب الرئيس في تقهقر وضع المرأة وانتشار الجهل الانتخابي! لكن ماذا إذا لم تقتنع الناخبة بأي من المرشحات في دائرتها؟ أو أنها اقتنعت لكنّها ترى أن فرصة هذه المرشحة ضعيفة وإهدار الصوت عليها سيمكن نواباً فاسدين من الوصول، والأجدر بهذا الصوت أن يذهب لإصلاحي فرصته أفضل في الفوز؟.

ثم، لماذا تصر المرأة على دخول البرلمان نائبة - وهذا حق مشروع بل وأمل مطلوب لا غبار عليه - وواقع الحال يقول إن الأمر يحتاج إلى فترة ليتحقق على الوجه المأمول؟ فالمجتمعات لا تتغير بجرّة قلم، إنما تتغير بالتحرك وبالحراك.

إذاً، ما هي الخيارات المتوفرة أمام المرأة لإيصال صوتها وهمومها؟ «ما لا يُدرك كله، لا يُترك كله»، على النساء أن يعرفن بدءًا كيف يكن ناخبات واعيات مؤثرات، وكيف يسطرن مطالبهن على أجندة المرشحين وكيف يحاسبهن إن قصروا، أي أن يكنّ جماعة ضاغطة، وهذا الأمر لا يتحقق بأن تمنح المرأة صوتها إلا بناء على نقاشاتها وقناعاتها، لا بناء على أي معيار آخر، آمل على النساء أن يتخذن القرار الانتخابي السليم بناء على القوة والأمانة لا بناء على النسب أو المجاملات.

نعم، هناك مظالم ومغابن تواجه المرأة، لكن لا ولن تحل إذا ظلت المرأة تنظر للحياة بعين واحدة فقط، تشرنق المرأة وتركيزها على قضايا صغيرة يجعلها صيدا ثمينا للمرشحين الذين يجيدون صف العبارات والوعود، نعم، هناك هموم ومطالبات للمرأة متعلقة على سبيل المثال بإعادة النظر في نظام التأمينات الاجتماعية للمرأة غير المتزوجة، ووضع المرأة المتزوجة بغير اردني، والعنف الاسري، وغيرها كثير كثير، لكن لا يعقل أن يكون هذا أكبر الهم ومبلغ العلم، فالنساء شريكات في بناء المجتمع لا مستنفِعات، لا يسعين وراء القوانين التي تمنحنهن المزايا وحسب، بل يقلقن على ما يقلق الوطن.

لذا، إذا كانت المرأة تحاسب ممثلها في المجلس على قضايا شتى تخص المجتمع، هنا فقط يمكننا أن نقول إنه يمكنها أن تدعي أنها ناخبة مارست حقها، فالانتخاب ليس ورقة تلقى في الصندوق، بل هو الخروج خارج الصندوق لأفق أوسع، «الحضارة لا تحجل» كما يقال أي لا تقفز على رجل واحدة، وامتناع المرأة عن تقديم مساهمتها المجتمعية والحضارية باختيار واع في يوم الاقتراع، واكتفاؤها بالركون والمراوحة والمِراء في قضايا محدودة، مَضرَّة لا تفوقها مضرة إذا أنها بذلك لا تبادر لخير المجتمع وتقدمه، والتقدم لا ينتظر المتأخرين، فقطار النجاح والتنمية العالمي أضحى طائرة «كونكورد»، من لم يلحقها تخلف وتلف.

باحثة وناشطة أردنية

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news