روحاني إذ يعرض تحالفا مع الفاتيكان .. ضد من؟!
ياسر الزعاترة
جو 24 : بحسب الوكالة الكاثوليكية، فقد وجَّه الرئيس الايراني حسن روحاني رسالة إلى البابا، وفيها ذهب إلى أن الفاتيكان وإيران “لديهما أعداء مشتركون”، على غرار “الارهاب والتطرف” و”أهداف مشابهة”، كإرادة الانتصار على الظلم والفقر. وأفادت الوكالة أن روحاني وجه دعوته في طهران بمناسبة لقائه الممثل الرسولي الجديد المونسنيور ليو بوكاردي الذي كان يقدم أوراق اعتماده.
ويبدو أن الممثل الرسولي كان من الذكاء بحيث فهم رسالة روحاني، فكان أن عبّر (بحسب نفس الوكالة) عن الرغبة في السعي إلى تعاون الدولتين لحل المشاكل الإقليمية في الشرق الأوسط، لاسيما النزاع الجاري حاليا في سوريا.
بدوره، وفي ذات السياق، وهي ليست مصادفة بالطبع، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنه نظرا للوجود الواسع لجماعات متشددة ميدانيا (أكثرها في سوريا والعراق طبعا) “باتت ظروف الأقليات الدينية في سوريا كالمسيحيين مبعث قلق بالنسبة إلينا”.
منذ تسلمه لمهام منصبه كرئيس لإيران، لا يتوقف روحاني ووزير خارجيته عن ممارسة الغزل الدبلوماسي مع اليهود وأمريكا والغرب، والآن يمتد المشهد ليشمل الفاتيكان، فيما يعرف الجميع أن ذلك يشكل امتدادا للتحالف “المتين” بين المسيحيين في لبنان، بقيادة عون ومن ورائه الكنيسة المارونية، وبين حزب الله، وهو التحالف الذي أنتج خطابا واضحا من طرف الكنائس المسيحية الشرقية، ومن ورائها الفاتيكان، حيال المسألة السورية، وهو خطاب لا تغير اللغة الإنسانية المستخدمة في حقيقة دعمه لبقاء النظام السوري، ووقوفه ضد الثورة، الأمر الذي شمل الكنيسة الروسية، وحيث يتحول بوتين إلى حامي حمى مسيحيي الشرق أيضا، في حين ينظر له بعض اليساريين كما لو كان بديلا للاتحاد السوفياتي (الشيوعي)، الأمر الذي يبدو مثيرا للسخرية في واقع الحال، لأن روسيا هذه الأيام ليست سوى دولة إمبريالية تبحث عن مصالحها، ولا بأس في سبيل ذلك من استخدام الدين، مع العلم أن عُقد بوتين من الإسلام السنّي تبدو متجذرة إلى حد كبير، وبالطبع بسبب النزاع في القوقاز، وبسبب الوجود السنّي في الاتحاد الروسي، فضلا عن المحيط في آسيا الوسطى.
نتذكر في هذا السياق، ومن الطبيعي أن نتذكر فكرة تحالف الأقليات التي خرج بها الجنرال ميشال عون. وحين تتحالف الأقليات في المنطقة، فإنها تتحالف ضد الغالبية السنية.
ما ينبغي أن نتذكره هنا أن هذا الخطاب الطائفي لم يظهر إلا على خلفية ما يجري في سوريا بالنسبة للتحالف الإيراني (وصف خامنئي ثورات الربيع العربي في البداية بأنها صحوة إسلامية)، لكن الخطاب المذكور بالنسبة لأكثر القوى المسيحية قد نتج بسب الربيع العربي الذي نُظر إليه بالفعل كما وصفه خامئني على أنه صحوة إسلامية، حتى لو كان شعاره هو الحرية والتعددية والعدالة والكرامة الإنسانية.
في سوريا التقى “الشتيتان”، فإيران وتحالفها تعتبر سوريا ركنا إستراتيجيا، وعون ومن يدورون في فلكه صاروا يعتبرون أن بشار هو حامي المسيحيين من التغول السنّي، فضلا عن حقيقة أن فشل الربيع العربي في سوريا سيضع حدا لتقدمه نحو بقية دول المنطقة، ولذلك لم يتوقف هجاء عون للربيع العربي على سوريا، وإنما شمل الإسلاميين السنّة في كل مكان، حيث ذكر الإخوان مرارا بالاسم، واتهمهم بالإرهاب والطائفية، فضلا عن القوى الموصومة بالتشدد.
وفي حين يمكن تفهم مواقف عون، ومن يعيشون الهواجس الطائفية (بعضها يمكن تفهمه بسبب أخطاء هنا وهناك)، فإن موقف إيران يبدو عدائيا بالنسبة للغالبية السنيّة في المنطقة، ولا قيمة للحديث هنا عن التطرف والإرهاب، لأن الكل يعلمون أن غالبية الأمة ليست متطرفة ولا إرهابية، كما يعلمون أن من جرّ الثورة السورية إلى مربع العنف والإرهاب هو النظام وفق خطة مدروسة من أجل وصمها بالإرهاب، ومن ثم تبرير قمعها.
أي تذهب شعارات المقاومة والممانعة، وسط كل هذا الغزل الإيراني مع اليهود، والآن مع الفاتيكان، مع دعوة لتحالف الأقليات؛ (ضد من؟!) ضد الغالبية السنية دون أدنى شك، لاسيما أنها تأتي بعدما باع بشار سلاح سوريا الكيماوي للكيان الصهيوني من أجل بقائه، فيما يقدم نفسه للغرب كرأس حربة ضد الإرهاب، وتأتي أيضا بعد الغزل الإيراني مع الغرب من أجل صفقة بشأن النووي مقابل العقوبات، ومقابل بقاء بشار، وأقله النظام بطبعته الطائفية؟!
إيران التي تضطهد أقلياتها العربية والسنيّة والكردية، تعرض تحالفا للأقليات ضد الغالبية السنيّة (هل سيشمل ذلك لاحقا الأقلية اليهودية؟!)، وفي هذا ما فيه من استفزاز لغالبية الأمة، وهو استفزاز سيكون له ما بعده، وهذه الأمة التي هزمت الغزو الأمريكي للعراق (العراق الذي سقط ثمرة ناضجة في حضن إيران)، ستكون قادرة على لجم العدوان الجديد إذا ما ظل سادرا في غيّه، ولا قيمة تذكر لازدواجية الخطاب في طهران، فالكل يعرف أن روحاني لا يتحرك من تلقاء نفسه، وإنما هي الإرادة العليا في الدولة.
(الدستور)
ويبدو أن الممثل الرسولي كان من الذكاء بحيث فهم رسالة روحاني، فكان أن عبّر (بحسب نفس الوكالة) عن الرغبة في السعي إلى تعاون الدولتين لحل المشاكل الإقليمية في الشرق الأوسط، لاسيما النزاع الجاري حاليا في سوريا.
بدوره، وفي ذات السياق، وهي ليست مصادفة بالطبع، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنه نظرا للوجود الواسع لجماعات متشددة ميدانيا (أكثرها في سوريا والعراق طبعا) “باتت ظروف الأقليات الدينية في سوريا كالمسيحيين مبعث قلق بالنسبة إلينا”.
منذ تسلمه لمهام منصبه كرئيس لإيران، لا يتوقف روحاني ووزير خارجيته عن ممارسة الغزل الدبلوماسي مع اليهود وأمريكا والغرب، والآن يمتد المشهد ليشمل الفاتيكان، فيما يعرف الجميع أن ذلك يشكل امتدادا للتحالف “المتين” بين المسيحيين في لبنان، بقيادة عون ومن ورائه الكنيسة المارونية، وبين حزب الله، وهو التحالف الذي أنتج خطابا واضحا من طرف الكنائس المسيحية الشرقية، ومن ورائها الفاتيكان، حيال المسألة السورية، وهو خطاب لا تغير اللغة الإنسانية المستخدمة في حقيقة دعمه لبقاء النظام السوري، ووقوفه ضد الثورة، الأمر الذي شمل الكنيسة الروسية، وحيث يتحول بوتين إلى حامي حمى مسيحيي الشرق أيضا، في حين ينظر له بعض اليساريين كما لو كان بديلا للاتحاد السوفياتي (الشيوعي)، الأمر الذي يبدو مثيرا للسخرية في واقع الحال، لأن روسيا هذه الأيام ليست سوى دولة إمبريالية تبحث عن مصالحها، ولا بأس في سبيل ذلك من استخدام الدين، مع العلم أن عُقد بوتين من الإسلام السنّي تبدو متجذرة إلى حد كبير، وبالطبع بسبب النزاع في القوقاز، وبسبب الوجود السنّي في الاتحاد الروسي، فضلا عن المحيط في آسيا الوسطى.
نتذكر في هذا السياق، ومن الطبيعي أن نتذكر فكرة تحالف الأقليات التي خرج بها الجنرال ميشال عون. وحين تتحالف الأقليات في المنطقة، فإنها تتحالف ضد الغالبية السنية.
ما ينبغي أن نتذكره هنا أن هذا الخطاب الطائفي لم يظهر إلا على خلفية ما يجري في سوريا بالنسبة للتحالف الإيراني (وصف خامنئي ثورات الربيع العربي في البداية بأنها صحوة إسلامية)، لكن الخطاب المذكور بالنسبة لأكثر القوى المسيحية قد نتج بسب الربيع العربي الذي نُظر إليه بالفعل كما وصفه خامئني على أنه صحوة إسلامية، حتى لو كان شعاره هو الحرية والتعددية والعدالة والكرامة الإنسانية.
في سوريا التقى “الشتيتان”، فإيران وتحالفها تعتبر سوريا ركنا إستراتيجيا، وعون ومن يدورون في فلكه صاروا يعتبرون أن بشار هو حامي المسيحيين من التغول السنّي، فضلا عن حقيقة أن فشل الربيع العربي في سوريا سيضع حدا لتقدمه نحو بقية دول المنطقة، ولذلك لم يتوقف هجاء عون للربيع العربي على سوريا، وإنما شمل الإسلاميين السنّة في كل مكان، حيث ذكر الإخوان مرارا بالاسم، واتهمهم بالإرهاب والطائفية، فضلا عن القوى الموصومة بالتشدد.
وفي حين يمكن تفهم مواقف عون، ومن يعيشون الهواجس الطائفية (بعضها يمكن تفهمه بسبب أخطاء هنا وهناك)، فإن موقف إيران يبدو عدائيا بالنسبة للغالبية السنيّة في المنطقة، ولا قيمة للحديث هنا عن التطرف والإرهاب، لأن الكل يعلمون أن غالبية الأمة ليست متطرفة ولا إرهابية، كما يعلمون أن من جرّ الثورة السورية إلى مربع العنف والإرهاب هو النظام وفق خطة مدروسة من أجل وصمها بالإرهاب، ومن ثم تبرير قمعها.
أي تذهب شعارات المقاومة والممانعة، وسط كل هذا الغزل الإيراني مع اليهود، والآن مع الفاتيكان، مع دعوة لتحالف الأقليات؛ (ضد من؟!) ضد الغالبية السنية دون أدنى شك، لاسيما أنها تأتي بعدما باع بشار سلاح سوريا الكيماوي للكيان الصهيوني من أجل بقائه، فيما يقدم نفسه للغرب كرأس حربة ضد الإرهاب، وتأتي أيضا بعد الغزل الإيراني مع الغرب من أجل صفقة بشأن النووي مقابل العقوبات، ومقابل بقاء بشار، وأقله النظام بطبعته الطائفية؟!
إيران التي تضطهد أقلياتها العربية والسنيّة والكردية، تعرض تحالفا للأقليات ضد الغالبية السنيّة (هل سيشمل ذلك لاحقا الأقلية اليهودية؟!)، وفي هذا ما فيه من استفزاز لغالبية الأمة، وهو استفزاز سيكون له ما بعده، وهذه الأمة التي هزمت الغزو الأمريكي للعراق (العراق الذي سقط ثمرة ناضجة في حضن إيران)، ستكون قادرة على لجم العدوان الجديد إذا ما ظل سادرا في غيّه، ولا قيمة تذكر لازدواجية الخطاب في طهران، فالكل يعرف أن روحاني لا يتحرك من تلقاء نفسه، وإنما هي الإرادة العليا في الدولة.
(الدستور)