الحكومة المستقيلة دستورياً وتصريف الأعمال!
المحامي محمد احمد المجالي
جو 24 :
غنيٌّ عن القول أن دستور المملكة يخلو من ذِكر أو تنظيم ما يُسمى حكومة تصريف الأعمال عند تقديمها الإستقالة وقبول هذه الإستقالة من قبل جلالة الملك بموحب المادتين 35 و50 من الدستور حيث تنصّان على ما يلي:
المادة 35: الملك يعين رئيس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم بناء على تنسيب رئيس الوزراء.
المادة 50:
1. عند استقالة رئيس الوزراء أو إقالته يعتبر جميع الوزراء مستقيلين حكماً.
ووفقاً لقواعد القانون العامة والفقة الإداري أن الإستقالة تعتبر نافذة ومنتجة لآثارها فور قبولها من المرجع المختص إلا إذا عُلّقت إلى تاريخ لاحق فتعتبر نافذة من ذلك التاريخ اللاحق، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن أعمال الإدارة وقراراتها وأعمال السيادة وقراراتها يجب أن تصدر وفق المبدأ المعروف قانوناً وفقهاً وقضاءاً وهو مبدأ المشروعية وأهم أوجه المشروعية أن تصدر هذه الأعمال وهذه القرارات من المرجع القانوني أو الدستوري المختص وفق أحكام التشريع وسنداً لنصوص هذا التشريع سواءًا كان قانوناً أو دستوراً ولا يجوز ممارسة هذه الأعمال أو إصدار هذه القرارات إلا بوجود نص ينظّمها ويجيزها خاصة أعمال السيادة الدستورية وفقاً لما استقرّ عليه الفقه والقضاء الدستوري لا سيما في مصر وفرنسا.
والتساؤل الذي يثور الآن؛ هل استقالة رئيس الوزراء بشر الخصاونة وحكومته وتكليفه ووزرائه بتسيير أعمال الحكومة إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، يتّفق وصحيح دستور المملكة في ضوء خلوّ أحكامه من ذكر وتنظيم مسألة تسيير أعمال الحكومة من قبل حكومةٍ تقرر قبول استقالتها وأصبحت الإستقالة نافذة فور قبول الإستقالة؟
إنّ هذا التساؤل يأتي من باب الحرص على مبدا المشروعية الدستورية وسيادة القانون وينبغي لأهل الإختصاص القانوني والدستوري مناقشته وبحثه بشكل وافٍ كونه على جانب كبير من الأهمية والخطورة كونه يتعلق بالمسائل الدستورية الأساسية وكذلك للآثار المترتبة عليه خصوصاً على مدى مشروعية الأعمال والقرارات الحكومية الصادرة من وقت قبول الإستقالة إلى حين تسلّم الحكومة الجديدة مهامها الدستورية.
ولربما لأهمية الموضوع ولحسم أي جدال فيه أو لأية آثار تنبني عليه سيكون من الضروري استفتاء المحكمة الدستورية في هذا الشأن.
إن هذا التساؤل هو تساؤل قانوني علمي بحت بهدف المصلحة العامة وتحقيق سيادة القانون لا أكثر، إذ يُفترض قبل صدور أي قرار أن يكون قد تم إعتماد أسانيده الدستورية من قبل المستشارين والدوائر القانونية المعنية قبل توقيعه واعتماده من قبل جلالة الملك، إلا أن الخطأ وارد حيال رأي أي مستشار قانوني ولهذا وُجد الفقه القانوني ووجدت المحاكم الإدارية والدستورية لتلافي مثل هذه الأخطاء إن وقعت أو لتأكيد سلامة الأعمال والقرارات الإدارية والسيادية وفق أحكام القانون والدستور.