على طاولة الحكومة الجديدة: حراسة الحماية الاجتماعية
أحمد عوض
جو 24 :
المشكلة ليست في غياب الاستراتيجيات أو المفاهيم كما نرى، بل تكمن في الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الحكومية. فعلى الرغم من التوسع في بعض جوانب المساعدات الاجتماعية، إلا أن المحاور الأخرى، مثل العمل اللائق والضمان الاجتماعي وغيرهما، شهدت تراجعاً ملحوظاً. هذا التراجع لم يكن نتيجة للظروف فقط، بل بسبب سياسات حكومية لم تلتزم بما جاءت به الاستراتيجية الوطنية. فبدلاً من تعزيز ظروف العمل ورفع الحد الأدنى للأجور، حُرم الشباب من بعض تأمينات الضمان الاجتماعي حتى سن الثلاثين، وتراجعت الجهود نحو تحسين ظروف العمل في القطاعين العام والخاص.
الأمر لا يقتصر على سوق العمل فقط، فالجودة المتدنية للخدمات العامة، مثل الرعاية الصحية والتعليم، ما تزال تشكل تحدياً كبيراً. إن الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية تضع الحكومة أمام مسؤولية تقديم خدمات أساسية عالية الجودة في هذين القطاعين الحيويين، إلا أن الواقع يشير إلى نقص كبير في تحقيق ذلك، ناجم عن ضعف الخيارات الاجتماعية للحكومات المتعاقبة، وناجم عن التعامل مع الحمايات بمنظور محاسبي بحت.
عند النظر إلى المستقبل، فإن أي محاولة لتحفيز الاقتصاد الأردني لا يمكن أن تنجح من دون الاستثمار في الحماية الاجتماعية. فهذه الحمايات ليست مجرد نفقات رعائية، بل هي استثمار ضروري لاستدامة الاقتصاد الوطني. والحكومات، ومنها الحكومة الجديدة، تُقيّم بناءً على مدى التزامها بتعزيز الحماية الاجتماعية، لأنها الركيزة الأساسية لتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وبالتالي الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
علينا أن نعترف بأن الأردن لم يحقق الكثير من أهداف استراتيجيته الوطنية للحماية الاجتماعية، التي يتبقى لها 15 شهرا على انتهاء مدتها، وهذا يعود الى أن غالبية السياسات الحكومية كانت تعمل في الاتجاه المعاكس لما جاءت به الاستراتيجية. ومن هنا، لا بد من إعادة النظر في تلك السياسات والتوجهات لضمان حراسة ما تبقى من الحمايات الاجتماعية وتعزيزها، لأنها حجر الزاوية لأي خطة تهدف إلى إصلاح الاقتصاد وتعزيز استقراره.
في ظل الحراك السياسي الكثيف في الأردن لتشكيل حكومة جديدة برئاسة د.جعفر حسان وفق كتاب تكليف سام شامل، وانتخاب مجلس نيابي على أسس جديدة، ومع بروز حراك حزبي علني ومشروع، تبرز الحاجة إلى التركيز على الأولويات المجتمعية. ولعل أبرز هذه الأولويات؛ تعزيز الحمايات الاجتماعية التي تتعرض منذ سنوات لضربات متتالية، رغم وجود استراتيجية وطنية جيدة مخصصة لهذا الغرض.
إن تجاهل الحماية الاجتماعية أو التعامل معها بشكل مجزأ يعرض المجتمعات، مهما كانت قوتها، لمخاطر كبيرة. فالحماية الاجتماعية ليست مجرد رفاهية أو نفقات يمكن تقليصها أو زيادتها عند الأزمات، بل هي ضرورة حيوية لاستدامة الاقتصاد (أي اقتصاد) والمجتمع على حد سواء.
ولا يقتصر هذا التحذير على التحليلات والرؤى "اليسارية"، التي غاب ممثلوها حالياً عن المشهد النيابي الأردني، بل إن كبرى المؤسسات الاقتصادية والمالية العالمية المفرطة في "ليبراليتها"، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وكذلك منتدى دافوس، تُجمع على أن إهمال الحماية الاجتماعية يزيد من حدة التفاوت الاجتماعي واللامساواة الاقتصادية، ويهدد الاستقرار الاقتصادي والمجتمعات.
عند الحديث عن مفهوم الحماية الاجتماعية، لا بد من العودة إلى "الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية" التي تركز على محاور رئيسية عدة، منها الضمان الاجتماعي ومعايير العمل والأجور، وخدمات الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الحمايات التي تقوم على الاشتراكات وتلك التي لا تقوم عليها.
إن تجاهل الحماية الاجتماعية أو التعامل معها بشكل مجزأ يعرض المجتمعات، مهما كانت قوتها، لمخاطر كبيرة. فالحماية الاجتماعية ليست مجرد رفاهية أو نفقات يمكن تقليصها أو زيادتها عند الأزمات، بل هي ضرورة حيوية لاستدامة الاقتصاد (أي اقتصاد) والمجتمع على حد سواء.
ولا يقتصر هذا التحذير على التحليلات والرؤى "اليسارية"، التي غاب ممثلوها حالياً عن المشهد النيابي الأردني، بل إن كبرى المؤسسات الاقتصادية والمالية العالمية المفرطة في "ليبراليتها"، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وكذلك منتدى دافوس، تُجمع على أن إهمال الحماية الاجتماعية يزيد من حدة التفاوت الاجتماعي واللامساواة الاقتصادية، ويهدد الاستقرار الاقتصادي والمجتمعات.
عند الحديث عن مفهوم الحماية الاجتماعية، لا بد من العودة إلى "الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية" التي تركز على محاور رئيسية عدة، منها الضمان الاجتماعي ومعايير العمل والأجور، وخدمات الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الحمايات التي تقوم على الاشتراكات وتلك التي لا تقوم عليها.
المشكلة ليست في غياب الاستراتيجيات أو المفاهيم كما نرى، بل تكمن في الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الحكومية. فعلى الرغم من التوسع في بعض جوانب المساعدات الاجتماعية، إلا أن المحاور الأخرى، مثل العمل اللائق والضمان الاجتماعي وغيرهما، شهدت تراجعاً ملحوظاً. هذا التراجع لم يكن نتيجة للظروف فقط، بل بسبب سياسات حكومية لم تلتزم بما جاءت به الاستراتيجية الوطنية. فبدلاً من تعزيز ظروف العمل ورفع الحد الأدنى للأجور، حُرم الشباب من بعض تأمينات الضمان الاجتماعي حتى سن الثلاثين، وتراجعت الجهود نحو تحسين ظروف العمل في القطاعين العام والخاص.
الأمر لا يقتصر على سوق العمل فقط، فالجودة المتدنية للخدمات العامة، مثل الرعاية الصحية والتعليم، ما تزال تشكل تحدياً كبيراً. إن الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية تضع الحكومة أمام مسؤولية تقديم خدمات أساسية عالية الجودة في هذين القطاعين الحيويين، إلا أن الواقع يشير إلى نقص كبير في تحقيق ذلك، ناجم عن ضعف الخيارات الاجتماعية للحكومات المتعاقبة، وناجم عن التعامل مع الحمايات بمنظور محاسبي بحت.
عند النظر إلى المستقبل، فإن أي محاولة لتحفيز الاقتصاد الأردني لا يمكن أن تنجح من دون الاستثمار في الحماية الاجتماعية. فهذه الحمايات ليست مجرد نفقات رعائية، بل هي استثمار ضروري لاستدامة الاقتصاد الوطني. والحكومات، ومنها الحكومة الجديدة، تُقيّم بناءً على مدى التزامها بتعزيز الحماية الاجتماعية، لأنها الركيزة الأساسية لتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وبالتالي الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
علينا أن نعترف بأن الأردن لم يحقق الكثير من أهداف استراتيجيته الوطنية للحماية الاجتماعية، التي يتبقى لها 15 شهرا على انتهاء مدتها، وهذا يعود الى أن غالبية السياسات الحكومية كانت تعمل في الاتجاه المعاكس لما جاءت به الاستراتيجية. ومن هنا، لا بد من إعادة النظر في تلك السياسات والتوجهات لضمان حراسة ما تبقى من الحمايات الاجتماعية وتعزيزها، لأنها حجر الزاوية لأي خطة تهدف إلى إصلاح الاقتصاد وتعزيز استقراره.