jo24_banner
jo24_banner

ما يجب قوله قبل قراءة البيان الختامي لاجتماع العقبة والشأن السوري

د. هشام نبيل العياصرة
جو 24 :

 كان تشكيل لجنة الاتصال الوزارية مبادرة شكلية لحفظ ماء وجه مجلس جامعة الدول العربية الوزاري والذي عقد بشكل طارئ بتاريخ 7 أيار 2023م، وتبرير قرارهم في إعادة بشار الأسد وحكومته إلى جامعة الدول العربية، وحتى لا يقال أن جامعة الدول العربية تجاهلت قتل وتشريد الملايين من الشعب السوري، فلم تحقق اللجنة أي هدف من الأهداف التي حددت لها عند تشكيلها على مدار سنة ونصف، والتي كان من ضمنها إجراء حوار مباشر مع نظام بشار الأسد للتوصل لحل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها، وفق منهجية الخطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254.

وأما قرار مجلس الأمن رقم 2254 والذي صدر في كانون الأول لعام 2015، طالب الأطراف بالتوقف فوراً عن شن أي هجمات ضد أهداف مدنية، وحث جميع الدول إلى دعم الجهود لتحقيق وقف إطلاق النار، وأن تجري الأمم المتحدة مفاوضات رسمية في كانون الثاني 2016، لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشرافها، في غضون 18 شهراً، أي في منتصف عام 2017، بحيث يتم التحول السياسي بقيادة سورية، ولكن هذا القرار فشل في تحقيق أي تغيير سياسي، ولم يوقف الهجمات ضد الشعب السوري، ولم تحدث أي انتخابات حرة ونزيهة بإشراف أممي تؤدي إلى انتقال السلطة بشكل سلمي، وفشل القرار نتيجة تغاضي الأمم المتحدة والدول الفاعلة في تحقيقه وحسم الصراع في سوريا، وقد مضى ليس 18 شهراً على صدوره وإنما 8 سنوات دون أي نتيجة تذكر.

إضافة إلى ذلك، كان للحسم العسكري الذي قامت به إدارة العمليات العسكرية ليس فقط في إسقاط نظام بشار الأسد وإنما بمثابة إعلان عن انتهاء صلاحية تلك اللجان والقرارات العربية والأممية، وأن التطورات الميدانية فرضت على جميع هذه الدول والهيئات أن تقف بمساندة الشعب السوري ومساعدته في تجاوز الحالة الانتقالية وأن يحدد مصيره بنفسه، دون ممارسة الوصاية عليه والتدخل في شؤونه الداخلية، فقد أصبح على أرض الواقع إدارة عسكرية وحكومة انتقالية توسع نفوذها من الشمال الغربي إلى كافة أرجاء سوريا، وتعمل على سد الفراغ الذي حدث للحفاظ على مؤسسات الدولة واستمرارها وذلك لحين تشكيل حكومة توافقية ووطنية ورسم المسار السياسي المستقبلي.

فلم يأت التغيير في سوريا نتيجة حوارات أجرتها اللجنة الاتصالية الوزارية، ولا بعد تطبيق قرار مجلس الأمن، وإنما جاء نتيجة حسم عسكري فرضته القوى السورية المسلحة، واستطاعت أن تنهي معاناة الشعب السوري وإسقاط نظام بشار الأسد، وتحرير السجناء من كافة السجون، والحفاظ على المؤسسات، وتغيير الواقع بما يخدم تطلعات الشعب السوري بشكل مبدأي، وتتعهد بأن تنجز كافة تطلعات الشعب ومصالحه بشكل توافقي جامع يشمل كافة مكونات المجتمع، ومن الأشياء التي حققها الحسم العسكري هو الإعلان عن انتهاء صلاحية تلك اللجان والقرارات وتجاوزها، ولا بد للبحث في طرق حل أخرى تعترف بانتهاء نظام الأسد وتحترم خيارات الشعب السوري، ولا تمارس الوصاية عليه.

أما تأكيد البيان الختامي لاجتماع العقبة على التزام مجلس جامعة الدول العربية بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها، واستقرارها وسلامتها الإقليمية، استناداً إلى ميثاق الجامعة ومبادئه، والتأكيد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على الخروج من أزمتها انطلاقاً من الرغبة في إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة على مدار السنوات الماضية، ما هو إلا واجب على الدول الأعضاء القيام بذلك، ولكن بنفس الوقت كان بإمكانها أن تعترف بالمجلس العسكري وحكومته الانتقالية بهدف تحقيق هذا المبدأ، ولتفويت الفرصة على الذين يستغلون الأوضاع الراهنة سواء الاحتلال الإسرائيلي أو الحركات الانفصالية، وتقديم الدعم وإعادة الإعمار وتوفير اللوجستيات التي تخفف معاناة ملايين النازحين في الداخل السوري، وكذلك توفير المناخ المناسب للحل السياسي الذي يتوصل له الشعب السوري من خلال حوارات داخل سوريا تضمنه الدول العربية وتدعمه، وعدم الاستعجال في بعثرة الأوراق وخلطها من جديد داخل الأراضي السورية قد تصل إلى حرب أهلية تعيد معاناة الشعب السوري من الصفر مما تولد موجة لجوء جديدة تزيد من معاناة الدول المجاورة وخصوصاً الأردن ولبنان والعراق.

 

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير