جبر: المنطقة تعيش حالة تآكل ذاتي.. والسياسة باتت فن التلوّن والانقسام
جو 24 :
مالك عبيدات - قالت أستاذة العلوم السياسية والمختصة في الشأن الفلسطيني، الدكتورة أريج جبر، إن المشهد السياسي الراهن في المنطقة "يشبه إلى حدّ بعيد معركة كسر عظم مفتوحة"، مؤكدة أن الصراعات باتت تُدار بلا أفق واضح، وبمنطق الاستنزاف الذاتي، في ظل غياب شبه كامل للبوصلة الوطنية أو الاستراتيجية.
وأضافت جبر ل الاردن ٢٤ أن الساحات السياسية تحوّلت إلى "مسارح للفوضى والانتحار الجماعي"، حيث تتوالى القرارات المرتجلة، والبيانات المتضاربة، والتحالفات المؤقتة، بينما تتحمل الشعوب وحدها كلفة هذا التخبّط، من أمنها ولقمة عيشها إلى كرامتها وحقها في تقرير مصيرها.
وأشارت جبر إلى أن هذه الحالة أنتجت "شعورًا عميقًا بعدم اليقين"، ليس فقط تجاه نوايا الفاعلين السياسيين، بل حتى في جدوى المسارات المطروحة، التي غالبًا ما تنتهي إلى طرق مسدودة، لا يُرى في نهايتها نور، ولا يُرتجى منها قيامة سياسية أو وطنية.
وأوضحت جبر أن المنابر الإعلامية المسيّسة تلعب دورًا خطيرًا في تعميق الانقسام وزرع الكراهية، من خلال إعادة صياغة الحقائق وتشويه الوقائع، لافتة إلى أن العدو يُعاد إنتاجه حسب الحاجة السياسية، وكذلك يُعاد تشكيل "الصديق" وفق ميزان المصلحة والاصطفاف اللحظي، ما يجعل من السياسة "فن التلوّن والرقص على كل دف"، على حد تعبيرها.
وأكدت جبر أن الأطر الفكرية التي تُقدَّم كبدائل سياسية غالبًا ما تكون محمّلة بنزعات شوفينية أو سرديات أسطورية، تُعيد استحضار ميثولوجيات القوة والنقاء والمظلومية الدائمة، في تجاهل متعمد للحقائق الاجتماعية والسياسية المتغيرة، وهو ما يزيد من تأزيم المشهد ويُقصي الحلول الواقعية.
وتابعت: "المنطقة تعيش حالة من الترنّح فوق هاوية الانتظار.. لا تنهض بشكل جذري، ولا تسقط بشكل حاسم، بل تتعامل مع المشهد وكأنه قدر لا يمكن تجاوزه"، محذرة من أن هذا التعايش مع الأزمة، والاعتياد عليها، أخطر ما يمكن أن تواجهه الشعوب، لأنه يفضي إلى حالة عامة من الاستسلام والقبول بالمأزق كواقع دائم.
وختمت جبر بالقول إن تجاوز هذه المرحلة يتطلب كسر هذه "الحتمية الزائفة"، واستعادة الأمل كمفهوم سياسي وفكري، قائم على الفعل والمساءلة والمسؤولية الجماعية، وليس كترف عاطفي أو شعار مرحلي.








