بين التصريحات والواقع: إسرائيل الكبرى تحاكي المخاطر العربية
لم تكن تصريحات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الأخيرة حول مشروع "إسرائيل الكبرى" مجرد كلمات سياسية عابرة، بل تمثل إنذارًا حقيقيًا للعالم العربي، ودعوة للاستيقاظ أمام المخاطر المحتملة التي قد تترتب على الطموحات التوسعية الإسرائيلية. مشروع "إسرائيل الكبرى" ليس خيالًا أدبيًا، بل حلم استعماري يراود قادة تل أبيب منذ قيام الكيان، حلم يمد خرائطه على حساب الضفة الغربية، القدس الشرقية، وربما أراضٍ إضافية تتداخل مع السيادة العربية، بما في ذلك تهديدات رمزية وغير مباشرة للأردن.
تصريحات نتنياهو تثير قلقًا بالغًا لدى صناع القرار العرب، لأنها تكشف عن استراتيجية تعتمد على إعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة، دون اعتبار للشرعية الدولية أو الحقوق التاريخية للشعوب. الأردن، الذي لطالما مثل صمام أمان سياسيًا وأمنيًا في شرق المتوسط، يجد نفسه في مواجهة هذا الخطاب التوسعي، مع ضرورة التعامل بحذر وحكمة لتفادي أي تصعيد قد يهدد الاستقرار الوطني والإقليمي.
المخاطر لا تتوقف عند الأردن وحده، فكل الدول العربية مطالبة باليقظة، لأن "إسرائيل الكبرى" ليست مشروعًا محليًا محدود الأثر، بل تهديد شامل للاستقرار الإقليمي، يمكن أن يعيد رسم أولويات التحالفات، ويؤدي إلى تقويض جهود السلام ومبادرات الاستقرار في المنطقة. التاريخ الحديث يعلمنا أن أي تجاهل لهذا النوع من التصريحات قد يؤدي إلى مفاجآت استراتيجية غير مرغوبة، ويفتح المجال لتقويض السيادة الوطنية والتأثير على الموارد الحيوية والتحركات الدبلوماسية.
في المقابل، تحتاج الدول العربية إلى موقف موحد واستراتيجية واضحة للتعامل مع هذا التحدي. يجب تعزيز التنسيق السياسي والأمني، واللجوء إلى المنابر الدولية لمساءلة أي خطوات أحادية الجانب قد تؤثر على الحقوق العربية. الأردن، بحكم موقعه الاستراتيجي وتاريخه الدبلوماسي العريق، يمكن أن يكون لاعبًا محوريًا في هذا المسار، مع التركيز على التحالفات الذكية والحوار البناء لتقليل أي آثار سلبية محتملة.
تصريحات نتنياهو ليست مجرد كلمات، بل مرآة للتحديات الحقيقية التي تواجه العالم العربي اليوم. التوسع الإسرائيلي، مهما صيغ على أنه رؤية مستقبلية، يجب أن يُقابل بوعي سياسي وحذر استراتيجي، لضمان حماية الحقوق الوطنية، والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي، وضمان أن تبقى المنطقة بعيدة عن صراعات قد تُكلفها سنوات من التطور والازدهار.








