jo24_banner
jo24_banner

مهرجانات اردنية بالجملة على وقع الابادة الجماعية في غزة .. لماذا ؟!!

مهرجانات اردنية بالجملة على وقع الابادة الجماعية في غزة .. لماذا ؟!!
جو 24 :


كتب محرر الشؤون الثقافية - في ظل الاوضاع الإنسانية المعقدة التي يشهدها قطاع غزة بفعل العدوان النازي الصهيوني على الاشقاء ، وما يمارسه عن سبق اصرار وتقصد من  قتل جماعي وحصار وتجويع وتعطيش وابادة ونزوح ، تبرز المهرجانات الثقافية والفنية في الأردن كساحة لنقاش مجتمعي مكثف حول التوازن بين استمرارية الحياة الثقافية والتعبير عن التضامن الإنساني. هذا التحدي المزدوج يضع الحكومة  أمام اختبار كيفية الحفاظ على نسيجها الثقافي والاقتصادي، مع إظهار حس أخلاقي وتضامني تجاه محنة غزة.

لطالما كانت المهرجانات جزءًا لا يتجزأ من النسيج الثقافي للأردن، حيث تعكس غنى تراثه وتنوعه الفني. ومع ذلك، فإن تزامن بعض هذه المهرجانات مع الأزمة الإنسانية الحادة في غزة قد أشعل فتيل نقاش عام واسع النطاق. إن معاناة سكان غزة من الحرب والاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان قد جعلت من أي مظاهر احتفالية في المنطقة قضية حساسة للغاية ،تتطلب تجاوبا رسميا مختلفا ،يراعي هذه الحساسيات ، ويأخذ رأي الاغلبية بعين الاعتبار .. 

ديناميكية الرأي العام الأردني

يُظهر الجدل الدائر حول المهرجانات انقسامًا في الرأي العام الأردني، يعكس تعقيدات الموقف وضرورة الموازنة بين عدة اعتبارات ووجهات نظر ومقاربات :

 المقاربة الاولى :  المطالبة بالتضامن وإلغاء الفعاليات

يعتبر عدد كبير من المواطنين وهم الاغلبية على شبكات التواصل الاجتماعي  أن استمرار الفعاليات الاحتفالية في ظل الأوضاع الراهنة في غزة هو تجاهل لألم ومعاناة الشعب الفلسطيني. الدعوات لإلغاء المهرجانات (جرش،الفحيص ، الطعام، ...) أو تأجيلها تنبع من حس عميق بالتضامن واحترامًا "لدماء الشهداء" في غزة. يرون أن الأولوية يجب أن تكون للقضايا الإنسانية وأن الترفيه في مثل هذه الأوقات يُظهر "فقدان الإحساس القومي والديني والإنساني ".

المقاربة الثانية : ضرورة الاستمرارية والرمزية الاقتصادية

على الجانب الآخر، يرى البعض أن استمرار المهرجانات ضروري لرمزيتها الثقافية وأهميتها الاقتصادية. هذه الفعاليات تساهم في دعم الاقتصاد المحلي، توفير فرص عمل، والحفاظ على النشاط الثقافي الذي يعتبر جزءًا من الهوية الوطنية. كما يرى البعض أن دمج المحتوى الثقافي والفني الذي يعكس معاناة أهل غزة يمكن أن يساهم في إيصال رسالة إنسانية ووطنية مؤثرة، مما يجعل الثقافة أداة للتعبير عن التضامن بدلاً من إلغائها تماماً.الا ان هذا لم يحدث في مهرجانات جرش والفحيص وصيف عمان والطعام ، فجميعها للاسف تجاهلت الى حد كبير معاناة الاشقاء في غزة ، وكأننا في الاردن غير معنيين بما يرتكب من جرائم وابادة !!! 

تأثير الأزمة على المشهد الثقافي الأردني

الأزمة في غزة لم تؤثر فقط على النقاش حول المهرجانات، بل دفعت أيضًا إلى ظهور مبادرات ثقافية تضامنية تعكس وعي المجتمع بأهمية دور الثقافة في دعم القضايا الإنساني، وهو الوعي الذي اغفلته الحكومة ،لا بل انكرت وجوده ، وذهبت نحو خيار الترفيه المجرد الذي لا يتصل اطلاقا باتجاهات الاردنيين ومواقفهم وقناعاتهم واولوياتهم وتضامنهم العضوي مع معاناة الاشقاء في قطاع غزة المنكوب .. 

قابل الجدل المتصاعد حول المهرجانات التقليدية في الأردن، برزت حركات ومبادرات شبابية وثقافية اتخذت مساراً مغايراً، إذ سعت إلى تحويل الفعل الثقافي إلى مساحة للتعبير عن التضامن مع غزة، بعيداً عن مظاهر الترفيه المنفصل عن نبض الشارع ومعاناته.

فـ "الأردن تقاطع"، على سبيل المثال، أطلقت فعاليات تحت شعار "حاصر حصارك" في عمّان، جمعت عروضاً فنية ومسرحية ذات مضمون سياسي وإنساني مباشر، لتؤكد أن الثقافة يمكن أن تكون سلاحاً في معركة الوعي.
أما مبادرة "مثقفون أردنيون من أجل غزة"، فقد انطلقت من القاهرة إلى رفح في محاولة لاختراق جدار الصمت عبر فعل رمزي يتجاوز الحدود الجغرافية، ويعيد للثقافة دورها في حمل الرسائل الإنسانية.
بينما واصل مهرجان كرامة خطه في توثيق المأساة الفلسطينية من خلال أعمال فنية متنوعة، تكشف حجم الكارثة الإنسانية في غزة، وتطرح سؤالاً جوهرياً حول معنى الفن في أزمنة الدم والخذلان.
إن التوجه الأمثل للمشهد الثقافي الأردني، في ظل هذه اللحظة الحرجة، يفرض على وزارة الثقافة البحث عن صيغة متوازنة: الحفاظ على حضور الفعل الثقافي من جهة، وربط هذا الحضور بروح التضامن الإنساني والوطني من جهة أخرى، وهذا لا يتحقق إلا عبر شفافية حقيقية في إعلان مواعيد الفعاليات ومضامينها، وتحمّل مسؤولية اتخاذ قرار التوقف أو التعديل عند وقوع المحن الكبرى.

فالثقافة ليست ترفاً يمكن فصله عن آلام الناس، بل رافعة للوعي الجمعي، وأداة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، وإبراز وحدة المصير مع الأهل والأشقاء. 

إن النقاش المحتدم حول المهرجانات ليس مجرد جدل شكلي، بل هو انعكاس لتعقيدات العلاقة بين الثقافة والاقتصاد والتضامن الإنساني، وهو في جوهره اختبار لقدرة المجتمع على تحويل الفن من أداة للترفيه إلى منبر للمسؤولية والوعي.

غير أن ما جرى في الواقع لم يواكب هذا البعد الإنساني بالشكل المطلوب، إذ بدت بعض الفعاليات وكأنها تفصل بين الثقافة وما يجري في غزة، متجاوزة لحظة الألم الفلسطيني التي تستدعي من الجميع قدراً أعلى من المسؤولية والتأمل.

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير