jo24_banner
jo24_banner

لا عذر لمعتذر بعد الآن

ياسر الزعاترة
جو 24 : بعد مجزرة الحولة لم يعد ثمة عذر لمعتذر، أكان مثقفا أم مسؤولا سوريا، أم عربيا، دولة كان أم فردا.

مجزرة الحولة ضبطت الكثيرين متلبسين بالارتباك. لم يجد شبيحة النظام السوري ما يقولونه في التعليق على المجزرة، من دون أن نعدم قدرا لافتا من الوقاحة لدى كثيرين لم يجدوا بأسا في ترديد رواية النظام الذي أعلن تشكيل لجنة للتحقيق أعلنت نتائجها خلال أيام (تعرفون النتيجة طبعا)!!

الذي قصف الناس بمدافع الدبابات هو نفسه الذي أجهز على من تبقى منهم بالسكاكين، اللهم إلا إذا تسلل “الإرهابيون التكفيريون” إلى المكان بعد قصفه ليجهزوا عليهم من أجل اتهام النظام. أي عقل كليل ومجرم يمكن أن يفكر على هذا النحو؟!

طوال 15 شهرا كنا نبرر للمسؤولين السوريين عدم إعلانهم الانشقاق عن النظام المجرم بالقول إن أهاليهم رهائن عنده، وإنهم يخافون عليهم من بطشه وبطش شبيحته، وقد يكون ذلك صحيحا إلى حد كبير، ولكن بعد مجزرة الحولة وقبلها حشد من المجازر وأكثر من 13 ألف شهيد، لم يعد بالإمكان الركون إلى تبرير من هذا النوع، فأهالي أولئك المسؤولين ليسو أكرم عند الله ولا عند الناس من تلك الجحافل من الشهداء.

المسؤولون إياهم من سفراء ووزراء وما دون ذلك هم أكثر من يدركون سخف رواية النظام عن المؤامرة عليه وعلى المقاومة والممانعة، ولم يعد مقبولا منهم البقاء في صفه، ولذلك فإن على أطر المعارضة أن تعلن بوضوح بأنهم إن لم ينشقوا سيكونون شركاء في جرائمه، تماما مثل الشبيحة الذي يقتلون الناس بدم بارد.

التبرير المشار إليه يجب أن يغدو مرفوضا، ويجب أن يرفع المتظاهرون اللافتات التي تقول ذلك بالفم الملآن: أنتم أيها المسؤولون شركاء في الجريمة شئتم أم أبيتم إن لم تعلنوا الانشقاق، لاسيما أنه لن يكون بوسع النظام أن يفعل الكثير عندما تتسع دائرة الانشقاقات.

ينطبق ذلك على حشد المثقفين والفنانين الذين يسكتون على الجرائم الأسدية. هؤلاء يجب أن يُسمع لهم صوت مندد بهذا الذي يجري. الأسد ليس سوريا، ويمكن للبلد أن يعيش بدونه وبدون أسرته الفاسدة.

الأهم من هؤلاء هم بقايا العلماء والمشايخ الذين لا يزالون يطبلون للنظام، وأقله يسكتون عليه، من البوطي إلى سواه، بل إن من خرجوا إلى الخارج لم يعودوا معذورين بالسكوت. أين الشيخ محمد راتب النابلسي الذي خرج من سوريا، لماذا لا يتكلم بكل صراحة ويدين جرائم النظام؟!

على صعيد الدول العربية لم يعد بيع الكلام مقبولا أيضا، فضلا عن الوقوف في المربع الآخر المناهض للثورة عبر اعتقال بعض نشطائها، أو منع جمع التبرعات وسواها من أشكال الدعم للثورة.

أن تطرد الدول الأوروبية أو أكثرها السفراء السوريين، بينما يظلون موجودين في أكثر الدول العربية فهذا ما لم يعد مقبولا بحال، وعلى كل الدول العربية أن تعلن المقاطعة الشاملة لهذا النظام على نحو يتركه محشورا في دائرته التقليدية الممثلة في التحالف الإيراني، والذي أصبح مدانا ومجرَّما على نحو استثنائي من قبل جماهير الأمة.

نعم، لم يعد ثمة عذر لمعتذر، وعلى الجميع أن يتخذ الموقف الذي يليق بتدفق الدم السوري في الشوارع منذ 15 شهرا، فمثل هذا النظام لم يعد يستحق المجاملة، كما أن من يخافون منه، أو يخشون تأثير سقوطه عليهم ليسو مبرئين أيضا، بل هم شركاء في الجريمة إذا لم يتخذوا الموقف المناسب.

السوريون بعد الذي جرى لن يقبلوا بقاء النظام، ومن ورائهم جماهير الأمة التي تتميز غيظا وتتمنى لو يُتاح لها المشاركة المباشرة في المعركة، وهناك من بين شبانها من وجدوا سبيلا إلى ذلك بالفعل، وهم ليسو بالضرورة من الجماعات المسلحة التقليدية، بل ربما كان من بينهم أناس عاديون استفزتهم الجرائم البشعة لنظام.

من يعتقد بعد كل الذي جرى أن هذا النظام باقٍ في سوريا غارق في الوهم، فهو نظام ساقط لا محالة مهما استغرقت عملية إسقاطه من زمن وتضحيات، والعاقل من نأى بنفسه عن الجريمة التي يجري تأريخها صوتا وصورة على نحو لا يمكن أن يجعلها برسم النسيان مهما طال الزمن.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير