jo24_banner
jo24_banner

هل تدفع الحكومة شبابها للمجهول؟ حين تُصبح الهجرة "الخطة الاقتصادية الجديدة"!

د. معن علي المقابلة
جو 24 :


من الهجرة غير الشرعية إلى الدعوة الرسمية للهجرة القانونية... مشهد يعكس عجز الدولة عن مواجهة البطالة

 
وهذا يعيد إلى الأذهان تلك الموجة الخطيرة من الهجرة غير الشرعية التي شهدناها قبل فترة، حين جازف عدد من شبابنا بحياتهم بعد الحصول على تأشيرات ميسّرة إلى بعض دول أميركا الجنوبية، لينطلقوا منها في رحلة محفوفة بالمخاطر نحو "أرض الأحلام” — الولايات المتحدة الأميركية. أحلامٌ اصطدمت بجدار الواقع حين جاء دونالد ترمب بسياساته الصارمة ليحطمها على رؤوسهم.

اليوم، لا يبدو أن الدرس قد وصل بعد؛ فها هو وزير الداخلية مازن الفراية يدعو الدول الأوروبية إلى فتح أبواب الهجرة القانونية أمام العمالة الأردنية، في مشهدٍ يعيد ذات السيناريو لكن بغطاء رسمي هذه المرة. تزامنت دعوته مع التصريح الصادم لرئيس هيئة الخدمة والإدارة العامة الذي قال إن الأردني الذي يولد اليوم لن يحصل على وظيفة حكومية قبل مرور 73 عامًا! تصريحان لو وُضعا جنبًا إلى جنب، لشكّلا لوحةً كاملة عن عجز الحكومة عن إيجاد أي أفق حقيقي للتشغيل، حتى باتت الهجرة — القانونية أو غير القانونية — تُطرح كحلٍّ وحيد أمام جيلٍ محبطٍ ومهمّش.

بطالة متوارثة... ووعود لا تتحقق
تتبدل الحكومات والوجوه واللجان الاقتصادية، لكن البطالة تبقى في مكانها، بل تزداد عمقًا واتساعًا. تجاوزت نسبتها بين خريجي الجامعات — وفق تقديرات غير رسمية — حاجز 40%، فيما يستمر الخطاب الحكومي على حاله: وعود، استراتيجيات، ومؤتمرات بلا نتائج.

نسمع جعجعة ولا نرى طحناً... البطالة تتضخم، والحلول تتبخر.

الحكومة تكرر مبرراتها التقليدية: تضخم الجهاز الإداري، بطالة مقنّعة، عجز عن التوظيف. ثم ترمي بالحل في حضن القطاع الخاص، وكأن هذا القطاع منقذٌ معصوم، متناسية أنه غارق في الواسطة والمحسوبية والشللية. أما الحديث عن دعم المشاريع الصغيرة، فهو تكرار ممل لخطاب لا يُطبَّق، إذ إن الدعم محدود، والتوزيع غير عادل، والمستفيدون قلائل.
من التوظيف إلى "التصدير"
بعد كل هذا الفشل، اختارت الحكومة الطريق الأسهل: تصدير شبابها بدل توظيفهم. فبدلاً من خلق مشاريع تنموية كبرى أو جذب استثمارات ذات قيمة مضافة، بات الحديث يدور عن "تسويق العمالة الأردنية في الخارج”. وهكذا تتحول الهجرة من أزمة اجتماعية إلى خطة اقتصادية، ومن خيار شخصي إلى سياسة حكومية غير معلنة.

بدل أن نحارب البطالة... نحارب العاطلين بفتح أبواب الخروج.

الهجرة ليست حلاً بل هروبًا
حين تصبح الهجرة الحل الرسمي، فذلك يعني أن الحكومة لم تعد تملك أدوات إدارة الداخل. إنها تقرّ — بوعي أو بغير وعي — بأنها عاجزة عن خلق بيئة عمل محلية عادلة ومنتجة، فاختارت الحل الذي يُخفي المشكلة مؤقتًا بدل معالجتها.
لكن الخطر الحقيقي هو في تحويل الهجرة إلى ثقافة رسمية، وكأن الوطن لم يعد قادرًا على احتواء أبنائه. فبدل أن نصدّر المنتجات والخبرات، بتنا نصدر الشباب الطامحين، في وقتٍ نحتاج فيه إليهم أكثر من أي وقت مضى.
الخلاصة: اعتراف بالعجز... لا خطة اقتصادية
إذا كانت الحكومة ترى في تصدير العمالة الأردنية إنجازًا، فعليها أن تراجع نفسها. الشاب الأردني لا يبحث عن "تأشيرة خروج"، بل عن فرصة كريمة داخل وطنه. والحكومة التي تكتفي بطرح الهجرة كحلٍّ لمشكلة البطالة، إنما توقّع شهادة فشلها بأيديها.
الهجرة ليست طريق الخلاص... بل طريق الهروب من دولة فقدت قدرتها على الحلم.


كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير