jo24_banner
jo24_banner

الأورومتوسطي يكشف عن خطة أميركية إسرائيلية لتحويل غزة إلى "غيتو" يتضمن الحبس الجماعي ونهب الموارد

الأورومتوسطي يكشف عن خطة أميركية إسرائيلية لتحويل غزة إلى غيتو يتضمن الحبس الجماعي ونهب الموارد
جو 24 :


حذّر "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" من تبعات الخطة الأميركية المتداولة لتقسيم قطاع غزة إلى مناطق خضراء وحمراء يفصل بينها خط أصفر ذي طابع عسكري، معتبرًا أنها تنطوي على مخاطر جسيمة، أبرزها فرض ترتيبات قد تؤدي فعليًا إلى تهجير الفلسطينيين من أماكن إقامتهم الأصلية، وتحويل أجزاء واسعة من القطاع إلى مناطق عسكرية مغلقة خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي المباشرة.

وأوضح المرصد، في بيان مساء الثلاثاء، أن هذه الخطة تكرّس واقعًا من سيطرة غير قانونية طويلة الأمد وضمّ فعلي للأراضي بالقوة، وفرض أشكال من الحبس الجماعي غير المشروع للسكان المدنيين، بما يتعارض مع القانون الدولي وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

وقال المرصد إنه حصل على معلومات أولية حول الخطة التي يجري إعدادها عبر مركز التنسيق المدني–العسكري الأميركي، وتقوم على إنشاء نظام فصل جغرافي صارم يقسّم القطاع إلى كتل سكانية ومناطق عسكرية مغلقة، بحيث تُوضع أكثر من نصف مساحة القطاع في نطاق عسكري خاضع لسيطرة "إسرائيل" المباشرة.

ووفق المعلومات، ستُفرض داخل هذا النطاق رقابة مشددة وقيود على الحركة والخدمات الأساسية والمساعدات، ما يخلق بيئة قسرية تُستخدم للضغط على السكان ودفعهم قسرًا إلى مناطق تُصنّف "آمنة” داخل ما يسمى المنطقة الخضراء من دون منحهم خيارًا حقيقيًا بالبقاء أو العودة إلى منازلهم.

وبيّن المرصد أن المرحلة الأولى من الخطة تعتمد تقسيم غزة إلى منطقة حمراء بنسبة 47% تضم الغالبية العظمى من السكان المدنيين، ومنطقة خضراء بنسبة 53% تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة، وتنتشر فيها مجموعات مسلحة شكّلتها وسلّحتها "إسرائيل" ويفصل بين المنطقتين "خط أصفر" يُعامَل كحدٍّ عسكري ميداني تعتمد عنده القوات الإسرائيلية سياسة إطلاق النار بقصد القتل ضد أي شخص يحاول تجاوزه أو الاقتراب منه.

وأشار إلى أن هذا الخط الوهمي جرى دفعه فعليًا على الأرض إلى ما بعد الخرائط المنشورة، متقدّمًا في بعض الأماكن لأكثر من ألف متر داخل غزة، بما يوسّع تدريجيًا نطاق السيطرة الإسرائيلية ويقيّد حركة السكان بصورة خطيرة، في خطوة تكرّس الضمّ الفعلي للأرض وتفتيت وحدة الإقليم.

ونبّه المرصد إلى أن الخطة تتقاطع مع مساعٍ إسرائيلية للسيطرة الكاملة على الشريط الساحلي للقطاع، والذي يُعرَّف ضمن الخطة بالمنطقة الحمراء. وبحسب المرصد، فإن تحويل هذا الشريط إلى نطاق مغلق خاضع لهيمنة أمنية واقتصادية إسرائيلية يعني السيطرة على الموارد البحرية بما يشمل مناطق الصيد وحقول الغاز والبنى التحتية الساحلية، ووصف ذلك بأنه استيلاء غير مشروع ونهب منظّم لموارد إقليم محتل، في مخالفة صريحة لمبدأ السيادة الدائمة للشعوب على ثرواتها الطبيعية.

ووفق المعلومات التي حصل عليها المرصد، تعتمد الخطة على نقل السكان من المنطقة الحمراء إلى المنطقة الخضراء عبر خلق بيئة معيشية وأمنية قسرية، وربط الوصول إلى الحماية والخدمات الأساسية بالموافقة على الانتقال، وذلك بعد عمليات فحص أمني واسعة. ويرى المرصد أن هذا النمط ينفي عن عملية الانتقال أي طابع اختياري، ويضعها في إطار التهجير القسري المحظور دوليًا.

كما تهدف الإجراءات، بحسب المرصد، إلى إعادة هندسة التركيبة الديموغرافية والسياسية داخل القطاع عبر فصل التجمعات السكانية وفرز السكان على أسس أمنية وسياسية، ما ينتج واقعًا يقوم على نظام تمييز منظّم تُقيَّد فيه حرية الحركة والإقامة والتعليم والعمل، وتتحول فيه الحقوق الأساسية إلى امتيازات مشروطة قابلة للسحب التعسفي.

وأوضح المرصد أن الخطة تتضمن إنشاء مدن من الحاويات (كرفانات سكنية) داخل المنطقة الخضراء، تستوعب كل منها نحو 25 ألف نسمة ضمن مساحة لا تتجاوز كيلومترًا مربعًا واحدًا، محاطة بأسوار ونقاط تفتيش لا يُسمح بالدخول إليها أو الخروج منها إلا بإجراءات أمنية مشددة، ما يحوّلها فعليًا إلى معسكرات احتجاز مكتظة.

ويرى المرصد أن تصميم هذه "المدن" يشكل نموذجًا معاصرًا للغيتوات التاريخية التي استخدمت في سياقات استعمارية وعنصرية، حيث يُحشر السكان في مناطق مغلقة تُدار فيها حياتهم وحركتهم ومواردهم من الخارج.

وتشير المعلومات المتوفرة للمرصد إلى أن وحدات الهندسة المشاركة في الخطة بدأت بالفعل إعداد التصاميم الهندسية لأول "مدينة" تجريبية في رفح بانتظار تأمين التمويل. كما حذّر من أن الخطة تقوم على تمييز منهجي ضد الفلسطينيين، إذ تربط نقل أعداد منهم إلى المدن المؤقتة باجتياز فحص أمني تُحدّد معاييره سلطات إسرائيلية وأميركية، ما يسمح فعليًا باستبعاد فئات واسعة تُعرّف بأنها "غير مستوفية للشروط" وتركها في مناطق أشدّ عرضة للخطر، وبالتالي تحويل الحماية والخدمات الأساسية إلى أدوات فرز وضغط سياسي وأمني.

وأشار المرصد إلى أن نمط العيش داخل هذه المدن سيجري تحت رقابة أمنية تعسفية وترتيبات حوكمة مفروضة خارجيًا، تُصادَر فيها إرادة السكان في المشاركة بإدارة شؤونهم، بما يكرّس واقعًا سياسيًا وإداريًا جديدًا يقوّض هوية القطاع ومستقبل سكانه وحقهم في تقرير مصيرهم.

واعتبر أن الخطة تندرج ضمن مسار أوسع يستهدف تفتيت وحدة الأرض والشعب الفلسطيني، وتعميق الفصل بين غزة والضفة الغربية، وفرض سلطة جديدة منفصلة عن الإطار الوطني الفلسطيني تحت شروط الأطراف الراعية للخطة، بما يعيد هندسة البنية السياسية من خارج إرادة الشعب ويقوّض حقوقه الأساسية.

وانتقد المرصد الدور الأميركي في بلورة الخطة ورعايتها، مؤكدًا أن واشنطن لا تتحرك كوسيط أو جهة إنسانية، بل كطرف يشارك في تصميم هندسة ميدانية–سياسية تُرسّخ الاحتلال والضمّ والتهجير القسري تحت غطاء ترتيبات أمنية وإنسانية.

واعتبر أن قيادة الولايات المتحدة لمركز التنسيق المدني–العسكري، ودفعها هذه الترتيبات عبر الأطر الدولية، يتعارض مع التزاماتها الدولية، ويعرّضها لشبهة التواطؤ في انتهاكات جسيمة تشمل النقل القسري والاستيلاء غير المشروع على الأراضي والموارد وتقويض حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.

وطالب المرصد المجتمع الدولي بالانطلاق من أن أي ترتيبات في غزة لا يمكن أن تكون حلًا أو إدارة مؤقتة مشروعة دون إنهاء الاحتلال، عبر انسحاب كامل وغير مشروط من القطاع وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، ورفع الحصار المفروض براً وبحراً وجواً، وضمان حرية الحركة وتدفّق المساعدات وإعادة الإعمار، وتمكين السكان من إعادة بناء حياتهم ومؤسساتهم في إطار احترام حقهم في تقرير المصير.

كما دعا الأمم المتحدة والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف إلى رفض أي خطة تُبقي على واقع السيطرة الإسرائيلية أو تعيد إنتاجه في شكل معازل أو مناطق انتقالية، والامتناع عن الاعتراف أو تقديم العون لأي وضع ينطوي على نقل قسري أو ضم فعلي أو استغلال لموارد الإقليم المحتل، إضافة إلى ممارسة ضغط حقيقي لرفع الحصار وفتح المعابر وضمان حقوق الفلسطينيين في إدارة شؤونهم واختيار ممثليهم، ودعم مسارات المساءلة الدولية لضمان عدم إفلات أي طرف من العقاب.

وارتكبت "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 -بدعم أميركي أوروبي- إبادة جماعية في قطاع غزة، شملت قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 240 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير