jo24_banner
jo24_banner

الواقع على باب تجاوز الخيال... قريبا حواسيب من أدمغة البشر

الواقع على باب تجاوز الخيال... قريبا حواسيب من أدمغة البشر
جو 24 :

 

لم يعد دمج البيولوجيا بالحوسبة مفهوماً خيالياً أو فكرة من روايات المستقبل. فاليوم، تتجه أنظار باحثي الذكاء الاصطناعي إلى مقاربة جديدة كلياً، وهي استخدام خلايا دماغ بشرية حيّة كأساس لبناء "حواسيب بيولوجية" قادرة على التعلم، والتكيف، وأداء مهام يصعب على الرقائق الإلكترونية التقليدية مجاراتها في استهلاك الطاقة أو المرونة، بحسب تقرير نشره موقع "ScienceAlert" العلمي.

 هذه التقنيات لا تزال في بداياتها، لكن ما تحقق حتى الآن، مثل تمكّن أنسجة دماغية مزروعة في المختبر من تعلم لعبة ما أو تنفيذ عمليات تعرف على الكلام، جعلها محور اهتمام علمي وتجاري متسارع، تقوده ثلاثة تحولات رئيسية؛ أولها تدفّق ضخم لرأس المال الاستثماري نحو كل ما يمت بصلة إلى الذكاء الاصطناعي. والثاني هو نضج تقنيات تصنيع بعض الأنسجة الدماغية في المختبر، وهي نماذج مصغرة تشبه أنسجة الدماغ البشرية. إضافة إلى العنصر الثالث المتمثل في حدوث تقدم كبير في واجهات الدماغ – الحاسوب، ما يجعل دمج الخلايا الحية بالأنظمة الإلكترونية أكثر قبولاً من أي وقت مضى.

 
أسئلة محورية
لكن مع هذا التقدم، تبرز أسئلة محورية: هل نحن بالفعل أمام نقلة نوعية في الحوسبة؟ أم أن الأمر مجرد موجة جديدة من "الضجيج التكنولوجي"؟ والأهم، هل نحن مستعدون للتعامل أخلاقياً مع دماغ بشري يُستخدم كرقاقة؟

وعلى مدى نصف قرن، كان العلماء يزرعون الخلايا العصبية البشرية أو الحيوانية فوق صفائح إلكترودية دقيقة لدراسة نشاطها. لكن ما بين العقدين الأخيرين، تغيّر المشهد جذرياً مع ظهور "العضيات الدماغية"، وهي كتل ثلاثية الأبعاد تنمو تلقائياً من الخلايا الجذعية لتشكل شبكات عصبية بدائية.

 
واليوم، بات استخدام هذه الأنسجة أمراً شائعاً في اختبارات الأدوية وأبحاث التطور العصبي. ومع أنها لا تملك تنظيماً أو وعياً قريباً من الدماغ الحقيقي، إلا أن بعض أنماط النشاط المنظم بدأت تظهر، طوعاً أو بالتحفيز الكهربائي.

التحول المفصلي جاء عام 2022، حين أعلنت شركة Cortical Labs في ملبورن أن شبكات من الخلايا العصبية التي أنتجتها استطاعت تعلم لعبة "بونغ" داخل نظام تفاعلي مغلق. ورغم الانتقادات التي طالت مصطلح "الإحساس المجسّد" (Embodied Sentience) الذي استُخدم في الدراسة، فقد وضع العمل أساساً لمفهوم جديد أطلق عليه لاحقاً اسم "ذكاء العضيات" (Organoid Intelligence).

تسارع في الأبحاث
وخلال الأشهر الماضية، تسارعت أنشطة الشركات التقنية والمختبرات العلمية، حيث أتاحت FinalSpark السويسرية للباحثين حول العالم استئجار وقت استخدام لعضيات عصبية تعمل كحواسيب صغيرة، بينما تستعد شركة Cortical Labs لطرح أول حاسوب بيولوجي مكتبي يحمل اسم CL1.

وفي المقابل، هناك فرق بحثية في الولايات المتحدة والصين وأستراليا تعمل على توسيع قدرات العضيات لدمجها في نماذج معالجة بيانات معقدة، بما فيها التنبؤ بحركة بقع النفط في الأمازون!

ورغم كل هذه الطموحات، يؤكد العلماء أن ما يتحقق اليوم يشبه "مرحلة البيتا" في البرمجيات: لا وعي، لا تفكير، ولا ذكاء بالمعنى البشري... لكن فقط قدرة على الاستجابة والتعلم البسيط.

 
القانون والأخلاق
حتى الآن، تركز قواعد الأخلاقيات البيولوجية على استخدام العضيات في البحث الطبي. لكن استخدامها كـ"مكوّنات حاسوبية" يفتح باباً جديداً بالكامل، فهل يمكن اعتبار شبكة من الخلايا البشرية كياناً يستحق حماية معينة؟ وما هو الحد الفاصل بين "وظيفة بيولوجية" و"سلوك قريب من الإدراك"؟ وهل قد يتحول ضغط السوق إلى تشجيع إنتاج أعضاء دماغية بقدرات أعلى؟

 
وفي هذا السياق، يحذر الباحثون من أن التطور التجاري أسرع بكثير من الأطر التنظيمية، بينما يدعو خبراء الأخلاقيات إلى تحديث عاجل للقوانين قبل أن تتجاوز التكنولوجيا حدوداً يصعب العودة منها.

ووفقا للعلماء، ستكون السنوات المقبلة حاسمة. فإما أن تُثبت العضيات الدماغية قدرتها على تقديم نمط جديد من الحوسبة منخفضة الطاقة وعالية المرونة، أو يتضح أنها مجرد مرحلة عابرة في تاريخ الذكاء الاصطناعي.

لكن المؤكد أن الأسئلة التي تطرحها هذه التكنولوجيا – حول الوعي والهوية ودمج الكائن البشري بالآلة – ستبقى معنا، وربما تصبح أكثر إلحاحاً مما نتوقع.

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير