jo24_banner
jo24_banner

عام جديد.. كل عام ونحن أقل فسادا!

حلمي الأسمر
جو 24 : قرأت قبل فترة نتائج دراسة علمية لحد أساتذة جامعة اليرموك ، وبينت أن جدارة الموظف وكفاءته ليست من بين الأولويات الخمسة التي تؤثر في فرص تعيين الموظف!.
الدراسة استندت الى استطلاع لآراء عينة مكونة من خمسمائة موظف في عشر وزارات حكومية أجابوا على استبانة تضمنت عشرة عوامل وأبعادا افتراضية مؤثرة في فرص وإمكانات الموظفين في التعيين والترقية الى المواقع القيادية من رتبة أمين عام/مدير عام فما دون في الأجهزة التي يعملون فيها، وقد بينت الدراسة أن العوامل التي تلت الجوانب والاعتبارات الأمنية، الوساطة والمحسوبية، والتزلف لأصحاب السلطة والقرار، ثم التمثيل والدعم العائلي والعشائري الذي يحظى به الموظف، ثم الإمكانات المادية والاقتصادية للموظف، في حين أن جدارة الموظف وكفاءته لم تكن ضمن العناصر الخمسة الأبرز المؤثرة في تقدمه الوظيفي والمهني وتقلده للمواقع القيادية في الدولة !
الباحث يشير إلى التأثيرات السلبية والإحباط وفقدان الثقة التي يمكن أن يؤدي اليه شعور الموظفين بأن العوامل الرئيسية المؤثرة في تقدمهم الوظيفي لا تعود الى إتقانهم لعملهم وإنجازهم لمهامهم واستقامتهم ونزاهتهم، بقدر ما يلعب سجلهم الأمني ورضا وتزكية الدوائر الأمنية والوساطة والتزلف والعشائرية من دور بارز في تطورهم الوظيفي، وفي ظل مثل هذه المعطيات العلمية، فإن الحديث عن الشفافية والاستقامة ودعم المنجزين ومكافأتهم واجتثاث الفساد وعزم الحكومة على الضرب بيد من حديد على يد الفاسدين، كله يبقى حديثا نظريا وعلى الورق ما لم يتلمس الموظفون والمواطنون عامة، أفعالا وتصرفات وقرارات تعتمد الإنجاز وتكافئ المخلصين وتشجعهم بدلا من إعطاء أولوية لاعتبارات أخرى عند تعيين الموظفين وترقيتهم للمواقع القيادية في الدولة.
هذه نتائج دراسة علمية، نتمنى أن تتاح الفرصة لتعميمها ونشر نصها كاملا لتوضع بين يدي صاحب القرار، كي نتوقف عن الحديث عن الفساد «الانطباعي» كما سماه أحد رؤساء الوزارات السابقة، حيث تظهر هذه الدراسة أن الفساد ممأسس على نحو يجعله جزءا من جينات الدولة، ويحتاج تفكيكه إلى عمليات جراحية مؤلمة، لم نزل حتى الآن نحجم عن مجرد التفكير فيها، ولعل هذا ما يفسر حديث رئيس آخرعن حاجة الأردن لثلاثين سنة كي ينجز ملف الإصلاح والديمقراطية والتغيير، فالرجل يتحدث حديث العارف ببواطن الأمور!
حينما نطالع مثل هذه الدراسة وغيرها مما هو على شاكلتها، نشعر أننا بحاجة لحرق مراحل، كي نصل إلى ما يريده الملك من تحديث وتغيير، مما نقرأه منبثا في ثنايا تصريحاته المختلفة هنا وهناك .
هل يعقل أن تتحول الكفاءة والجدارة إلى عنصر هامشي جدا في اختيار الموظف أو رجل الدولة؟ كيف يمكن النهوض بمملكة ذات حكم مدني لا عسكري، لديها برلمان عمره أكبر من أعمارنا جميعا، تحكمه مثل هذه الرؤية الكارثية؟
بالمناسبة، ما ينطبق على الأردن ينطبق على غيرها من بلاد العرب، وربما وفق اعتبارات أكثر شدة، لأن الولاء للأمن أولا ثم الوطن!.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news