jo24_banner
jo24_banner

عام جديد .. هل هو سعيد؟

حلمي الأسمر
جو 24 : المُطل على ما يجري في القطاع التجاري، خاصة الطبقة الدنيا منه، يـُصاب بالذهول من حجم الانهيارات والإفلاسات فيه، على نحو ينذر بعواقب لا قبل لمجتمع محافظ بتحملها، والصورة التي تتكرر في هذا المجال؛ تراكم الديون على المنكوب، منها ما هو أخوي - يعني على الثقة! - فيضيع على صاحبه، ومنها ماهو مكتوب، وألعنها ما تم توثيقه في الشيكات، ومع ازدياد ركود تجارة «الأخ» وتكأكـُؤ طُـلاب المال، يلجأ إلى تهدئتهم بالحسنى، ثم ما يلبث السوق أن يعطيه ظهره، كما فعل مع غيره، فلا تعود التهدئة تنفع مع الدائنين، ومن ثـَــمّ تبدأ القضايا تـُرفع على الضحية، وتتلوها مذكرات الجلب والملاحقة القانونية، والمطلوب هنا على مفترق طرق؛ فإما أن يستسلم ويودع السجن باعتباره أرحم من الملاحقات والفضائح والفاقة والطفر، أو يبيع ما يملك من تجارة سرا وربما بخسائر فادحة، ويتوارى عن الأنظار بادئا بذلك حياة سرية لا يعلم فيها مكانه سوى الزوجة والأصدقاء الخُـلّـص إن وُجدوا، تاركا الأولاد والأسرة في مهب الأقدار حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .
هذه صورة موجزه وسريعة، تكاد تتكرر مع المئات - وربما الآلاف - من صغارالتجار (وكبارهم أيضا!) ممن لا يشعر بهمهم أحد، ولا يدرون على أي نحو سيكون مصيرهم، في ظل تزايد أعدادهم وتفاقم الأوضاع الاقتصادية بشكل متسارع، ولا يبدو أن فرجا قريبا يلوح في الأفق!!
مسؤولية ما جرى ويجري لا تقع على عاتق التجار المتورطين فقط، وسوء تقديرهم وتدبيرهم، وفشلهم في تسويق بضائعهم - ربما - ولكن المسؤولية تتعدى ذلك إلى السياسات الحكومية المتراكمة التي أوصلت البلاد إلى حالة مريعة من الركود الاقتصادي والبطالة والتفشي الوبائي للفساد والمحسوبية والشللية وبيع و / أو شراء الذمم، إلى غير ما هنالك من آفات وأمراض، كانت سببا في تردي الوضع الاقتصادي، على نحو يؤذن بوقوع كوارث وانهيارات مريعة ستتبعها آثار اجتماعية وسياسية، ولهذا فإن معالجة هذا الحال يحتاج إلى مشاركة فاعلة وكبرى من الحكومة تستهدف التخفيف من الآثار المدمرة المتنامية على القطاع التجاري، ولعل جزءا من الحل يكون بالبحث عن إيجاد آليات سريعة تبعث شيئا من الدفء في السوق الراكد، إضافة إلى التخفيف من غلواء الضرائب والرسوم الكثيرة والمتنامية على نحو كبير التي تجبيها الحكومات!
ما يزيد الطين بلة، استمرار مسلسل رفع أسعار المحروقات بشكل كبير، حيث وصل الرفع الأخير للمحروقات بنسب عالية، حتى تضاعفت الاسعار اضعافا مضاعفة عما كانت عليه قبل سنوات!.
آلية تسعير المشتقات النفطية هي واحدة من القضايا المثيرة للجدل، حيث يعتقد أن الحكومة تجني الأرباح نتيجة رفعها المستمر للمشتقات النفطية! إلى ذلك، فرضت الحكومة ضرائب جديدة على البنزين لتصل مجموع هذه الضرائب ما بين 22% إلى 26%. الحكومة ترفض حتى الآن إطلاع أحد على تقارير الأرباح والخسائر الناتجة عن تحديد أسعار المشتقات النفطية، وهو ما يدفع للاعتقاد أن الحكومة تجني أرباحا على حساب المواطن إضافة لما تجنيه من ضرائب باهظة على البنزين.
ان الثمن الذي سندفعه سيكون غاليا إن أغلقنا آذاننا عن سماع الشكوى، وأعتقد أن هناك متسعا من الوقت لتدارك شيء مما فات، أو انقاذ ما يمكن انقاذه عام جديد نبدأه بهدية غير سارة، عام سعيد، بودنا أن نقولها، ولكن لمن؟
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news