jo24_banner
jo24_banner

"أميّة" طلبة المدارس و"عدم كفاءة" خريجي الجامعات

أميّة طلبة المدارس وعدم كفاءة خريجي الجامعات
جو 24 :

كتب إبراهيم العظامات- انتهى العام 2013 في الكشف عن أخطر قضيتين تواجهان قطاع التعليم المدرسي والجامعي في الأردن، الأولى: أُمية أكثر من (100) ألف تلميذ في الصفوف الثلاثة الأولى فقط في مدارس وزارة التربية والتعليم، والثانية: "عدم كفاءة" حوالي (66%) من خريجي الجامعات الأردنية العامة والخاصة.

أمية التلاميذ في المدارس "قاسية"، وترقى، وفق ما تقول نقابة المدرسين إلى "كارثة وطنية وتربوية بامتياز، تستحق إعلان حالة الطوارئ"، ولكن "عدم كفاءة" كثير من خريجي وبرامج الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة ربما "كارثة أعظم" تتجاوز هول الكارثة الأولى لأن حوالي (60%) من المشاركين في امتحان الكفاءة الجامعية التي تعقده هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، طلبة من جامعات حكومية، و(75%) منهم تقديرهم جيد فأعلى (جيد جداً، وممتاز)، وحوالي (60%) منهم إناث (والإناث عددهن أكثر من الذكور في الجامعات، ونسبة المتفوقات فيهن، قد تكون، أعلى من الذكور)، كما أن الامتحان يقيس "كفايات" المستوى العام في الجامعة، والمتوسط في الكلية، ولم تجرؤ "هيئة الاعتماد" بعد من الاقتراب من عقد امتحان لقياس "كفايات" المستوى التخصصي الدقيق (أي كفايات ونتاجات التخصص الإجبارية).

وأشرف على الامتحان، المركز الوطني للاختبارات في هيئة الاعتماد، وشارك فيه فعلياً حوالي (4) آلاف طالب من المتوقع تخرجهم في الفصل الجامعي الأول الحالي، إذن، هم "عينة عشوائية، وممثلة" لخريجي الجامعات الأردنية الرسمية والأهلية، وشاملة متغيرات النوع الاجتماعي (الجنس)، والمعدل، والتخصص.


والامتحان يقيس الكفايات (العامة والمتوسطة) التي من المتوقع أن يمتلكها الخريج، وأن يتقنها -بالحد الأدنى- من مجمل دراسته الجامعية، وهو يتكون من شقين "المستوى العام" الذي يقيس – تقريباً- مدى الاستفادة من مساقات/مواد الجامعة بشكل عام، "والمستوى المتوسط" الذي يقيس الاستفادة من مساقات الكلية الإجبارية والاختيارية.


ويشير مفهوم الكفايات Competencies: - بأبسط عبارة- إلى القدرة على تحويل "النظري" من معلومات ومعارف التي اكتسبها الطالب في الجامعة إلى "عمل وفعل، وممارسة، وتطبيق". أي: مدى الفائدة من المعلومات، والمعارف، والمهارات، والقيم التي اكتسبها الطالب خلال أربع أو خمس سنوات جامعية، وكيف يوظفها أو يطبقها في الحياة العملية: المهنية، والاجتماعية، والشخصية. وهي كذلك قدرات الخريج على أن يؤدي أو ينجز عمله أو مهمته أو وظيفته المستقبلية بدقة، وإتقان. فـ"معيار تقويم الخريج هو ما يستطيع عمله (فعلاً)، لا ما يعرفه أو يعتقده أو يشعر به" أو ما يقول أنه يستطيع عمله حسب ما يقول التربوي الدكتور توفيق مرعي في كتابه "الكفايات التعليمية في النظم" الصادر عام 1983. ويضيف: أن "المعلم (الجامعة) التي يفشل طلابها يجب أن تسأل هي، لا أن يسأل طلابها".


والجامعات تسعى بشكل عام لتحقيق الكفايات العامة التالية لدى طلبتها، وهي مهارات: البحث والتحليل، والتفكير الناقد والإبداعي، والمعالجة العقلية اللفظية والمنطقية والرياضية، والاتصال والتواصل، والثقافة المعلوماتية، وحل المشكلات، والعمل ضمن الفريق، والمعرفة بالحقوق المدنية، والمعرفة بالقواعد الأخلاقية وأخلاقيات المهنة.


وبلغت نسبة تحقق أو إتقان الكفايات والنتاجات التعليمية العامة وتفرعاتها التي قيست بامتحان الكفاءة الجامعية في المستوى العام (44%) من مجموع الكفايات ونتاجات التعلم العامة المتوقع من مؤسسات التعليم العالي تطويرها لدى طلبتها. والامتحان يقيس الكفايات والنتاجات ولا يقيس التحصيل من معلومات ونظريات ومعارف وليس هدفه "علامة" الطالب بل قياس "جودة" البرنامج الدراسي.

وفي التخصصات ظهرت "أضعف الكفايات" لدى خريجي تخصصات الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات (الرياديون في البرمجة وتكنولوجيا المعلومات) بنسبة (31%) (كون (50%) من المشاركين تقديرهم مقبول)، والهندسة (المهندسون): (35%). بينما تحسنت نسبة إتقان الكفايات قليلا، بالرغم أنها منخفضة بشكل عام، في تخصصات التربية أي:(المعلمون)، والأعمال والاقتصاد (المحاسبون في الأغلب)، والعلوم الطبية والصحية (الممرضون، والعاملون في التحاليل الطبية) حيث وصلت نسبة تحقق الكفايات لدى هؤلاء إلى (46%).


وأعلى نسبة تحقق كفاية كانت كفاية أو مهارة التمييز بين الحقيقة والرأي، ووصلت إلى (70%) وهي الأعلى على الإطلاق إضافة إلى تحقق مهارات الحقوق المدنية، والمهارات الخاصة بالمواطنة بنسبة عالية، والأضعف جاءت مهارتا المعالجة المنطقية للمعلومات، وضعف التواصل الشفهي والمكتوب -وأظنه المكتوب تحديداً- بنسبة انحدرت إلى (22%) لكلا الكفايتين، إضافة إلى الضعف في المعالجة الرياضية خاصة توظيف الأعداد وتطبيقاتها، ومهارات التفكير الناقد والإبداعي خاصة الضعف في تفسير النتائج، وربما العجز عن تحقيق بعض هذه الكفايات يُفسر جزئيا تنامي ظاهرة العنف الجامعي بعد أن تم إغراق الجامعات بمساقات لا تمت للأكاديميا بصلة.


وتكشف نتائج اختبار/ امتحان الكفاءة الجامعية أن (سنة ونصف) تكفي وتزيد لدراسة الطالب الجامعي، في حين أن عامين ونصف العام من دراسته تذهبان فيهما: أوقاته، وأمواله، "هدراً" بلا أية فائدة.


زمنياً: في نهاية عام 2013 في تشارين وكانون الأول الماضية، تَكَشَفَتْ أخبار "الكارثتين" الأولى مدرسية، تداولتها الصحافة، وتناولها كتاب المقالات بشكل موسع، بعد أن كشفت عنها جرأة وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات (قد تكون "الجرأة"؛ ونتمنى أن لا تكون الـ "نكاية") والوزير يُقاتل حالياً على جبهات "التوجيهي"، ويواجه "الأمية" التربوية والأخلاقية الناتجة في جزء منها عن ضعف كفاءة النظام التعليمي. فمخرجات التعليم العام هي مدخلات للتعليم العام وبالعكس،فـ "الضعف" ينتج "عدم كفاءة".


و"الكارثة الجامعية" تَكَشَفَتْ بالإعلان عنها من قبل رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي الدكتور بشير الزعبي حين كشف نتائج امتحان الكفاءة الجامعية في نهاية الشهر الماضي، في حين رغب البعض بدفنها أو إخفائها كي لا يُلاحقه "عار" النتائج المتواضعة.


في التفاصيل: لم تكن في الأولى تفاصيل كافية سوى أن (22%) أي حوالي ربع العدد الإجمالي من طلبة الصفوف الثلاثة الأُولى أي (مئة ألف تلميذ) من فلذات أكباد الأردنيين: "أميون": "لا يعرفون قراءة أو كتابة أي حرف سواءً باللغة العربية أو بالانجليزية مُضافاً إليه جهل في الأرقام والعمليات الحسابية البسيطة المناسبة لأعمارهم وفق تأكيدات وزير التربية والتعليم؛ والنتائج "المأساوية" كشف عنها اختبار- أظنه دولياً/إقليمياً – "يقرأ، يكتب، يحسب".


وفي التفاصيل أيضا: يُردد وزير التعليم العالي الدكتور أمين محمود ما يقوله رئيس هيئة الاعتماد: من أن هدف امتحان الكفاءة الجامعية: "الإصلاح" وليس "التشهير" ثم يتوارى الوزير عن "الأنظار"، ويترك "العلاج" للزمن وللنسيان، ويتابع حلقات "شغب" الجامعات من المقعد الثاني في مجلس الوزراء، مع أن "شُهرة" الجامعات الأردنية في ممارسة العنف الجماعي والعشائري وصلت حدود العالمية منذ زمن.


وأظهر اختبار الكفاءة الجامعة كمقياس لكفاية برامج الجامعات بالرقم والدليل؛ بالرغم من جملة ملاحظات تسجل على مضمونه، وإجراءاته، والهيئة المشرفة عليه، عن "الواقع" كما هو، لا كما يحلو للمسؤولين "تجميله". فمقولة أن هدف الجامعات "تخريج كوادر بشرية مؤهلة، ومتخصصة تلبي احتياجات سوق العمل، وتطلعات المجتمع، والأفراد"، و"بناء الشخصية المتوازنة" تصبح "موضع شك" كبير.


ورؤساء الجامعات الخاصة والعامة "صمتوا" بعد أشهر طويلة من الحديث عن الإنجازات: فثلوج "الخير" التي تراكمت في أرض أم الجامعات "الأردنية" اعتبرها رئيسها الدكتور اخليف الطراونة: "نكبة!"؛ فاستعان بأصدقاء كُثر منهم: التلفزيون الرسمي، والجيش، والدرك، والأمن العام، والطلبة، وربما آخرون لإزالتها، ولكن بمن سيستعين لإزالة "نكبة" "ضعف" جودة البرامج الأكاديمية، "وتدني" كفايات ومخرجات الجامعات الأردنية!.


والأرقام المعلنة في كلا الحالتين لم تأت بجديد، لكنها أكدت ما تزخر به مواقع التواصل الاجتماعي عن سخرية من تردي التعليم العام وتراجع العالي، وما تتداوله الصحافة، وما تعاني منه الأُسر، ويشكو منه الجميع باستمرار.


النتيجة في اختصار: "أميتان" "مميتتان" لقطاع حيوي وأساسي، أمية الحَرْف في المدارس، وأمية الحِرَف لخريجي الجامعات؛ بعد عام حافل بـ"أوهام" الاستراتيجيات، و"خرافة" الخطط، واللقاءات، والمجالس، والاجتماعات، و"سحر" الرؤى المستقبلية، وكلام المسؤولين "الزائف" عن "التميز، والإبداع، والريادة، والتطوير، والتجديد، وتنمية مهارات التفكير العُليا". وتأكيدات: "تحسين المخرجات، والنهوض بالمستوى، والارتقاء بالبرامج، والجودة، والنوعية، و"حُلُم" التصانيف العالمية" لنصحو على كابوس "الواقع" المحلي المرير.


ختاماً: "البَشَرْ" -حتى أكثرهم تشاؤما- يبدؤون أعوامهم "مُبشرين" بالخير، نقول: دائما نستبشر بأعوامنا وأيامنا خيراً، غير أن مسوؤلينا يصرون على ختمها وختامها بـ"الكوارث، والخيبات".

 

 

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير