ينعون المفاوضات ويواصلون التفاوض ثم يهددون .. بماذا؟!
ياسر الزعاترة
جو 24 : بين يوم وآخر، يخرج علينا رموز جماعة “الحياة مفاوضات” بنعي لعملية التفاوض الجارية، وأحيانا يحردون ويقدوم استقالاتهم، وأحيانا يحللون، وأحيان يشتكون، لكن النتيجة دائما هي أنهم يستمرون في التفاوض، والأهم أنهم حين يهددون , يأتون بما يثير السخرية أكثر من أي شيء آخر.
آخر الناعين للمفاوضات (كرر ذلك مرارا) هو كبير المفاوضين المزمن، صائب عريقات، لاسيما إثر قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي لسن القوانين بضمِّ الغور، والذي يعني أنه سيغدو خارج سياق التفاوض، مع أن ذلك لا يعني نهاية المطاف بالطبع، إذ يمكن أن يكون جزءا من المناورة، وإن كان معروفا أن الغور هو خارج سياق التفاوض أصلا خلال المرحلة الراهنة، لأن المعروض هو اتفاق إطار أو اتفاق انتقالي يعني دويلة على ما يتركه الجدار من الضفة الغربية، في حين سيقال، إن مصير الغور سيترك إلى مفاوضات الوضع النهائي.
صاموا طويلا عن التفاوض، ونقدر أن صيامهم كان صعبا تبعا لضرورته لاستمرار الحياة!! لكنهم عادوا من دون أن يتوقف الاستيطان، واحتفلوا بقرار الإفراج عن 104 أسرى كحوافز، وكان أن استبدل قرار الإفراج بمشاريع استيطانية لإرضاء اليمين الصهيوني، فيما يتواصل التهويد للقدس والمقدسات.
ما يعنينا هنا هو التهديد الذي لوّح به كبير المفاوضين في حال استمرار فشل المفاوضات، وهو اللجوء للمؤسسات الدولية بمساعدة عربية، ولا ندري ما الذي يمكن أن يترتب على ذلك اللجوء، مع العلم أن هناك قرارات دولية شهيرة تعدّ الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة العام 67 وجودا غير شرعي، وهناك قرار صريح وواضح من محكمة العدل الدولية في لاهاي، يمكن القول، إنه أكثر أهمية من القرارات الدولية إياها، لكن ذلك لم يغير شيئا.
هل يريد صائب عريقات أن يحصل على دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، بعد الحصول على دولة بصفة مراقب؟ هذا ما يُفهم من سياق التهديد، ما يجعل السؤال هو: هل يمكن القول، إن ذلك هو أقصى ما يمكن أن يهدد به نتنياهو، وهل كان قادة منظمة التحرير قبل رئيسهم محمود عباس غافلين عن هذا التوجه العظيم الذي سيدمر الاحتلال؟!
إنهم يريدون تأبيد ما هم عليه، سواءً توصلوا إلى حل أم لم يتوصلوا، فهم يرون أن ما هم فيه إنجاز عظيم، ولا يمكن التفريط به بأي حال، وهم أصلا يعقدون اتفاقات مع الاحتلال، مثل اتفاق المياه الأخير، وهم يستثمرون ويتحركون كما لو كانوا دولة كاملة المواصفات لا ينقصها أي شيء، ولو بقيت على حالها ألف عام.
المحتلون يدركون ذلك، وهم ليسوا خائفين من السلطة ولا من قيادتها ولا من تهديدها، ومن لا يهدد بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، لن يهدد بما هو أهم من ذلك، لكنهم خائفون من الناس. وهنا يتحالف الطرفان (السلطة والاحتلال) لمواجهة مخاوف الانتفاضة الجديدة التي تقلب الطاولة في وجهيهما معا.
لا يوجد في قاموس صائب عريقات شيء اسمه مقاومة يلوّح به، تماما كما هي حال رئيسه. حتى قصة المقاومة الشعبية التي طالما تغنوا بها، لم تعد تذكر أبدا في أي سياق، فقد أدرك الجميع أنهم ليسوا حِمل مقاومة؛ لا شعبية ولا مسلحة، بل ضد أي شكل من أشكالها.
الغريب، بل لعله أكثر ما يثير القهر هو أنك تجد رغم ذلك كله أناسا يحبون فلسطين، لكنهم يتغنون رغم ذلك بهذه القيادة ويدافعون عنها، ويعلنون الولاء لها، في ذات الوقت الذي يدركون فيه إلى أين تأخذهم، أكان لاتفاق نهائي بائس، أم لورطة جديدة على شاكلة أوسلو في مفاوضات سرية تجري حاليا في لندن، أم لحل انتقالي “اتفاق إطار” كالذي يطرحه كيري (القول، إنها لن تفرّط محض هراء، لاسيما إذا تذكرنا ما فرّط مفاوضوها، ومنهم عريقات بحسب وثائق التفاوض، ولم يجد من تسيبي ليفني سوى الاستخفاف).
يبقى التعويل على شعب عظيم طالما اجترح المعجزات، فهو وحده من يملك قلب الطاولة في وجه هذا الوضع السيئ. متى؟ لا أحد يملك الجواب، لكن أملنا كبير.
(الدستور)
آخر الناعين للمفاوضات (كرر ذلك مرارا) هو كبير المفاوضين المزمن، صائب عريقات، لاسيما إثر قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي لسن القوانين بضمِّ الغور، والذي يعني أنه سيغدو خارج سياق التفاوض، مع أن ذلك لا يعني نهاية المطاف بالطبع، إذ يمكن أن يكون جزءا من المناورة، وإن كان معروفا أن الغور هو خارج سياق التفاوض أصلا خلال المرحلة الراهنة، لأن المعروض هو اتفاق إطار أو اتفاق انتقالي يعني دويلة على ما يتركه الجدار من الضفة الغربية، في حين سيقال، إن مصير الغور سيترك إلى مفاوضات الوضع النهائي.
صاموا طويلا عن التفاوض، ونقدر أن صيامهم كان صعبا تبعا لضرورته لاستمرار الحياة!! لكنهم عادوا من دون أن يتوقف الاستيطان، واحتفلوا بقرار الإفراج عن 104 أسرى كحوافز، وكان أن استبدل قرار الإفراج بمشاريع استيطانية لإرضاء اليمين الصهيوني، فيما يتواصل التهويد للقدس والمقدسات.
ما يعنينا هنا هو التهديد الذي لوّح به كبير المفاوضين في حال استمرار فشل المفاوضات، وهو اللجوء للمؤسسات الدولية بمساعدة عربية، ولا ندري ما الذي يمكن أن يترتب على ذلك اللجوء، مع العلم أن هناك قرارات دولية شهيرة تعدّ الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة العام 67 وجودا غير شرعي، وهناك قرار صريح وواضح من محكمة العدل الدولية في لاهاي، يمكن القول، إنه أكثر أهمية من القرارات الدولية إياها، لكن ذلك لم يغير شيئا.
هل يريد صائب عريقات أن يحصل على دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، بعد الحصول على دولة بصفة مراقب؟ هذا ما يُفهم من سياق التهديد، ما يجعل السؤال هو: هل يمكن القول، إن ذلك هو أقصى ما يمكن أن يهدد به نتنياهو، وهل كان قادة منظمة التحرير قبل رئيسهم محمود عباس غافلين عن هذا التوجه العظيم الذي سيدمر الاحتلال؟!
إنهم يريدون تأبيد ما هم عليه، سواءً توصلوا إلى حل أم لم يتوصلوا، فهم يرون أن ما هم فيه إنجاز عظيم، ولا يمكن التفريط به بأي حال، وهم أصلا يعقدون اتفاقات مع الاحتلال، مثل اتفاق المياه الأخير، وهم يستثمرون ويتحركون كما لو كانوا دولة كاملة المواصفات لا ينقصها أي شيء، ولو بقيت على حالها ألف عام.
المحتلون يدركون ذلك، وهم ليسوا خائفين من السلطة ولا من قيادتها ولا من تهديدها، ومن لا يهدد بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، لن يهدد بما هو أهم من ذلك، لكنهم خائفون من الناس. وهنا يتحالف الطرفان (السلطة والاحتلال) لمواجهة مخاوف الانتفاضة الجديدة التي تقلب الطاولة في وجهيهما معا.
لا يوجد في قاموس صائب عريقات شيء اسمه مقاومة يلوّح به، تماما كما هي حال رئيسه. حتى قصة المقاومة الشعبية التي طالما تغنوا بها، لم تعد تذكر أبدا في أي سياق، فقد أدرك الجميع أنهم ليسوا حِمل مقاومة؛ لا شعبية ولا مسلحة، بل ضد أي شكل من أشكالها.
الغريب، بل لعله أكثر ما يثير القهر هو أنك تجد رغم ذلك كله أناسا يحبون فلسطين، لكنهم يتغنون رغم ذلك بهذه القيادة ويدافعون عنها، ويعلنون الولاء لها، في ذات الوقت الذي يدركون فيه إلى أين تأخذهم، أكان لاتفاق نهائي بائس، أم لورطة جديدة على شاكلة أوسلو في مفاوضات سرية تجري حاليا في لندن، أم لحل انتقالي “اتفاق إطار” كالذي يطرحه كيري (القول، إنها لن تفرّط محض هراء، لاسيما إذا تذكرنا ما فرّط مفاوضوها، ومنهم عريقات بحسب وثائق التفاوض، ولم يجد من تسيبي ليفني سوى الاستخفاف).
يبقى التعويل على شعب عظيم طالما اجترح المعجزات، فهو وحده من يملك قلب الطاولة في وجه هذا الوضع السيئ. متى؟ لا أحد يملك الجواب، لكن أملنا كبير.
(الدستور)