jo24_banner
jo24_banner

من حكايات الزير حالم!

حلمي الأسمر
جو 24 : -1-
الرجال كهولا أو شبابا، يظلون أطفالا، كثير منهم يحلم بـ «لعبة» على هيئة امرأة، يرسم صورتها في خياله، وربما يبكي –على طريقة الأطفال- ليحصل عليها، ويظل يلح على من حوله أن يساعدوه في «الحصول عليها!» أو «تطبيقها» بالتعبير السيىء والمهين جدا الذي أكرهه من أعماق قلبي، ولكنه مستعمل على نطاق واسع للأسف، المهم حينما يحصل هذا الطفل-الرجل على «لعبته» يبدأ في تحطيمها على نحو أو آخر، تماما كما يفعل الأطفال حينما يملون من لعبهم!
أعتذر نيابة عن جميع هؤلاء الرجال، الذين يقترفون جريمة من هذا النوع!
-2-
كلما أراد أن يخرج من كوابيس الشاشة الفضية، أعادته إليها عملية اغتيال أو استشهاد جديدة، يحلم ككل عاشق بأن يتمشى مع حبيبته على شط البحر، حافي القدمين و»تي شيرت»، وهواء ناعم يداعب خصلات شعره، وحين يتعبان، يستريحان في مطعم سمك، يلتهمان من بوري البحر المتوسط، ويشربان كأسا من عصير برتقال يافا، ظل هذا الحلم يسبح في منطقة غير موجودة من دماغه، حلم يمارس لجوءا سياسيا، تائها في منطقة ما ربما تقع في النصف الثالث، أو الضفة الثالثة!.
-3-
تعلم منذ سني حياته الأولى في زقاق إسمنتي ضيق، أن يكره أولا، ثم يبحث عن الحب، حبه الأول كان لسيدة فاضلة، رقيقة كنسمة، كان يراها تتنقل بخفة على الإسفلت مخافة أن تؤلمه، متأبطة دفاتر وكتبا مدرسية، وكان يلمح رؤوس أصابعها مغبرة ببقايا طباشير، كانت معلمة وهو تلميذ بالكاد أتم المرحلة الابتدائية، كان كل يوم ينتظرها، يسترق النظر إليها، ولم تكن تراه، حتى ولو التقت عيناها بعينيه! وحين يجن الليل، كان يأخذها معه إلى دفاتر خواطره وأشعاره البرية، يذكر أول سطر كتبه لها على ورقة عريضة لنبات بري لا يعرف اسمه، ضحك صديقاه، ولكن شجعاه على الكتابة، ظل يحبها من طرف واحد، وحتى حينما كبر وطاردته أشباح الكهولة الأولى، لم ينسها، ظل اسمها يحدث رجفة في شرايينه، كان حبا مع وقف التنفيذ، ويبدو أن هذا النمط من الحب، صار ديدن حياته، وأسلوبه في الحياة، عن غير اختيار منه!
-4-
حلم بيافا وأحبها، وحينما رآها للمرة الأولى أضاع على شاطئها بعضا من ملابسه كأنها كانت ترفض مغادرة الشاطىء الساحر، وغادرها كأي زائر، وأحب نابلس وأكل من كنافتها، وغادرته هي بعد أن استعارها موشي دايان ذات حرب هازلة، وأحب عمان ورف قلبه لتلالها التي صارت أكثر من سبعة، ، حلم بالشهادة وبالموت على حدود وطن عالق في دائرة التنفيذ الإجرائي، لكنه لم ينلها، صنع من ليلى المقيمة في ديار لم تزل خربشات على ورق ذلك النبات البري المجهول، وطنا وحبيبة ومنفى، وعاش مع ذلك الغزال الذي يعيش داخل ترويدة، ولم يزل ينتظر ويحلم، يحلم بإخلاص كأي عذراء تنتظر فارسها القادم على حصان أبيض، غير موجود إلا في كتب الحكايات!


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news