30 عاما على اجتياح لبنان والجرح لم يندمل ...
في نهاية ،1981 كانت “إسرائيل” اتخذت قراراً بالتخلص من المقاومة الفلسطينية في لبنان بعملية مباشرة، وبدأت تعد العدة لذلك، وبدأت التنسيق مع حلفائها في الداخل اللبناني على المستوى الميداني . من هؤلاء الحلفاء، بعض أطراف تحالف الجبهة اللبنانية، وفي مقدمهم بشير الجميل، الذي كان قطع شوطاً بعيداً إلى طريق مشروعه الخاص، لبنان الموحد يحكمه بواسطة قوته وقاعدته الأساسية “القوات اللبنانية”، وخصوصاً أنه استطاع منذ 1980 ان يقيم منطقة صافية الولاء، ولم تكن ينقصه سوى شرعية رئاسة الجمهورية، ليمد سيطرته على كامل لبنان، فسعى إليها متحالفاً مع كل من كان على استعداد لدعم حلمه . ومن الواضح أن الجميل كان على علم مسبق بالاجتياح “الإسرائيلي”، حيث إنه ما إن جاء عام 1982 حتى كان لبنان قد صار على خط الزلزال، وخصوصاً في ظل الدخول “الإسرائيلي” المباشر على خط الأزمة اللبنانية التي اندلعت منذ 1975 .
كان مسرح العمليات يحضّر، وينتظر الشرارة، وهو ما حصل في أول يونيو/حزيران، حينما تعرض السفير “الإسرائيلي” في لندن شلومو ارغوف لمحاولة اغتيال، لم يتبين من كان يقف وراءها، وعليه بدأ الجيش “الإسرائيلي” في الرابع من يونيو/حزيران بقصف المواقع الفلسطينية في محيط المدينة الرياضية في بيروت، ومع فجر اليوم التالي بدأ الاجتياح البري، ليصل الجيش “الإسرائيلي” إلى مشارف بيروت بعد أسبوعين من القتال، ويبدأ حصاراً لها استمر أكثر من 80 يوماً، جرت في خلالها انتخابات رئاسة الجمهورية في 23 أغسطس/آب التي تبوأها بشير الجميّل، وانسحبت وحدات الجيش السوري في 25 أغسطس/آب، إثر وصول القوات المتعددة الجنسيات .
بعد انتخاب الجميّل، كان كأن زلزالاً أصاب لبنان، واختلطت الكثير من الأوراق اللبنانية، ومن عارض مشروع الجميّل توقع أن يصيبه الأسوأ، لكن في أقل من شهر تغير كل شيء، اغتيل الجميل بتفجير مقر “الكتائب” في الأشرفية . . وعند فجر يوم 14-15 سبتمبر/ أيلول، كانت القوات “الإسرائيلية” تندفع إلى غربي بيروت، وتتمدد في كل بيروت، خصوصاً أنه بُعيد انتخاب الجميّل كانت الجرافات قد أزالت كل السواتر والموانع والدشم والمتاريس التي تعيق تقدم قوات الاحتلال .
كان اغتيال بشير الجميل في 14 سبتمبر/أيلول ذريعة لوزير الحرب “الإسرائيلي” ارييل شارون ورئيس أركانه رفائيل ايتان بالاتفاق مع رئيس الحكومة مناحيم بيغن، للدفع بجيش الاحتلال وعملائه لتنفيذ مذابح مروعة في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين، وكان ضحاياها لبنانيين وفلسطينيين .
فور شيوع نبأ المجازر، حاولت “إسرائيل” التنصل من مسؤولياتها، متهمة حزب “الكتائب” و”القوات اللبنانية” بها . بعد تلك التطورات، أعلن في في 16 سبتمبر انطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وفي 21 منه، انتخب أمين الجميّل بدلاً من أخيه بشير رئيساً للجمهورية . خاض الجميل سلسلة من المفاوضات مع “إسرائيل” برعاية وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جورج شولتز، وانتهت في 17 مايو بتوقيع الاتفاق الذي بات يعرف منذ ذلك الوقت باتفاق 17 أيار . ومنذ ذلك التاريخ بدأت المتاعب الفعلية في لبنان ."وكالات"