حماس في القطاع وسط تهديدات من كل جانب
ياسر الزعاترة
جو 24 : قبل يومين من تهديدات أطلقها نتنياهو وموشيه يعلون ضد حماس في قطاع غزة، كانت التسريبات تتوالى من كل جانب حول الاستعدادات المصرية لاستهداف حماس، والتمهيد لإنهاء حكمها في قطاع غزة، وذلك بعد شهور من إطلاق الأكاذيب حول دور مزعوم لها في الأزمة المصرية؛ صور الحركة كأنما هي قوة عظمى بوسعها أن تتحدى أكبر الجيوش العربية.
والحال أن علاقة حماس في قطاع غزة بمصر ليست علاقة اختيار، وإنما هي دكتاتورية الجغرافيا كما يقال، ومن تعامل زمنا مع حسني مبارك وعمر سليمان، بل تعامل بإيجابية كبيرة، لن يتورط في استفزاز طرف آخر جاء إلى السلطة أيا كان موقفه منها، والسبب أن مصر هي الرئة الوحيدة التي يتنفس منها قطاع غزة، ولا يمكن لحماس أن تقطعها مهما بلغ الاستفزاز، لاسيما أنها لا تعيش أوهام سقوط الانقلاب في غضون شهر أو أشهر، حتى تغامر بحشر نفسها في الزاوية عبر علاقة مضطربة مع الجارة الوحيدة، والشقيقة الكبيرة.
المشكلة التي تواجهها حماس اليوم هي أن استهدافها من قبل سلطات الانقلاب في مصر بات مطلوبا لأكثر من اعتبار عدا عن كونها من قوى الإسلام السياسي، والذي يجعلها برسم المطاردة إرضاءً لأنظمة الثورة المضادة .
إن استهداف حماس يُعد ثمنا ضروريا على النظام الجديد في مصر أن يدفعه لنتنياهو مقابل جهوده في ترويج الانقلاب دوليا، وبالطبع إضافة إلى دعم المفاوضات، ومنح الغطاء لأي اتفاق سياسي يمكن أن يتوصل إليه محمود عباس مع نتنياهو، بل الدفع قبل ذلك نحو قبوله للاتفاق الذي لن يغادر مربع الاتفاق المؤقت أو “اتفاق الإطار” بحسب تعبير جون كيري.
الكاتب الإسرائيلي د. رؤوبين باركو، وفي مقال له بصحيفة “إسرائيل اليوم” بعنوان “حماس مستهدفة من مصر”، يقدم لنا معلومات هامة حول آلية الاستهداف، وإن كانت معروفة بروحية التحليل، وسبق أن أشرنا إليها في مقالات سابقة. يقول باركو: “يبدو أن شيئا ما يُنسج بين نشطاء حركة فتح والاستخبارات المصرية فيما يتعلق بإعادة سيطرة المنظمة على قطاع غزة الذي طردتها حماس منه بصورة مذلة في 2007”. ويضيف “في نهاية السنة الماضية ذكرت في مقالة في هذا القسم عنوانها “فتح تطمع بالقطاع مرة أخرى؛ اقتباسا من الصحيفة الأسبوعية “الوطن”، التي أفادت بوجود تنظيم عصابة مسلحة من مقاتلي فتح، بقيادة مسؤول فتح الكبير، محمد دحلان، ترمي إلى إعادة الحكم في غزة لحركة فتح بالقوة بمساعدة مصرية”.
هنا يعود “باركو” إلى تقرير “حصري” لوكالة رويترز بثته مؤخرا يتحدث عن “مدة أربع سنوات لتنفيذ برنامج القضاء على حماس الذي يُخطط الآن بالتعاون بين الاستخبارات المصرية ونشطاء فتح، ويُفترض أن ينفذ البرنامج بمعاونة حركات شعبية في القطاع تعارض “حماس”، وهي تشمل تشديد الحصار والاستمرار في هدم الأنفاق التي كانت تُستخدم كمصادر اقتصادية وعسكرية لحماس”.
يرى الكاتب الإسرائيلي أن “تسريب النوايا المتعلقة بحماس في الوقت الحالي”، ربما “يرمي الى أن يكون رسالة للأمريكيين تقول، إن السيسي هو استثمار مناسب، وإنه سيُسهم في القضاء على الارهاب، وفي جهود السلام في المنطقة”.
وفيما يعترف بأن من الصعب تخيل دخول المصريين إلى قطاع غزة “دون تنسيق مع إسرائيل، فإن دخول السلطة على حراب الجيش المصري بهذه الصفة سيفضي إلى تحسين الوضع الدستوري للسلطة الفلسطينية، وإلى وحدة الصفوف”.
نتذكر في هذا السياق ترحيب عزام الأحمد (عضو مركزية فتح) بدخول فتح لقطاع غزة على ظهر دبابات الجيش المصري، وهو يعلم أن ذلك لن يحدث من دون موافقة سلطات الاحتلال، بل مباركتها بتعبير أدق، في حين جاء نفي تلك الرغبة على لسان متحدث (مجهول) باسم فتح في القطاع، وبالطبع مجاملة لأهله الذين يتعرضون للحصار، ويدفعون ثمنه.
على كل حال، ما ذُكر ليس جديدا، وتفاصيل الحرب تتغير وتتبدل بحسب الظروف الموضوعية؛ لأن التمويل وفير والأدوات جاهزة، لكن النجاح أمر آخر، اللهم إلا إذا ملك القوم الاستعداد لقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين ثمنا لذلك، وحتى لو استعدوا لذلك، فإن النتيجة غير مضمونة أيضا، لكن ذلك لا يلغي واقعَ أن على حماس الاستعداد لذلك؛ ليس عسكريا فقط، وإنما سياسي أيضا، وفي ظني أن طرح مشروع يتجاوز غزة إلى كل القضية المهددة بالتصفية هو الحل، وذلك بتشكيل تحالف من فلسطينيي الداخل والخارج (فصائل ومستقلين) ضد المفاوضات والتفريط مع الاستعداد لإدارة مشتركة لقطاع غزة، وكذلك للضفة الغربية كإدارة مدنية، وتوجيه الجهد الحقيقي لمقارعة الاحتلال.
(الدستور)
والحال أن علاقة حماس في قطاع غزة بمصر ليست علاقة اختيار، وإنما هي دكتاتورية الجغرافيا كما يقال، ومن تعامل زمنا مع حسني مبارك وعمر سليمان، بل تعامل بإيجابية كبيرة، لن يتورط في استفزاز طرف آخر جاء إلى السلطة أيا كان موقفه منها، والسبب أن مصر هي الرئة الوحيدة التي يتنفس منها قطاع غزة، ولا يمكن لحماس أن تقطعها مهما بلغ الاستفزاز، لاسيما أنها لا تعيش أوهام سقوط الانقلاب في غضون شهر أو أشهر، حتى تغامر بحشر نفسها في الزاوية عبر علاقة مضطربة مع الجارة الوحيدة، والشقيقة الكبيرة.
المشكلة التي تواجهها حماس اليوم هي أن استهدافها من قبل سلطات الانقلاب في مصر بات مطلوبا لأكثر من اعتبار عدا عن كونها من قوى الإسلام السياسي، والذي يجعلها برسم المطاردة إرضاءً لأنظمة الثورة المضادة .
إن استهداف حماس يُعد ثمنا ضروريا على النظام الجديد في مصر أن يدفعه لنتنياهو مقابل جهوده في ترويج الانقلاب دوليا، وبالطبع إضافة إلى دعم المفاوضات، ومنح الغطاء لأي اتفاق سياسي يمكن أن يتوصل إليه محمود عباس مع نتنياهو، بل الدفع قبل ذلك نحو قبوله للاتفاق الذي لن يغادر مربع الاتفاق المؤقت أو “اتفاق الإطار” بحسب تعبير جون كيري.
الكاتب الإسرائيلي د. رؤوبين باركو، وفي مقال له بصحيفة “إسرائيل اليوم” بعنوان “حماس مستهدفة من مصر”، يقدم لنا معلومات هامة حول آلية الاستهداف، وإن كانت معروفة بروحية التحليل، وسبق أن أشرنا إليها في مقالات سابقة. يقول باركو: “يبدو أن شيئا ما يُنسج بين نشطاء حركة فتح والاستخبارات المصرية فيما يتعلق بإعادة سيطرة المنظمة على قطاع غزة الذي طردتها حماس منه بصورة مذلة في 2007”. ويضيف “في نهاية السنة الماضية ذكرت في مقالة في هذا القسم عنوانها “فتح تطمع بالقطاع مرة أخرى؛ اقتباسا من الصحيفة الأسبوعية “الوطن”، التي أفادت بوجود تنظيم عصابة مسلحة من مقاتلي فتح، بقيادة مسؤول فتح الكبير، محمد دحلان، ترمي إلى إعادة الحكم في غزة لحركة فتح بالقوة بمساعدة مصرية”.
هنا يعود “باركو” إلى تقرير “حصري” لوكالة رويترز بثته مؤخرا يتحدث عن “مدة أربع سنوات لتنفيذ برنامج القضاء على حماس الذي يُخطط الآن بالتعاون بين الاستخبارات المصرية ونشطاء فتح، ويُفترض أن ينفذ البرنامج بمعاونة حركات شعبية في القطاع تعارض “حماس”، وهي تشمل تشديد الحصار والاستمرار في هدم الأنفاق التي كانت تُستخدم كمصادر اقتصادية وعسكرية لحماس”.
يرى الكاتب الإسرائيلي أن “تسريب النوايا المتعلقة بحماس في الوقت الحالي”، ربما “يرمي الى أن يكون رسالة للأمريكيين تقول، إن السيسي هو استثمار مناسب، وإنه سيُسهم في القضاء على الارهاب، وفي جهود السلام في المنطقة”.
وفيما يعترف بأن من الصعب تخيل دخول المصريين إلى قطاع غزة “دون تنسيق مع إسرائيل، فإن دخول السلطة على حراب الجيش المصري بهذه الصفة سيفضي إلى تحسين الوضع الدستوري للسلطة الفلسطينية، وإلى وحدة الصفوف”.
نتذكر في هذا السياق ترحيب عزام الأحمد (عضو مركزية فتح) بدخول فتح لقطاع غزة على ظهر دبابات الجيش المصري، وهو يعلم أن ذلك لن يحدث من دون موافقة سلطات الاحتلال، بل مباركتها بتعبير أدق، في حين جاء نفي تلك الرغبة على لسان متحدث (مجهول) باسم فتح في القطاع، وبالطبع مجاملة لأهله الذين يتعرضون للحصار، ويدفعون ثمنه.
على كل حال، ما ذُكر ليس جديدا، وتفاصيل الحرب تتغير وتتبدل بحسب الظروف الموضوعية؛ لأن التمويل وفير والأدوات جاهزة، لكن النجاح أمر آخر، اللهم إلا إذا ملك القوم الاستعداد لقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين ثمنا لذلك، وحتى لو استعدوا لذلك، فإن النتيجة غير مضمونة أيضا، لكن ذلك لا يلغي واقعَ أن على حماس الاستعداد لذلك؛ ليس عسكريا فقط، وإنما سياسي أيضا، وفي ظني أن طرح مشروع يتجاوز غزة إلى كل القضية المهددة بالتصفية هو الحل، وذلك بتشكيل تحالف من فلسطينيي الداخل والخارج (فصائل ومستقلين) ضد المفاوضات والتفريط مع الاستعداد لإدارة مشتركة لقطاع غزة، وكذلك للضفة الغربية كإدارة مدنية، وتوجيه الجهد الحقيقي لمقارعة الاحتلال.
(الدستور)