ربيعان ينجحان ويزهران: تركيا وتونس!
حلمي الأسمر
فلمن ينتظر «سقوط» مشروع أردوغان، نبشركم بلغة الأرقام، ما يقوله الرجل، اعتمادا على الاستطلاعات العلمية: «آخر استطلاعات الرأي تعطيه 51 في المئة من الأصوات، وليس عنده أدنى قلق على وضع «حزب العدالة والتنمية». وثمة استطلاع أجرته مؤسسة «كوندا» لاستطلاع الرأي ذكرت أن «العدالة والتنمية» سينال 48 في المئة في الانتخابات البلدية، يليه «حزب الشعب الجمهوري» بـ28 في المئة، وهذه حقائق دامغة ترد على من سارع للولولة والزعيق، «مستبشرا» بسقوط الأردوغانية، وذهاب ريحها، على الرغم من قسوة ما تعرضت له تركيا من ضرب في صميم ما تميزت به الأردوغانية، وأفلحت فيه: وهي نظافة اليد والأمانة، ومحاربة الفساد، والشفافية، لتأتي النتيجة على عكس ما أمل المتآمرون، رغم الثمن الباهظ التي دفعته البلاد من مشكلات اقتصادية، وبعض التشويه لصورة رجل أفلح في نقل بلاده من بلد غارق في الديون، إلى صورة أخرى يتمناها كل مخلص لوطنه، محب لبلاده، فهنيئا لتركيا بهذا الزعيم الكبير، الذي يعيد بلغته التي تضج بالكبرياء صورة القائد الكبير، الذي يبعث في النفس روح الأمل، باستمرار قدرة هذه الأمة العظيمة على ولادة الزعماء العظام!
أما في تونس، فقد هضم الإخوة من قادة حركة النهضة التجارب السوداء التي أحاطت بزهور الربيع، فداروا على «شمعتهم» وحرسوها بحرص وديناميكية ومرونة بلا حدود، كي يعبروا المطبات التي وضعت في طريقهم، فأنتجوا دستورهم الوسطي المعتدل، الذي يهضم كل مكونات المجتمع برؤية تشاركية منفتحة تستوعب كل ألوان الطيف التونسي، ولم ينظروا إلى الحقبة التي يعيشونها باعتبارها حقبة تمكين، بل رأوا فيها امتحانا عظيما لقدرتهم على تقاسم الوطن والسلطة مع الجميع، وتلك لعمري وصفة الترياق الذي يجنب بلادنا شرور الانشطار والانقسام والتشظي، وهو ما وقعت فيه مصر، منذ ثورة يناير، فكان نتاجه خرابا ودمارا شاملين، سيمر وقت طويل جدا قبل أن تتعافى منه أرض الكنانة، وسيدفع ثمنه شعبها الصابر من دمه وقوته ومستقبله، ذلك أن ما أؤخذ على التجربة الإسلامية الوليدة، تبناه العسكر ولكن بتوسع و عنف غير مسبوقين، حين أنتجوا ديكتاتورية بل فاشية خشنة لن تعمر طويلا بعد أن أدرك شعب مصر أن طريق الذل والاستكانة لم يعد ممكنا، وعرف كل مصري أن اليد الواحدة لا تصفق، ولكن بوسعها أن تصفع!
هنيئا لتركيا وتونس ربيعهما المبارك، وتلكم بؤرتان من بؤر الخير والنجاح، يطيب لنا أن نركز عليهما ونلقي أضواء ساطعة عليهما، لنقول من يندب حظه من الشعوب العربية والإسلامية، أن ثمة أملا على الدوام، في هذا الليل البهيم، فلا تفقدوه، وتشبثوا به، فثمة فجر ساطع دائما يبزغ نوره، بعد أن يدلهم السواد!
(الدستور)