ضد التفريط بحق العودة أم بالقضية برمتها؟!
ياسر الزعاترة
جو 24 : إذا كانت قضية حق العودة هي التي تستثير قطاعات من الجماهير والقوى السياسية ضد مشروع كيري الذي يُطبخ سرا وعلنا هذه الأيام، فإن هناك ما هو أهم من هذه القضية، على أهميتها وتأثيرها على الوضع هنا في الأردن، فضلا عن وضع فلسطينيي الشتات في كل أماكن وجودهم.
لكن ما ينبغي أن يتذكره الجميع هو أن مشروع كيري لم يكن الوحيد الذي شطب عمليا حق العودة كتجسيد واقعي، إذ أنه ما من مشروع تسوية طرح منذ سنوات بعيدة وتضمن تجسيدا لذلك الحق.
للتذكير فقط، فإن ما أفشل مفاوضات كامب ديفيد صيف العام 2000، لم يكن حق العودة، كما أن ما أفشل مفاوضات عباس، عريقات، قريع، مع ليفني وأولمرت قبل سنوات أيضا لم يكن حق العودة، بل قضية القدس والأراضي والسيادة، حيث تخبرنا وثائق التفاوض أن عريقات قد قبل عودة 10 آلاف لاجئ ضمن ما يسمى لمْ شمل العائلات (على عشر سنوات)، بحسب وعد سابق من أولمرت، فما كان من ليفني سوى أن قالت لعريقات بصلافة إن ذلك رأي أولمرت الشخصي، وإن رقم من سيعودون الى الأراضي المحتلة العام 48 (قالت إسرائيل) هو “صفر”.
وليتذكر الجميع في هذا السياق أن معاهدة وادي عربة قد نصت بشكل واضح على توطين اللاجئين، وليتذكروا أيضا أن المبادرة العربية التي أقرت في قمة بيروت 2002، بينما كانت دبابات شارون تجتاح الضفة الغربية، إنما تحدثت عن “حل متفق عليه” لقضية اللاجئين، الأمر الذي يعني شطب حق العودة، والاكتفاء بالتعويض الذي يتبدى الآن أنه لن يكون من جيب الصهاينة، بل من جيوب العرب، حيث تقدر دوائر الاحتلال قيمة ممتلكات اليهود الذي هاجروا إلى فلسطين المحتلة بمبلغ أكبر من مبلغ تعويضات اللاجئين الفلسطينيين.
هنا يبدو مثيرا للسخرية ذلك الحديث الذي عاد إلى التداول من جديد (سمعناه بعد أوسلو ووادي عربة)، عن أرقام تعويضات اللاجئين التي تصل إلى أرقام فلكية ستمنح الأردن عشرات المليارات بوصفه من يستضيف الجزء الأكبر من اللاجئين، فضلا عن حديث البعض عن التعويضات الشخصية التي تصل عشرات الآلاف للعائلة، إن لم يكن للشخص الواحد!!
من هنا يمكن القول إنه لا خطة كيري، ولا المبادرة العربية، ولا أية مبادرة أخرى (تذكرون وثيقة جنيف بطبيعة الحال التي تنازلت علنا عن حق العودة)، يمكن أن تسمح بعودة اللاجئين إلى الأراضي المحتلة عام 48، بل إن عودتهم إلى مناطق السلطة ستخضع لقيود لا حصر لها أيضا، ومن يمكن أن يجري التفكير في عودتهم هم فلسطينو لبنان، وربما سوريا، فيما يخرج علينا كيري هذه الأيام بخطة إبداعية تتمثل في ترحيلهم إلى مناطق النقب التي يمكن نقلها إلى السلطة من خلال ما يسمى تبادل الأراضي، ذلك المصطلح الذي لا يدرك كثيرون معناه بشكل جيد؛ هو الذي يهدد بتشريع ابتلاع أهم الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس، مقابل أخرى أقل أهمية في صحراء النقب.
من هنا، فإن الاحتجاج على خطة كيري لا ينبغي أن يُحشر في هذه القضية؛ قضية اللاجئين، اللهم إلا إذا كان البعض موافقا على ترحيلهم إلى كندا، بحسب ما قال محمود عباس أثناء استقباله رئيس الوزراء الكندي في رام الله مؤخرا، مع أن هذا الترحيل لا يشمل لاجئي الأردن دون شك.
إذا أردنا أن نكون منسجمين مع أنفسنا كأردنيين وفلسطينيين، بل كقوىً عربية حيّة أيضا، فما علينا سوى رفض هذه المهزلة من جذورها، وإعادة الاعتبار لمسار آخر للقضية جرى دفنه بيد مجموعة محمود عباس منذ وراثته للمنظمة وفتح والسلطة، وهو مسار المقاومة.
السبب أن خطة كيري، وعموم مشروع السلطة إنما يهدد القضية برمتها؛ أرضا وشعبا ومقدسات، ولا يمكن تبعا لذلك أن نترك أصل القضية لنتمسك بالفرع، لأن هذه القضية هي مسؤوليتنا جميعا؛ أردنيين وفلسطينيين، وعربا ومسلمين أيضا، ولا يمكن تركها لهذه القيادة العابثة التي تهددها بالتصفية، إن كان بمشروع كيري، أم كان باستمرار وضع السلطة/الدولة القائمة تحت الاحتلال، والتي تستمتع بالاستثمار والتنسيق الأمني، ويمكن أن تبقى لزمن طويل قبل أن يتم التوصل إلى حل نهائي، مع أن مخاوفه تلوح في الأفق، إن كان نهائيا، أم مؤقتا، وكل منهما أسوأ من الآخر.
والخلاصة أن شعار الحملة الجديدة ينبغي أن يركز على إنقاذ القضية برمتها، وليس حق العودة الذي لا ينقذه شيء، وإنقاذها لا يكون إلا بتحالف بين القوى الفلسطينية في الداخل والشتات ضد المفاوضات والتفريط، تدعمه جماهير الأمة وقواها الحيّة، هنا في الأردن وفي العالم العربي والإسلامي، وذلك كمقدمة لإطلاق انتفاضة في كل الأرض الفلسطينية شعارها دحر الاحتلال دون قيد أو شرط عن الأراضي المحتلة العام 67، مع تجسيد حق العودة، وذلك كمقدمة لتفكيك المشروع الصهيوني برمته.
ومع أننا لا نرى ذلك حلما بعيد المنال، إلا أننا نرد على من يقولون، إنه كذلك بعبارة الشيخ الشهيد أحمد ياسين الشهيرة: “من لا يستطيع الزواج، لا يُباح له الزنا”.
(الدستور)
لكن ما ينبغي أن يتذكره الجميع هو أن مشروع كيري لم يكن الوحيد الذي شطب عمليا حق العودة كتجسيد واقعي، إذ أنه ما من مشروع تسوية طرح منذ سنوات بعيدة وتضمن تجسيدا لذلك الحق.
للتذكير فقط، فإن ما أفشل مفاوضات كامب ديفيد صيف العام 2000، لم يكن حق العودة، كما أن ما أفشل مفاوضات عباس، عريقات، قريع، مع ليفني وأولمرت قبل سنوات أيضا لم يكن حق العودة، بل قضية القدس والأراضي والسيادة، حيث تخبرنا وثائق التفاوض أن عريقات قد قبل عودة 10 آلاف لاجئ ضمن ما يسمى لمْ شمل العائلات (على عشر سنوات)، بحسب وعد سابق من أولمرت، فما كان من ليفني سوى أن قالت لعريقات بصلافة إن ذلك رأي أولمرت الشخصي، وإن رقم من سيعودون الى الأراضي المحتلة العام 48 (قالت إسرائيل) هو “صفر”.
وليتذكر الجميع في هذا السياق أن معاهدة وادي عربة قد نصت بشكل واضح على توطين اللاجئين، وليتذكروا أيضا أن المبادرة العربية التي أقرت في قمة بيروت 2002، بينما كانت دبابات شارون تجتاح الضفة الغربية، إنما تحدثت عن “حل متفق عليه” لقضية اللاجئين، الأمر الذي يعني شطب حق العودة، والاكتفاء بالتعويض الذي يتبدى الآن أنه لن يكون من جيب الصهاينة، بل من جيوب العرب، حيث تقدر دوائر الاحتلال قيمة ممتلكات اليهود الذي هاجروا إلى فلسطين المحتلة بمبلغ أكبر من مبلغ تعويضات اللاجئين الفلسطينيين.
هنا يبدو مثيرا للسخرية ذلك الحديث الذي عاد إلى التداول من جديد (سمعناه بعد أوسلو ووادي عربة)، عن أرقام تعويضات اللاجئين التي تصل إلى أرقام فلكية ستمنح الأردن عشرات المليارات بوصفه من يستضيف الجزء الأكبر من اللاجئين، فضلا عن حديث البعض عن التعويضات الشخصية التي تصل عشرات الآلاف للعائلة، إن لم يكن للشخص الواحد!!
من هنا يمكن القول إنه لا خطة كيري، ولا المبادرة العربية، ولا أية مبادرة أخرى (تذكرون وثيقة جنيف بطبيعة الحال التي تنازلت علنا عن حق العودة)، يمكن أن تسمح بعودة اللاجئين إلى الأراضي المحتلة عام 48، بل إن عودتهم إلى مناطق السلطة ستخضع لقيود لا حصر لها أيضا، ومن يمكن أن يجري التفكير في عودتهم هم فلسطينو لبنان، وربما سوريا، فيما يخرج علينا كيري هذه الأيام بخطة إبداعية تتمثل في ترحيلهم إلى مناطق النقب التي يمكن نقلها إلى السلطة من خلال ما يسمى تبادل الأراضي، ذلك المصطلح الذي لا يدرك كثيرون معناه بشكل جيد؛ هو الذي يهدد بتشريع ابتلاع أهم الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس، مقابل أخرى أقل أهمية في صحراء النقب.
من هنا، فإن الاحتجاج على خطة كيري لا ينبغي أن يُحشر في هذه القضية؛ قضية اللاجئين، اللهم إلا إذا كان البعض موافقا على ترحيلهم إلى كندا، بحسب ما قال محمود عباس أثناء استقباله رئيس الوزراء الكندي في رام الله مؤخرا، مع أن هذا الترحيل لا يشمل لاجئي الأردن دون شك.
إذا أردنا أن نكون منسجمين مع أنفسنا كأردنيين وفلسطينيين، بل كقوىً عربية حيّة أيضا، فما علينا سوى رفض هذه المهزلة من جذورها، وإعادة الاعتبار لمسار آخر للقضية جرى دفنه بيد مجموعة محمود عباس منذ وراثته للمنظمة وفتح والسلطة، وهو مسار المقاومة.
السبب أن خطة كيري، وعموم مشروع السلطة إنما يهدد القضية برمتها؛ أرضا وشعبا ومقدسات، ولا يمكن تبعا لذلك أن نترك أصل القضية لنتمسك بالفرع، لأن هذه القضية هي مسؤوليتنا جميعا؛ أردنيين وفلسطينيين، وعربا ومسلمين أيضا، ولا يمكن تركها لهذه القيادة العابثة التي تهددها بالتصفية، إن كان بمشروع كيري، أم كان باستمرار وضع السلطة/الدولة القائمة تحت الاحتلال، والتي تستمتع بالاستثمار والتنسيق الأمني، ويمكن أن تبقى لزمن طويل قبل أن يتم التوصل إلى حل نهائي، مع أن مخاوفه تلوح في الأفق، إن كان نهائيا، أم مؤقتا، وكل منهما أسوأ من الآخر.
والخلاصة أن شعار الحملة الجديدة ينبغي أن يركز على إنقاذ القضية برمتها، وليس حق العودة الذي لا ينقذه شيء، وإنقاذها لا يكون إلا بتحالف بين القوى الفلسطينية في الداخل والشتات ضد المفاوضات والتفريط، تدعمه جماهير الأمة وقواها الحيّة، هنا في الأردن وفي العالم العربي والإسلامي، وذلك كمقدمة لإطلاق انتفاضة في كل الأرض الفلسطينية شعارها دحر الاحتلال دون قيد أو شرط عن الأراضي المحتلة العام 67، مع تجسيد حق العودة، وذلك كمقدمة لتفكيك المشروع الصهيوني برمته.
ومع أننا لا نرى ذلك حلما بعيد المنال، إلا أننا نرد على من يقولون، إنه كذلك بعبارة الشيخ الشهيد أحمد ياسين الشهيرة: “من لا يستطيع الزواج، لا يُباح له الزنا”.
(الدستور)