أين هم رجال حق العودة؟
حلمي الأسمر
العنصر الغائب عن هذا الجدل، هو عنصر القوة، فتحقيق حق العودة، يحتاج إلى منصة واقعية تجبر من يرفضه على الامتثال لتنفيذه، لأن حق العودة لا يتحقق بإصدار بيان ناري، أو وقفة احتجاجية، أو أو مجرد إعلان «رفض» لا يكلف صاحبه إلا عددا محدودا من «السعرات الحرارية» التي تبذل، ثم تطوى الصفحة، ودار ما دخلك إلا الشر!
نريد أن نسمع، ولو نظريا، ممن يرفضون التنازل عن حق العودة، ويرفعون عقيرتهم بإدانة من يتهاونون فيه، ما برنامجهم لقهر وجبر إسرائيل على الامتثال إلى تنفيذ حق العودة الفلسطيني، وما برنامجهم أيضا للتعامل مع كل من يتواطأ مع إسرائيل لدفنه والتجاوز عليه، كائنا من كان، لأن هذا الحق هو التجسيد المكثف للكارثة الفلسطينية كلها، وهي كارثة لم يصنعها الاحتلال فقط، بل كان ثمة شركاء له، رعوا جرائمه ومولوها وشجعوه على بناء دولته على حطام دولة، كانت لا تقل في مقدراتها عن أي دولة عربية، أو أجنبية، بما توافر لها من أرض وشعب وموارد، ولكن حيل بينها وبين أهلها في بنائها، وتفرق دمها بين القبائل، أعجمية أم يعربية، ليأتي من بعد من يحمل بشدة على من يفرط في حق العودة، وهو يدرك أن تنفيذ هذا الحق يحتاج إلى شوكة خارقة، لا يتحدث عنها أحد، بل لا تخطر ببال أحد، وسط حالة الخراب التي ضربت الأمة، بعد أن تحركت الأفاعي والجراذين من جحورها لإحباط أشرف وأنقى وأطهر الثورات العربية الشعبية في التاريخ العربي الحديث، ليتحول الربيع إلى خراب وعواصف ودماء، وهو هدف التقت عليه عصبة من العرب والعجم، حفاظا على كراسي الطواغيت، وإهدارا لحق العودة تحديدا، ولهذا ترى إسرائيل أشد المتحمسين لتخريب الربيع، وزراعة الأشواك والأعشاب السامة بدلا منه!
حق العودة، يا سادة ليس موقفا بلاغيا، ولا حالة لغوية فصيحة، حق العودة بحاجة إلى رجال لتنفيذه، فأين هم؟
(الدستور)