2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حرب حزب اللـه الاستباقية ضد «الجماعات التكفيرية»!!

ياسر الزعاترة
جو 24 : عندما تأخذ منظمة أو حزب أو تيار موقفا خاطئا، فهو غالبا ما يرتبك في تبريره والدفاع عنه، ويضطر أحيانا إلى الكذب والتدليس، وفي السياسة عموما لا شيء غير قابل للتبرير، حتى حين يجري إنكار الحقائق الدامغة.
نتذكر ذلك بين يدي الإطلالة الجديدة للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي لم يعد يغيب عنا كثيرا، كما كان يفعل أيام كانت هناك مقاومة ضد الصهاينة، تلك التي توقفت عمليا منذ اتفاق إنهاء حرب تموز 2006، ومن ثم تحويل سلاح الحزب إلى سلاح للحسم السياسي في الداخل، بدأ أولا باجتياح بيروت أيار العام 2008.
في البداية قال لنا أمين عام الحزب، إن عناصره يذهبون إلى سوريا لحماية المراقد المقدسة، بخاصة مرقد السيدة زينب رضي الله عنها، لكن هذا الشعار ما لبث أن تم تجاوزه في القصير، وربما قبلها حين خرجوا علينا بشعار حماية ظهر المقاومة التي تتعرض للخطر في حال سقط درعها الحصين في سوريا، من دون أن يرى في ذلك أي إشكال بإهانة شعب بكامله من أجل تزكية طاغية، لكأن شعب سوريا سيكون عميلا للصهاينة لولا أن أنقذه بشار الأسد من هذه المصيبة.
في إطلالته الجديدة خرج علينا نصر الله بمبرر جديد للتدخل، يسمى الحرب الاستباقية، ويتمثل في منع “الجماعات التكفيرية” من السيطرة على سوريا، ومن ثم تمددها نحو لبنان، وهي نظرية لها هدفان، الأول تبرير التدخل، بل وتصعيده كما في معركة يبرود الجديدة التي تستعيد معركة القصير، والثاني الرد على من يربطون بين التفجيرات التي ضربت الضاحية والهرمل، وبين تدخل الحزب في سوريا، مع أن من ينفذونها يقولون ذلك ولا يخفون، وفي وقت يعرف الجميع أن شيئا من ذلك النشاط لم يسبق أن كان، والوقائع التي ساقها عن طرابلس وضرب مواقع مسيحية لا قيمة لها، وهي كلام مرسل لا يعبر عن واقع الحال، ومن يتذكر خطاب أحمد الأسير مثلا قبل 3 سنوات، ثم تطوره بعد ذلك إثر تدخل الحزب في سوريا يدرك حقيقة الموقف، وارتباط المسارين معا؛ مسار تدخل الحزب في سوريا، ومسار التفجيرات المشار إليها. نقول ذلك مع أننا لا نرى مبررا لاستهداف المدنيين غير المحاربين في أي مكان.
ما ينبغي أن يتذكره حزب الله وأمينه العام وسائر رموزه، وينسونه، بل يتجاهلونه عن قصد هو أن ثورة سوريا كانت جزءا لا يتجزأ من ربيع العرب، وهي ثورة ضد نظام دكتاتوري فاسد، وهي لا تختلف أبدا عن ثورة الحسين ضد يزيد (ألم تكن جيوش يزيد تفتح الأمصار وتواجه أعداء الأمة حين خرج عليه الحسين؟!)، وهي ثورة لم تكن ضد المقاومة ولا الممانعة، وما من شريف يمكنه المزايدة على انحياز الشعب السوري للمقاومة والممانعة، ووقوفه ضد الصهاينة.
موقف الحزب من الثورة كان ضدها منذ اليوم الأول، واستمر الموقف لشهور بينما شباب سوريا يتلقون الرصاص بصدور عزلاء دون أن يردوا برصاصة واحدة. ونتذكر حين كان جيش بشار يقصف ويقتل في حمص، كيف خرج نصرالله قائلا، إن “معلوماتنا” تقول، إن حمص “هادئة”.
أما قصة الجماعات التكفيرية التي يتحدث عنها اليوم، والغريب أنه يربطها “بالإسرائيلي والأمريكي”، (فهو كلام بلا قيمة يدرك الكل عبثيته، بدليل أن نظامه الحبيب في دمشق هو الذي يعرض على الصهاينة والغرب قيامه بالوكالة عنهم بضرب تلك الجماعات). أما قصة تلك الجماعات، فهي لم تضرب في لبنان إلا بسبب أجواءٍ مواتية صنعها الحزب بتدخله السافر ضد الشعب السوري.
ولا قيمة أبدا هنا للقول، إنها ستسيطر على سوريا؛ لأن أحدا لن يفرض على الشعب السوري ما لا يريد، وما يجري من قتال بين المجموعات الإسلامية إنما ينطلق من اختلاف الأجندات كما يعرف الجميع؛ بين تلك التي تعدّ سوريا ساحة، وبين تلك التي تراه بلدا يقاتل ضد طاغية، وتلك معركتها. والخلاصة أن الشعب السوري خرج يطلب الحرية والتعددية، وهو مثل سائر الشعوب سيأخذ حقه في اختيار من يحكمه.
يبقى القول، إن نصرالله يدرك تماما أن هذه اللون من العمل المسلح أو العنف ليس ظاهرة فكرية، وإنما هو نتاج ظروف موضوعية، ومن أعاد الحاضنة الشعبية لتنظيم القاعدة في العراق هو المالكي بسلوكه الطائفي، ولو استجاب لمطالب الناس السياسية التي اعتصموا من أجلها أكثر من عام بشكل سلمي، لتغيرت الأجواء، ولانتهى العنف بالتدريج.
الأمر نفسه ينطبق على سوريا ولبنان وكل المناطق الأخرى، ويعلم نصر الله أن الحالة السلفية الجهادية كانت في طريقها إلى الاختفاء بعد الربيع العربي، وما أحياها هو عنف النظام الدموي في سوريا، ومن ثم وقوف إيران وحلفائها من خلفه.
بوسع نصر الله أن يبيع مبرراته على جمهور يستمع إليه وهو يغلق عقله، لكن الآخرين لا يفعلون ذلك، ويدركون تمام الإدراك أنه يبحث عن تبرير لموقف لا يُبرر، ويضطر تبعا لذلك إلى ترديد كلام لا يمت إلى العقل والمنطق بصلة.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير