jo24_banner
jo24_banner

قفة تبن!

حلمي الأسمر
جو 24 : المرة تلو المرة يثبت لكل ذي بصيرة، أن أمتنا يتيمة، ليس لها بعد الله عز وجل إلا «ذراعها» وكل نظر شرقا أو غربا للخلاص، مجرد انتظار لـ «غودو» الذي لا يأتي، وها نحن أمام تجربة عملية لا تقبل التأويل، تثبت أن الغرب غرب والشرق شرق، ولن يلتقيان إلا على المصالح، دون أي رائحة للمبادىء التي يتشدق بها الغرب، من قبيل حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات العامة..
نحن اليوم إزاء غزو روسي لأوكرانيا، وغرب يحشد كل ما يستطيع لإنقاذ البلد الأوروبي من براثن الدب الروسي، بحجة الدفاع عن إرادة الشعب الأوكراني، أما إرادة الشعب المصري – مثلا – فلا بواكي لها، حتى ولو هرست تحت عجلات المصفحات، وحتى حينما بدا أن ثمة بعض التململ الشعبي العربي، في سياق ثورات الربيع، تعبيرا عن إرادة شعب مل العبودية، اندلقت بعض التصريحات الغربية مؤيدة، أو محايدة، وسرعان ما تراجع مطلقو التصريحات عن آرائهم، وصمتوا على كل الانتهاكات التي اقترفتها قوى الثورات المضادة، بل دعم الغرب بكل ما أوتي من قوة هذه الثورات السوداء، وأضفيت عليها «شرعيات» دولية، وتم توفير كل ما يلزم من مال وتآمر وجهود مختلفة لإنجاحها، على العكس تماما مما جرى في أوكرانيا، حيث يجري الحديث عن بلد «أوروبي» يتعين أن يتم إنقاذه، باعتبار أن دم الأوكرانيين، من فئة مختلفة عن دم أبناء فلسطين او سوريا أو مصر، أو ليبيا!
كل الأحاديث التي جرت وتجري، عما يسمى النظام الدولي، ومواثيق ومعاهدات وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لا تساوي «قفة تبن» لا تشبع حمارا جائعا، فما بالك بإنقاذ أمة؟ على هذه الأمة، او عقلائها على الأصح، ان تكف عن التطلع للخلاص عبر عالم ليس لنا، والجهة الوحيدة التي يتعين علينا النظر إليها خارج حدود الوطن العربي، باعتبارها حليفا محتملا نشترك وإياه بتاريخ ودين وقيم، هي تركيا فقط، وما عدا ذلك، فهراء!
درس أوكرانيا لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، وكل ما فات من تاريخ هذه الأمة وهي تنتظر أن يحرث الأرض عجول غير عجولها، كان مضيعة للوقت، او مجرد دجل مقصود به إلهاء الناس، وتخديرهم، وكل من يشيع مثل هذه الأفكار منتفع من الوضع القائم او جاسوس مندس، يعمل لصالح أسياده، وأي كلام خارج هذا الإطار «تغميس خارج الصحن»!
فلسطين منذ ما يقارب سبعة عقود أو أكثر ضاعت – أو تكاد- بين أروقة الأمم المتحدة، ودفنت تحت أطنان من قرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة، وكل ما صدر بحقها لم يمنع بساطير الاحتلال من رسم حدود دولة الاحتلال بدم الفلسطينيين، ولم يحرر ملليمترا من الأرض، ولم يكن له رد فعل عملية واحدة للمقاومة!


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news