مسرح عرائس!
حلمي الأسمر
آخر هؤلاء الذين خجلوا من البقاء في ساحة «منافسة» تفتقر إلى الحدود الدنيا من «الإنصاف» والنزاهة، كان المحامي والحقوقي المصري خالد علي المرشح المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث أعلن عزمه عدم خوض هذا السباق، ليصبح هو المرشح المحتمل الثاني الذي يبتعد عن خوض الانتخابات، التي لم يتحدد موعدها بعد، علي قال، وهو مرشح سابق في الانتخابات الرئاسية عام 2012، في مؤتمر صحفي أمس الأحد: «لو عايزين انتخابات بجد لا بد من إلغاء قانون التظاهر وإطلاق سراح جميع المحبوسين، وتعديل قانون الانتخابات الرئاسية» وطبعا هذه شروط «تعجيزية» يعرف علي قبل غيره أن أحدا في سلطة مصر الحالية لن يستمع لها، وليست في مدى اهتمامه أصلا، ولكن يبدو أن الرجل من باب «المعذرة إلى الله» أطلق هذه الشروط!
أما لماذا يرفض خالد علي الدخول في السباق الرئاسي، فتلك قصة اخرى، حيث يصف هذا السباق بـأنه «مسرح عرائس»، وفي هذا الصدد يقول علي «أغلقوا مسرح العرائس وعلى قادة الجيش أن يبتعدوا عن السياسة»!
سبق علي في هذا الموقف أحمد شفيق المرشح الخاسر أمام الرئيس المنتخب محمد مرسي حيث قال قبل عدة أيام في تسجيل مسرب إنه لن يترشح للانتخابات طالما رغب السيسي بالترشح لان العملية ستكون مهزلة ومجيرة من قبل الجيش لصالح السيسي، وسبقهما أيضا الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، في أوائل شباط فبراير الماضي، عندما عقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه عدم مشاركته في الانتخابات الرئاسية القادمة، واصفا المشاركة فيها بـ»التدليس السياسي»، وقال حينها: «نحن لا نرضى لضمائرنا أن نشارك في عملية تدليس على شعبنا أو خديعة للشعب المصري، لا يوجد للأسف أي مسار للديمقراطية في مصر الآن» ليعقبه في هذا القرار رئيس أركان حرب الجيش المصري السابق، الفريق سامي عنان، والذي أعلن الانسحاب قبل أيام، واصفا القرار بأنه «جاء للحفاظ على وحدة الجيش والشعب» !!
ترى..
ما سر هذه الانسحابات؟ وهل هي مصادفة أن يخوض اخطر انتخابات في أكبر بلد عربي مرشح واحد فقط؟ لماذا يهرب المرشحون من مواجهته؟
الحقيقة التي لا يحب أن يتكلم بها البعض أن مصر «مختطفة» على نحو أو آخر،و تحولت إلى «جمهورية للخوف» على حد تعبير أبو الفتوح، ولا أدري ما مستقبل بلد كمصر، تحكمها عقليات بهذا المستوى، وكم سيمر عليها قبل أن تعود إلى رشدها، وكم ستدفع ثمنا من دم وقوت ابنائها، ريثما يجد عقلاؤها صيغة ما لإعادتها إلى ما كانت تنعم به من أمن واستقرار؟؟
(الدستور)