نصراللـه و«تأخره» في الذهاب إلى سوريا!!
ياسر الزعاترة
جو 24 : نضطر بين وحين وآخر، وربما مع كل إطلالة للأمين العام لحسن نصر الله إلى العودة إلى سياسة الحزب في سوريا، ربما لأننا إزاء نموذج من نماذج الانقلاب على المبادئ لصالح السياسة، وربما لأننا لا نجد من سبيل غير الدفاع عن الشعب السوري في مواجهة “بروباغندا” تمعن في تشويهه عبر خطاب يتشاطر كي يبرر ما لا يمكن تبريره.
والحال أنه ما من مرة خرج أو تحدث فيها حسن نصر الله إلا ووجه إهانة للشعب السوري، ليس بشكل مباشر بالطبع، ولكن بطريقة غير مباشرة، لكنها واضحة ومفضوحة إلى حد كبير، فهو إذ يزكّي طاغية، فإنما يهين شعبا بأكمله، لأنه يرى أن بشار والعصابة الحاكمة هي المقاومة والممانعة، بينما الشعب الذي ثار عليها هو مشروع عميل للصهاينة والأمريكان.
واللافت هنا، وهو ما يفضح البعد الطائفي للخطاب أن شيئا من ذلك لم يتكرر على سبيل المثال مع الشعب العراقي، وتحديدا مع من جاؤوا على ظهر الدبابة الأمريكية، والذين طالما دافع عنهم نصر الله، وها إن سيدهم (المالكي) يغدو جزءا من محور المقاومة والممانعة، فلماذا يفترض أن من جاؤوا على ظهر دبابة العدو سيتحولون إلى مقاومين وممانعين، بينما يكون من خرجوا يطلبون الحرية والتعددية والكرامة ونبذ الفساد والاستبداد من تلقاء أنفسهم، وكجزء من ربيع العرب الذي سمّاه “الولي الفقيه” بـ”الصحوة الإسلامية”، لماذا ينبغي أن يغدو هؤلاء محض عملاء للإمبريالية والصهيونية؟!
لا إجابة مقنعة هنا، ولا على حكاية “القوى التكفيرية” كما يسميها، والتي كانت تتراجع عموما في المنطقة بعد ربيع العرب قبل أن تتقدم من جديد على إيقاع الصراع المسلح في سوريا بعد 6 شهور من بذل الدماء في الشوارع دون رصاصة واحدة (بتأكيد فاروق الشرع نائب بشار)، وهي ذات القوى التي يكيل لها نصر الله الشتائم، بينما كان حلفاؤه من يساريين وقوميين يدبجون فيها القصائد حين كانت تواجه الاحتلال الأمريكي للعراق، فيما يتهمون المالكي وأصحابه بالعمالة، وهو ما يبدو مقلوبا الآن!!
القوى التي يصفها نصر الله بالتكفيرية هذه لم تكن موجودة في سوريا، وشعبها بدأ ثورة سلمية خالصة، لكن العقل الطائفي الذي سيطر على البلد، وجعل 10 في المئة من سكانه سادة على الباقين، لم يكن ليقبل بذلك، وهو نفسه الذي استدرج الثورة إلى العنف والسلاح من أجل تبرير قمعها بأبشع أنواع العنف، ومن أجل أن يكون بوسع نصر الله أن يتدخل عسكريا في الأزمة؛ أولا بحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب، ثم لحماية اللبنانيين في القرى الحدودية، وتاليا في “حرب استباقية” بدعوة حماية ظهر المقاومة التي لم تعد موجودة بعد اتفاق 1701 إثر حرب تموز 2006، ثم من أجل منع التكفيريين من التمدد إلى لبنان؛ وذلك في مسلسل من التبريرات الذي تابعه محبو الشعب السوري وثورته بكثير من الازدراء.
الآن، وفي خطاب السبت الأخير يخرج علينا نصر الله ليقول إن تدخل حزب الله في سوريا لم يكن خطأ، وإنما الخطأ كان في تأخره في الذهاب إليها، وهذه المرة لأن ذهابه إلى هناك إنما هو دفاع عن كل اللبنانيين، وكان ينبغي للآخرين أن يذهبوا أيضا!!
على من يمرُّ هذا الكلام؟ وهل أضاف بشار الأسد إلى كونه رمز المقاومة وهبة الله إلى الشعب السوري، أضاف إلى ذلك أنه حامي حمى لبنان واللبنانيين، وهل إن سقوطه كان سيعني تدميرا للبنان، ومن ثمَّ إعادة احتلاله من قبل نتنياهو مثلا؟!
أي شعبين ودولتين بائستين تلكما اللتين ترتبطان بمصير نظام دموي فاسد، وأي بؤس ينطوي عليه هذا الخطاب الذي يستعيد بالطبع حكاية ما يسميه “القوى التكفيرية” التي لا يريد الاعتراف بأن ما تفعله في لبنان، إنما هو رد فعل على تدخله في سوريا، وهو ما قالته مرارا وتكرارا. ولا تنس تجاهله لحقيقة أن ثورة الشعب السوري كانت ثورة ضمن سياق الربيع العربي، ولم تكن ضد المقاومة والممانعة، ولا ضد لبنان بأي حال من الأحوال، ولم يفكر أبناؤها بذلك من قريب أو بعيد.
كثير هو الكلام الذي يمكن أن يقوله المرء في هذا السياق، لكن ما نختم به، وسنظل نذكره دائما دون توقف هو أن هؤلاء الذين طالما تغنوا بالحسين الشهيد، وبالدم الذي انتصر على السيف ما لبثوا يقفون في صف يزيد الذي يمثله بشار، ضد الشعب السوري الذي يمثل الحسين الذي ثار ضد فاسد مستبد من دون أن يُتهم بالعمالة لأن يزيدا كانت له جيوش تخوض معاركها التاريخية ضد أعداء الأمة. هنا، وهنا تحديدا تتبدى فضيحة هذا الخطاب، ويا لها من فضيحة.
ولا ننسى أيضا بؤس ذات الخطاب إذ يتحدث عن نظام متماسك لأن “الشعب ملتف من حوله”، فيما هو لا يحقق أن تقدم أو “انتصار” إلا عبر مقاتلي حزب الله والكتائب الشيعية المجلوبة من العراق وسواه، وبالطبع لأن جيشه متهالك ويقاتل بمعنويات منهارة لولا إسناد القادمين من الخارج محمولين على خطاب عقائدي يعتبر أن مصير طائفة بعينها مرهون ببقاء طاغية يقتل شعبه، مع أن ذلك ليس صحيحا بحال.
(الدستور)
والحال أنه ما من مرة خرج أو تحدث فيها حسن نصر الله إلا ووجه إهانة للشعب السوري، ليس بشكل مباشر بالطبع، ولكن بطريقة غير مباشرة، لكنها واضحة ومفضوحة إلى حد كبير، فهو إذ يزكّي طاغية، فإنما يهين شعبا بأكمله، لأنه يرى أن بشار والعصابة الحاكمة هي المقاومة والممانعة، بينما الشعب الذي ثار عليها هو مشروع عميل للصهاينة والأمريكان.
واللافت هنا، وهو ما يفضح البعد الطائفي للخطاب أن شيئا من ذلك لم يتكرر على سبيل المثال مع الشعب العراقي، وتحديدا مع من جاؤوا على ظهر الدبابة الأمريكية، والذين طالما دافع عنهم نصر الله، وها إن سيدهم (المالكي) يغدو جزءا من محور المقاومة والممانعة، فلماذا يفترض أن من جاؤوا على ظهر دبابة العدو سيتحولون إلى مقاومين وممانعين، بينما يكون من خرجوا يطلبون الحرية والتعددية والكرامة ونبذ الفساد والاستبداد من تلقاء أنفسهم، وكجزء من ربيع العرب الذي سمّاه “الولي الفقيه” بـ”الصحوة الإسلامية”، لماذا ينبغي أن يغدو هؤلاء محض عملاء للإمبريالية والصهيونية؟!
لا إجابة مقنعة هنا، ولا على حكاية “القوى التكفيرية” كما يسميها، والتي كانت تتراجع عموما في المنطقة بعد ربيع العرب قبل أن تتقدم من جديد على إيقاع الصراع المسلح في سوريا بعد 6 شهور من بذل الدماء في الشوارع دون رصاصة واحدة (بتأكيد فاروق الشرع نائب بشار)، وهي ذات القوى التي يكيل لها نصر الله الشتائم، بينما كان حلفاؤه من يساريين وقوميين يدبجون فيها القصائد حين كانت تواجه الاحتلال الأمريكي للعراق، فيما يتهمون المالكي وأصحابه بالعمالة، وهو ما يبدو مقلوبا الآن!!
القوى التي يصفها نصر الله بالتكفيرية هذه لم تكن موجودة في سوريا، وشعبها بدأ ثورة سلمية خالصة، لكن العقل الطائفي الذي سيطر على البلد، وجعل 10 في المئة من سكانه سادة على الباقين، لم يكن ليقبل بذلك، وهو نفسه الذي استدرج الثورة إلى العنف والسلاح من أجل تبرير قمعها بأبشع أنواع العنف، ومن أجل أن يكون بوسع نصر الله أن يتدخل عسكريا في الأزمة؛ أولا بحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب، ثم لحماية اللبنانيين في القرى الحدودية، وتاليا في “حرب استباقية” بدعوة حماية ظهر المقاومة التي لم تعد موجودة بعد اتفاق 1701 إثر حرب تموز 2006، ثم من أجل منع التكفيريين من التمدد إلى لبنان؛ وذلك في مسلسل من التبريرات الذي تابعه محبو الشعب السوري وثورته بكثير من الازدراء.
الآن، وفي خطاب السبت الأخير يخرج علينا نصر الله ليقول إن تدخل حزب الله في سوريا لم يكن خطأ، وإنما الخطأ كان في تأخره في الذهاب إليها، وهذه المرة لأن ذهابه إلى هناك إنما هو دفاع عن كل اللبنانيين، وكان ينبغي للآخرين أن يذهبوا أيضا!!
على من يمرُّ هذا الكلام؟ وهل أضاف بشار الأسد إلى كونه رمز المقاومة وهبة الله إلى الشعب السوري، أضاف إلى ذلك أنه حامي حمى لبنان واللبنانيين، وهل إن سقوطه كان سيعني تدميرا للبنان، ومن ثمَّ إعادة احتلاله من قبل نتنياهو مثلا؟!
أي شعبين ودولتين بائستين تلكما اللتين ترتبطان بمصير نظام دموي فاسد، وأي بؤس ينطوي عليه هذا الخطاب الذي يستعيد بالطبع حكاية ما يسميه “القوى التكفيرية” التي لا يريد الاعتراف بأن ما تفعله في لبنان، إنما هو رد فعل على تدخله في سوريا، وهو ما قالته مرارا وتكرارا. ولا تنس تجاهله لحقيقة أن ثورة الشعب السوري كانت ثورة ضمن سياق الربيع العربي، ولم تكن ضد المقاومة والممانعة، ولا ضد لبنان بأي حال من الأحوال، ولم يفكر أبناؤها بذلك من قريب أو بعيد.
كثير هو الكلام الذي يمكن أن يقوله المرء في هذا السياق، لكن ما نختم به، وسنظل نذكره دائما دون توقف هو أن هؤلاء الذين طالما تغنوا بالحسين الشهيد، وبالدم الذي انتصر على السيف ما لبثوا يقفون في صف يزيد الذي يمثله بشار، ضد الشعب السوري الذي يمثل الحسين الذي ثار ضد فاسد مستبد من دون أن يُتهم بالعمالة لأن يزيدا كانت له جيوش تخوض معاركها التاريخية ضد أعداء الأمة. هنا، وهنا تحديدا تتبدى فضيحة هذا الخطاب، ويا لها من فضيحة.
ولا ننسى أيضا بؤس ذات الخطاب إذ يتحدث عن نظام متماسك لأن “الشعب ملتف من حوله”، فيما هو لا يحقق أن تقدم أو “انتصار” إلا عبر مقاتلي حزب الله والكتائب الشيعية المجلوبة من العراق وسواه، وبالطبع لأن جيشه متهالك ويقاتل بمعنويات منهارة لولا إسناد القادمين من الخارج محمولين على خطاب عقائدي يعتبر أن مصير طائفة بعينها مرهون ببقاء طاغية يقتل شعبه، مع أن ذلك ليس صحيحا بحال.
(الدستور)